مقالات

الشرع رئيسًا لسوريا بغطاء عربيّ/ إقليمي!

الشرع عقب تنصيبه رئيسًا لسوريا

“المدارنت”..
فاجأ أحمد الشرع، قائد «الإدارة السورية الجديدة» السوريين، يوم الأربعاء، الماضي، بخطاب يبدد الغموض فيما يتعلّق بخطط هذه الإدارة، فيما يخصّ الحقبة المقبلة، بعد إعلان تنصيبه رئيسًا للجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية.
كما فاجأهم في 8 كانون أول/ ديسمبر الماضي، وخلال 11 يومًا من بدء عملية «ردع العدوان»، بإسقاط أحد أعتى الأنظمة الاستبدادية في العصر الحديث (نظام حاكم دمشق السابق الطاغية المخلوع بشار الأسد).
قرار التنصيب لم يكن، مع ذلك، مُستغربًا، فليس من طبائع التاريخ أن تسقط منظومة عسكرية ـ سياسية أخرى فيتخلى المنتصرون عن السلطة، وخصوصا، عند سقوط نظام كان قد استولى على مؤسسات الدولة وأفرغها إلا من التبعية للعائلة الحاكمة.

حسم الخطاب، إذن، الأسئلة التي كانت معلقة حول نوايا السلطات العسكرية التي أسقطت النظام السابق، بالنسبة لمشروعها السياسي، وأوضح للسوريين، الاتجاه الذي تمضي فيه البلاد، بحيث تنتظم القضايا السياسية، ضمن سياق معلوم، وأولويات متوقعة، بشكل يسمح لمختلف الأطراف بتحديد مواقفها من خطط المرحلة القادمة، سلبا أو إيجابا، موافقة أو اعتراضا.
بإلقائه خطابه بعد «مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية» كرّس الشرع، بأسلوب شديد البراغماتية، فكرة الانتقال من صفة زعيم في «المعارضة الإسلامية الجهادية» إلى صفة «قائد الثورة» ضمن المسار الذي بدأه السوريون عام 2011، مما يكسب قراراته «الشرعية الثورية» بانتظار حصولها على «الشرعية الدستورية» لاحقا.
بعد تحقيق أولوية «ملء فراغ السلطة» أعلنت السلطات السورية تعليق الدستور وتشكيل مجلس تشريعي جديد، والأغلب أن يتبع ذلك تشكيل حكومة تلبي مطالب دولية وعربية، بالتزامن مع أولوية الحفاظ على السلم الأهلي، وبدء بناء مؤسسات للدولة، مما يساهم في التنمية الاقتصادية، ويعزز علاقات البلاد بالجوار والخارج.
بظهوره باللباس العسكري، وإلقائه كلمته أمام جمهور أغلبيته باللباس نفسه، قدّم الشرع قرار تعيينه رئيسا ضمن فكرة «الانتصار يحمل المنتصرين مسؤولية» إدارة البلاد، ولا يُستبعد أيضا أن يكون هذا الظهور رسالة أيضا إلى الفصائل المعارضة المسلحة الكثيرة التي أعلن حلّها، بما فيها «هيئة تحرير الشام» التي كان قائدها، لضمها، بالتالي، في جيش سوريّ موحد.
أعلن الخطاب أيضا حل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وجميع الميليشيات التي أنشأها، وهو قرار محتوم لأن هذه الأجهزة والميليشيات كانت «عصب» اشتغال النظام السابق، ولما يمثّله تاريخها من عسف واضطهاد وقمع رهيب للمواطنين، كما أقر «حل جيش النظام البائد، وإعادة بناء الجيش السوري على أسس وطنية» وهو قرار إشكاليّ إذا أخذنا في الاعتبار ما حصل في العراق، بعد إسقاط نظام «البعث»، ولكن المنطق الذي قاد إليه، على الأغلب، هو أن ذلك الجيش، فقد مع كل مؤسسات النظام المخلوع معناه، بتحويل النظام له إلى جهاز أمني مخصص لمحاربة مواطنيه، بإبعاده عن الحدود مع “إسرائيل”، وتوظيفه في القتل وإلقاء البراميل والأسلحة الكيميائية على السوريين، بل والتحالف مع جيوش أجنبية، شاركت في القتل، ولاحقا، تشغيله في صناعة وتهريب المخدرات.
قدم قرار تنصيب الشرع، وإعلان خطط القيادة الجديدة، أيضا، «خريطة طريق» للمنطقة العربية والإقليم والعالم، والأكيد أن التعاطي الإيجابي السريع مع عدد من الدول العربية الوازنة مع التغيير الذي حصل، وتوافد ممثلي الدول الكبرى للقاء الشرع، وإعلاناتها عن قرب تخفيف العقوبات الاقتصادية والسياسية، وبدء هبوط الطائرات ورجال الأعمال في مطار دمشق، كان لها دور كبير في اتخاذ هذا القرار، والإيذان بخطوات دعم أكبر، ومنها زيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التي جرت أمس الخميس، لدمشق، ولقاؤه الشرع، «لمناقشة إطار شامل لإعادة إعمار سوريا» على حد قول وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، أمس.
تزامن ذلك أيضا مع زيارة وفد عسكري تركي «لبحث الأمن والدفاع ومكافحة الإرهاب» وإشارات إلى أن الشرع، سيقوم بأول زياراته الخارجية إلى دولة (أو عدة دول) عربية قريبا، ولقاء الشرع بموفد عن روسيا، وكذلك وفد فلسطيني، مما يشير إلى أن الرئيس الجديد يحظى بغطاء عربيّ/ إقليمي، وتشجيع أوروبي، ويتعامل مع الملفات الحساسة الكبيرة بواقعية شديدة.

المصدر: رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى