تربية وثقافة

التأخّر الدراسي عند الطفل..

سميرة الغالي/ لبنان

خاص “المدارنت”..

إن التأخر الدراسي مشكلة تربوية نفسية لفتت أنظار المربين وعلماء النفس فدرسوا أبعادها وأسبابها وطرق علاجها. فالتأخر الدراسي هو انخفاض مستوى التحصيل العلمي عن المستوى المتوقع، حيث يكون مستوى تحصيل هؤلاء الأطفال الدراسي اقل من مستوى اقرانهم.

وتؤكد ليال حمزة الاختصاصية في علم النفس العيادي، ان افضل طريقة للتعرف على التلاميذ المتأخرين دراسيا هي إجراء اختبار ذكاء فردي وقد تكون هذه الطريقة باهظة الثمن الا انها مفيدة خصوصاً ان هذه الفئة تعاني من بطء وصعوبة في التعلم إضافة إلى تشتت الانتباه عند غالبية الأطفال. فالاختبارات العادية التحصلية المدرسية قد لا تكون دقيقة فقد تتأثر بأساليب الغش خوفا من الاخفاق أو الظروف النفسية التي يعيشها الطفل داخل المدرسة ممكان غير متخصص لتحديد مستوى ذكاء الطفل بدقة.

هناك عوامل عدة للتأخر الدراسي اهمها

العوامل العقلية؛ هناك عوامل عقلية مرتبطة بالتأخر الدراسي منها ضعف الذكاء أو قصور في القدرات كالقدرة على التركيز القدرة اللغوية أو القدرة الهندسية وهذا ما أكده العالم شيلدر، الذي قال ان العقلية المنخفضة ترجع لأسباب وراثية.

العوامل العضوية من الأسباب المؤثرة في التأخر الدراسي قد تكون تأخر في النمو وضعف البنية أو التلف المخي أو ضعف في الحواس كالسمع والبصر والضعف الصحي العام واضطراب الكلام. فضعف السمع الجزئي كذلك ضعف البصر الجزئي عند بعض الحالات يؤثر على قدرة الطفل على تمييزالأصوات والأشكال ما قد ينعكس سلبا على درجة تحصيله العلمي.

كما أن فرط النشاط وتشتت الانتباه كبير الاثر في هذا التأخر الدراسي رغم كمال البنية الجسدية وسلامة جميع الأعضاء.

معاناة صعوبة النطق كذلك تحول دون قدرة التلميذ على التعبير الصحيح، ضِف على ذلك تأخرا في الكتابة وضعف الذاكرة.

يعد التنمر من العوامل المؤثرة على الطفل خصوصا من قبل اقرانه، ما يجعله معرضا للسخرية وبالتالي الاحباط النفسي والشعور بالنقص.

ما يؤثر على مستوى أدائه الأكاديمي فعلى المربي والمربية توجيه الأطفال نحو مساحة من الحرية اي الثقة في التعبير دون جرح الاخر عبر تبادل الرسائل أو الألعاب الحوارية والقصص حسب كل فئة عمرية..

فكل طفل له حقوق وعليه واجبات

العوامل الإنفعالية؛ القلق والاضطراب العصبي من العوامل التي تؤثر كثيرا على آداء الطفل الدراسي، حيث يظهر لديه كره الجلوس لتلقي المواد الدراسية، سواء أحبها أم لا، ففكرة الاجتهاد بعيدة نوعا ما عن هذه الفئة من التلاميذ، لأنها أعمال تتطلب الدقة والتركيز والانتباه؛ لذا يكثر النقص في الترتيب وخصوصا الخط كل ذلك يعود المزاج النفسي، حيث اثبت العالم النفسي اوتيل سنة 1981، ان مستوى التحصيل الدراسي التلاميذ ذوي القلق المنخفض افضل من مستوى التحصيل الدراسي لتلاميذ ذوي القلق المرتفع. فهناك علاقة بين القلق والتحصيل العلمي..

اسباب تتعلق بالاسرة؛

ان الأسرة هي اول وأهم وسيط في عملية التنشئة الاجتماعية؛ فتمثل القاعدة التي سينطلق منها الطفل إلى المجتمع. إن قلة الاستقرار العائلي يقصد به عدم التواصل، وكثرة المشاجرات أو الطلاق والتذبذب في تدليل الطفل، أو شدة عقوبته حيث يفتقد الطفل للأمان الاسري، ما يسبب اختلالا” في التوازن الإنفعالي، ما يؤثر على حال الطفل، وبالتالي على تحصيله العلمي. المستوى الثقافي للاسرة؛ يؤدي المستوى التعليمي دورا “أساسيا”.

في تقدم الأبناء وتفوقهم العلمي؛ هذا ما أكدته دراسات كل من الباحث دوغلاس والباحث هالس حيث ركزت جميعها على أهمية العلاقة المتبادلة بين المستوى التعليمي للاسرة والإنجاز عند الأطفال، حيث يكون للاسرة دور واضح و فعال من خلال الدعم والمساندة.

المستوى الاقتصادي للأسرة؛ الفقر قد يكون من أسباب التأخر الدراسي، فقد ثبت لعلماء النفس والاجتماع والتربية، ان تدني المستوى الاقتصادي والثقافي للاسرة، لا يوفر للطفل المثيرات التربوية الكافية، والامكانيات التي تساعد على نمو شخصيته ورغبته لتلقي المواد الدراسية.

ملخص العوامل المؤثرة في التأخر الدراسي

تنقل التلميذ المستمر من مدرسة إلى أخرى، الخلافات العائلية المتكررة، تشتت الانتباه وفرط الحركة، التنمر من قبل الاقران داخل الصف، التمييز بين الأخوة في البيت الواحد، اسلوب التربية الخاطئ، سواء في البيت أو المدرسة اي عدم الثبات والاستقرار في التعامل، إرهاق الطفل ودفعه الى التعلم بقوة، تفوق قدرته ما يولد الشعور بالخيبة والنقص، تغييب الاهل المستمر لاطفالهم عن المدرسة لأسباب غير ضرورية، غياب التواصل بين الوالدين والمدرسة، اسباب تتعلق بالمدرسة،

انعدام وسائل الايضاح أو قلتها أو سوء استخدامها، البناء المدرسي غير الصحي، أو غير المعد لاستيعاب اعداد هائلة وغير كاف من حيث الأجهزة وملحقاتها، عدم تقدير كل طفل والبحث عن موهبةكل منهم، سوء المناهج وعدم ارتباطها بالواقع

علاج التأخر الدراسي؛ يرتكز هذا العلاج على أربعة محاور، وهي:

العلاج الطبي؛ القصور في السمع والبصر والتهاب اللوزتين وعيوب الغدد الصم وسوء التغذية، حيث على الطفل تناول أغذية مثل اللبن، القشدة، الزبدة والبيض والمكسرات، ما يؤثر بالايجار على حيوية التلميذ ونشاطه في المدرسة.

العلاج النفسي

 يهدف العلاج النفسي إلى تقديم خدمات إلى التلاميذ والاخذ بإيديهم حتى يتعرف التلميذ على حالته كفرد مميز وكعضو فعال في جماعة، الكشف عن ميول التلميذ والعمل على تمنيتها كي تنمو وتزهر، مساعدة التلميذ في وضع خطة تساعده على تقويم تحصيله الدراسي، مساعدة التلميذ في توجيهه إلى مهنة تتناسب مع قدراته وميوله، تغيير الاتجاهات السلبية نحو التعليم ونحو المدرسة والمجتمع بصفة عامة، تغيير المفهوم السلبي للذات، وتكوين مفهوم جديد اكثر ايجابية، تنمية الدوافع وتكوين الثقة في نفس التلميذ المتأخر دراسياً، تعاون الأسرة مع المدرسة، وبالتالي مع المرشد النفسي، وفي بعض الأحوال يحتاج الطفل الى جلسات متكررة ومنتظمة، اي اللجوء إلى عيادات نفسية وتربوية متخصصة.

العلاج التربوي

إرشاد التلميذ المتأخر دراسيا وتعلمه طرق استذكار المواد الدراسية عمليا، وضع جدول عملي لتنظيم الوقت واستغلاليه في الاستذكار والمراجعة، عقد لقاءات مع أولياء التلاميذ لمناقشة أحوالهم بسرية تامة، اي مناقشة كل حال تلميذ على حدة، إعادة تعليم المادة من البداية وتكرارها والتدرج خطوة بخطوة، وتوفير جو من الانسجام والارتياح ومدح التلميذ عند أي تقدم ملموس.

العلاج الاجتماعي

تحسين مستوى التوافق الاسري والاجتماعي والتعاون الدائم بين الأسرة والمدرس، امتناع الاهل عن ذكر أهمية النجاح، بالمقارنة بين الأخوة أو طلاب صفه، بل ترك الطفل يدرك أهمية النجاح بطرق غير مباشرة كالتشجيع المستمر، مساعدة التلميذ على تكوين صورة إيجابية عنه وعن أهله ونحو المدرسة، وبالتالي، المجتمع بصفة عامة، تقديم بعض المساعدات المالية الى الأسر المحتاجة، وضرورة متابعة الطفل اعوامه الدراسية بنجاح، دمج الطفل مع جماعات تنمي حواسه وتوسّع مداركه الفكرية، وتقوّي آفاق التواصل وتؤمن الاندماج.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى