الخلل بنيوي والتمظهر مخلوفي..
خاص مواقع almadarnet.com
و”ملتقى العروبيين” arabiansforum.net/archives/3793
و”مصير” maseer.net/archives/16524
“المدارنت”..
لعل ظهور رامي مخلوف الإعلامي الفيسبوكي، من خلال إطلالتين تفصل بينهما ثلاثة أيام فقط، تشير إلى ماهية الواقع المتفكك داخل جوانية وبنية النظام السوري برمته، الذي عمل عبر سنوات تغوله على السلطة السورية، ومنذ انقلاب حافظ الأسد 16 تشرين ثاني/ نوفمبر 1970،على تعميم ظاهرة الفساد والإفساد في الدولة والمجتمع، وإفساح المجال لحاشيته، من آل الأسد ومخلوف، للإجهاز على ما تبقى من الاقتصاد السوري، ومؤسسات وثروات الدولة السورية، التي اشتغلوا فيها نهبًا منظمًا وممنهجًا، حتى باتت نسبة الـ5 بالمائة أيقونة نهبوية معروفة ومشاعة، أمام كل من يفكر بالقيام في أي عمل استثماري داخل الجغرافيا السورية، سواء مع رفعت الأسد وشفيق فياض وعلي حيدر ومحمد مخلوف أيام المقبور حافظ الأسد، أو مع الأخطبوطات المالية شريكة النظام بالنهب والسرقة، وعلى رأسهم محمد ورامي مخلوف، وهو ما جعل الاقتصاد السوري نهبًا مخطوفًا لصالحهم، ومن ثم تراكم الثروة غير المسبوق الذي تجاوزت نسبته الستين بالمئة من هيمنة مخلوفية شريكة مع آل الأسد، في أقل التقديرات، وهناك من يتوقع تجاوزها عتبة ال 80 بالمائة.
لقد عملت منظومة الفساد والنهب الأسدية/ المخلوفية على جني الأرباح والخوات، والنسب المفروضة، والدخول في جل الشركات الاقتصادية السورية للقطاعين الخاص والعام، ومن ثم اختراعهم المنجز والمقونن الذي أسموه القطاع المشترك، وصولًا إلى سياسات اتسمت بتغطية مستمرة وتحت أسماء متجددة ومتعددة، ضمن عملية انقلابهم على (الاشتراكية) المدعاة بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. ليكون اختراع اقتصاد (السوق الاجتماعي) الذي كان أحد أبواب النهب، المبرمج والممنهج، بدعوى انتقال الاقتصاد من (الاقتصاد الاشتراكي) إلى (اقتصاد السوق الحر). والذي كان مجرد عملية اشتراك في النهب والتغول والسرقة ليس إلا، ولم يقترب لا من قريب ولا من بعيد نحو أية صيغة اقتصادية (اشتراكية)، أسوة بما كان سائدًا في مرحلة وجود السوفييت ومنظومة الدول الاشتراكية.
اليوم وبعد أن طال أمد الشراكة النهبوية بين آل مخلوف وآل الأسد، وبعد أن تعددت أنواع الارتباطات الخارجية الإلحاقية، بين إيران المحتلة لأجزاء من سورية، أو تلك الحالات التي بيع فيها الاقتصاد السوري والوطن السوري للمحتل الثاني/ الروسي، وما نتج عنه من شح في الأموال، حيث أفرغت الخزينة السورية من كل محتوياتها المالية، وهبط سعر صرف الليرة السورية ليصل إلى ما هو أكثر من 1400 ليرة سورية للدولار الواحد، وتوقفت عجلة ضخ الأموال الإيرانية للخزينة الأسدية، بعد الضائقة الاقتصادية الكبرى التي يعيشها الاقتصاد الإيراني المتهالك، والضغط الشعبي وانتفاضات الشعوب الإيرانية على دولة الملالي، وما جاءت به جائحة كورونا من خسائر على الواقع المالي الإيراني وانخفاض أسعار النفط غير المتوقعة أو المسبوقة، والتي ساهمت هي الأخرى بإصرار الروس على مطالبة النظام بدفع ما عليه من فواتير القتل التي مارسها الطيران الروسي والأسدي ضد الشعب السوري، كل ذلك وسواه ساهم في بروز الخلافات البنيوية إلى السطح بين مخلوف والأسد، وهذا يشير إلى أن الخلل لم يكن شكلانيًا، بل بنيويًا بامتياز، ساهمت ظروف الثورة السورية والحرب المعلنة من قبل النظام على شعبه، في تظهير نتاجاتها إلى العلن هذه المرة، وعبر إطلالات رامي مخلوف، الذي بات يتلمس رأسه بعد أن طالت الاعتقالات معظم معاونيه ومدرائه الذين يملكون مفاصل العمل النهبوي في (سيرياتيل) وسواها من شركات تجاوز عديدها ال 250 شركة من الشركات المعروفة على الأقل.
لقد اشتركت أُسر النظام السوري في عملية نهب منظم للمال السوري وللثروات، وباعت واشترت بالسيادة الوطنية ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً، وبمستقبل الوطن السوري والإنسان السوري حتى بات الانسان السوري مسلوب الإرادة، مهدورًا في كل شيء، ثم لاحقته حتى دمرت بنيته التحتية، لتصل تقديرات أممية اليوم في ما يخص إعادة إعمار ما دمرته آلة القتل والقصف الأسدي 400 مليار دولار في أقل تقدير. كما أجَّرت موانئ سورية وشركات فوسفات ومطارات، إلى المحتلين الاثنين روسيا وإيران. واليوم تتصارع على ما تبقى من فوائض النهب الروسي الإيراني.
ولا يبدو أن الأمر سيكون حله سهلاً ، لأن المتطلبات الخارجية كثيرة وكبيرة، ومن الممكن أن يؤدي استمرارها إلى مزيد من تفكك النظام في مستقبلات الأيام، بعد أن أضحى الخلل بنيويًا، وعميقًا، ويطال أس أساس عمليات النهب المنظم، وصولًا إلى إمكانية فسخ الشراكة أصلاً، من شريك لا يشبع، ولا يلقي بالاً إلى شركاء النهب الذين سبقوه في تجميع المال، وتكديسه في الخارج، أو أنهم يحاولون ذلك، تحت أعين وأبصار الدول الكبرى التي تراقب عن بعد، وقد يكون قانون قيصر/سيزر وسيلتها القادمة للانقضاض على مفاصل النظام الأسدي الذي ما برح يوغل في الدم السوري، وفي الواقع الإقليمي عمومًا. ولأن الخلل بنيوي لكنه يتمظهر عبر ظاهرة مخلوف، فإن الطامة لابد أن تقع فوق رؤوس الشريكين الاثنين، في كل مآلات الفساد والنهب، ولابد، عاجلاً أم آجلا، الوصول إلى نقطة اللا عودة، ومن ثم الانهيار إلى غير رجعة، وهو أمل الشعب السوري الذي ما يزال ينتظر أفول حقبة مخلوف/ الأسد، التي عملت كل سوءات البسيطة ضد الشعب السوري، عبر مراحل زمنية متتابعة فاقت الخمسين عامًا ونيف.
تعليق واحد