إفراج “حماس” عن الجندي الأميركي/ الإسرائيلي”.. رسالة سياسية أم مقامرة غير محسوبة؟
فلسطين/ خاص “المدارنت”
إفراج حركة “حماس” عن الجندي الأميركي/ “الإسرائيلي”، عيدان ألكسندر، من دون مقابل، لا يمكن اعتباره مجرد لفتة إنسانية، بل هو رسالة سياسية موجهة بعناية، وتحديدًا إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في وقت حساس محليًا ودوليًا.
الإجراء لم يكن مصحوبًا بأي نوع من التبادلات: لا وقف لإطلاق النار، ولا مساعدات إنسانية، ولا حتى إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين. فهل كانت هذه الخطوة استثمارًا سياسيًا طويل الأمد؟ أم مغامرة على أمل لفت الأنظار الأمريكية نحو “حماس”، كلاعب محتمل في أي تسوية قادمة؟
من ناحية، يحاول قادة “حماس” التلميح إلى أنهم قادرون على اتخاذ قرارات استراتيجية، تهدف إلى كسر عزلتهم الدولية، لكن من ناحية أخرى، هذا التحرك قد يُنظر إليه داخليًا على أنه تخلي مجاني عن ورقة ثمينة، خصوصًا في وقت تتعرض فيه غزة لأزمة غير مسبوقة على كافة الأصعدة.
السؤال الأكبر الذي يتردد اليوم في أذهان كثيرين داخل غزة وخارجها: هل تعكس هذه الخطوة رؤية ناضجة تسعى لفتح قنوات حوار جديدة؟ أم أنها محاولة يائسة لبناء جسر سياسي مع شخصية مثيرة للجدل مثل ترامب، قد لا تكون في موقع القرار مستقبلًا؟
الأكيد أن الإفراج عن أسير من دون مقابل في ظل حصار ومعاناة إنسانية عارمة، بحاجة الى تفسير شفاف، وإجابة واضحة، ما الذي حصل عليه الشعب الفلسطيني، مقابل هذا “الكرم السياسي”؟!
إن اللعب على الحبال الدولية، لا يجب أن يأتي على حساب المصلحة الشعبية. غزة ليست منصّة للرسائل السياسية المجانية، بل بيت يعيش فيه شعب يطالب بالعدالة، لا بالمفاجآت الفردية.
في خضمّ التدهور الإنساني والسياسي في قطاع غزة، تتجه حركة “حماس” نحو تعزيز حضورها الديبلوماسي عبر محاولات واضحة للتواصل مع الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة. هذه التحركات يُنظر إليها كمحاولة لإعادة رسم صورة “حماس” على الساحة الدولية، وتقديمها كممثل وحيد وأوحد لغزة، متجاوزة بذلك السلطة الفلسطينية، والدور الوسيط الذي تلعبه دول عربية كبرى مثل مصر وقطر.
التحليلات السياسية، تشير إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار استباق أي اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار، حيث تسعى “حماس”، الى لضمان بقاء سيطرتها على القطاع ولعب دور أساسي في أي ترتيبات سياسية مستقبلية.
ويقول بعض المراقبين: “إن الحركة تسعى بذلك إلى فرض واقع سياسي جديد، يُقصي الجهات الأخرى ويعزز من شرعيتها الدولية”.
لكن هذه المحاولات تثير جدلاً واسعًا، خصوصًا في ظل اتهامات متزايدة لحماس بالفشل في إدارة الشأن الإنساني في غزة، واستمرار الاحتجاجات الشعبية على تدهور الأوضاع المعيشية. ويرى منتقدو الخطوة أنها تجاهل لإرادة الناس التي تبحث اليوم عن قيادة وطنية موحدة، لا فصائل تتنافس على التمثيل السياسي.
يقول أحد سكان غزة: “نحن لا نحتاج من يتحدث باسمنا في الخارج فقط، بل من يحمينا في الداخل ويوفر لنا الطعام والأمان”. ويضيف آخر: “أي تمثيل لا ينبع من توافق شعبي فلسطيني لن يكون إلا تعزيزًا للانقسام”.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تنجح حماس في إعادة تعريف نفسها أمام العالم، أم أن سعيها للانفراد بالتمثيل سيكون خطوة تزيد من تعقيد المشهد الفلسطيني وتُعمّق من عزلة غزة عن العالم؟