الجميع آثمون.. واليمن وحده الضحية..!
“المدارنت”..
ليس كالإنسان اليمني أحد في البشر بما يعانيه، ليس من جوع وتشريد وعدم أمان وحسب، وإنما حتى في الرؤية والإنصات إلى آثار ونتائج تلك المعاناة، التي تبدو كعقاب جماعي لا يعرف له سبب أو حجة أو داع صريح يبرر ولو جزءاً منه..!
ما يعانيه اليمنيون اليوم، وخصوصاً في الداخل، وكمثال تحت سلطة الانقلاب “الحوثي”، جريمة يندى لها جبين الجميع، ابتداء من سلطة الشرعية ووصولاً إلى المنظمات والهيئات والأنظمة العالمية.
فلا يعاني اليمنيون، ما يعانونه طوال عقد من الزمن نتيجة حصرية للانقلاب، أو لقوة هذه الجماعة الإرهابية المنقلبة، وما أصبحت تقره الوقائع وتثبته والأحداث، أن هذه العصابة (الحوثيّين) أضعف وأوهى مما كان ولا يزال يراد أن يشاع عنها منذ البدايات الأولى للانقلاب..!
لقد أصبح كثير من اليمنيين اليوم يعتقدون بشكل قريب من اليقين، أنهم وقعوا في فخ هذه الأزمة التي بدأت واستمرات لسنوات بحرب ودمار وسفك دماء وتشريد، ثم ببطش وقهر وانعدام للأمن الجسدي والاقتصادي والاستقرار السياسي، واستجلاب واختلاق الفوضى من أجل الفوضى، بل بالأصح من أجل استهداف اليمن، وكأن كل هذا كان ولا يزال مشروعا مشتركا بين الجميع، “حوثيّون” وشرعية ودولا راعية ومجتمعا دولياً أيضاً، إلى حد أن كثيراً من أبناء الشعب باتوا يشككون، بحسرة وغضب شديدين وبندم لا مزيد عليه، في وجود خصومة فعلية بين المختصمين أيا كانوا، وأنهم وحدهم فقط من يتواجدون في موقف الخصومة لكل الأطراف المذكورة..!
ولا أدل على ذلك مما صار إليه البلد والشعب من وضع بائس مفتوح الأمد والخسارات من جهة، وما أصبح عليه المختصمون في زمن قياسي من قوة وثراء وقدرة على استطالة الأزمة وتوسعة شعابها ومجاهلها، كل منهم محتمٍ بأسباب ومبررات لا يكاد يتقبلها عقل أو يحتملها منطق، بل وصل الأمر إلى أن الاستعانة بالأسباب والمبررات، لم يعد من الأمور المستوجبة، سواء على مستوى الأطراف، أو على المستوى الدولي..
فقط عليك كيمني أن تعيش ما أنت فيه وأن تواجه ما تواجهه، من دون حتى السؤال عن الكيفيات والتخريجات الفعلية، التي أوصلت هذه الأزمة إلى ما وصلت إليه.. لم يعد من حقك حتى الشكوى مما أنت فيه، وإن حدث وأطلقت تلك الشكوى فلا أرض تقلها ولا سماء تظلها ولا جدران تتقاذف أصداءها..!
وأكثر ما يثير الحنق والغضب حقاً، أن الجميع من دون استثناء، لا يفوتون فرصة للمزايدة بما يعانيه اليمنيون، فكلٌ من المتنازعين الطامعين والمتامرين يدعي الحق وامتلاك الحقيقة، ويؤكد وجود عدوان على اليمن واليمنيين من قبل الآخر..!
بينما تحول الرعاة (رعاة هذه الأزمة ومدبروها)، ومن ورائهم موقف المجتمع الدولي عموماً ومنظماته وهيئاته، من توجيه الإدانة وفرضية التدخل لإيقاف هذه المهزلة الكبرى، إلى شهود عيان، يكتفون بإعداد الإحصاءات والتقارير المطولة والشهادات المرتبة بعناية الحياد المدعى، حول هذه الأوضاع البائسة التي يعانيها اليمنيون، وكأن ليس في الحال ما يعنيهم، بينما هم في حقيقة الأمر من يقفون وراء كل ما حدث ويحدث في هذا البلد المغلوب على أمره..!