مقالات

العالم أفضل من دون النظام الإيراني!

حسين عابديني/ بريطانيا

“المدارنت”..
في واحدة من الظروف والاوضاع غير المسبوقة التي يواجهها النظام الإيراني، حيث تكتم العزلة الدولية على أنفاسه، صار واضحًا بأنه يواجه مرحلة بالغة الصعوبة لم يسبق له أن واجه نظيرًا لها، ولكنه ومن أجل أن يجد مخرجًا وخلاصًا منها يلجأ كعادته دائمًا إلى خلط الأوراق من أجل اختلاق المشاكل والأزمات.
وهذا هو تمامًا ما يحدث مع النظام الإيراني عندما يهدد بتأزيم الأوضاع ودفعها إلى نقطة حرجة في بعض بلدان المنطقة أو الإيحاء بذلك، غير أنه يعلم جيدًا بأن ما يقوم به هذه المرة أو حتى ما قد يسعى من أجل القيام به، لا يشبه المرات السابقة إطلاقًا، إذ أن الأوضاع الإقليمية والدولية مختلفة عن السابق بدرجة كبيرة، كما أن مسعى النظام هذه المرة ليس هناك من أي بارقة أمل له بالنجاح.
في حين أن العكس خلاف ذلك، إذ أن الأمور قد تحدث فيها تطورات يمكن اعتبار البعض منها بمثابة مفاجآت غير منتظرة للنظام الإيراني نفسه، وأن احتمال تفجر الأوضاع في داخل إيران وبلوغها نقطة اللاعودة أمر وارد جدًا وباتت الكثير من الأوساط تتوقعه بين أيّ لحظة وأخرى، لا سيما وإن اقترن ذلك بحدوث اضطرابات سياسية هنا وهناك. وإن المشكلة الكبرى التي تواجه النظام الإيراني تتمثل بالمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والدور الريادي والفعال الذي تؤديه رئيسته مريم رجوي، إذ أن النظام يتخوف كثيرًا من أن يأخذ هذا المجلس في نهاية المطاف وفي خضم تصاعد الأحداث وتطوراتها بزمام المبادرة.
وفي هذا السياق، شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن يوم 8 مارس 2025 تظاهرة حاشدة نظمها أنصار المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، حيث سار آلاف الإيرانيين-الأمريكيين من مبنى الكابيتول إلى البيت الأبيض، مطالبين بسياسة أمريكية أكثر حزمًا ضد النظام الإيراني والاعتراف بحق الشعب الإيراني في الإطاحة به.
وقد تزامنت هذه التظاهرة مع اليوم العالمي للمرأة، مما منحها طابعًا خاصًا، حيث رفع المشاركون صورًا لمريم رجوي، مؤكدين دعمهم لخطة النقاط العشر التي طرحتها لإيران ديمقراطية وغير نووية. وشكّلت هذه التظاهرة رسالة قوية للنظام الإيراني بأن المعارضة الإيرانية أكثر قوة وتنظيمًا من أي وقت مضى، وأن دعمها الدولي آخذ في الاتساع، ما يزيد من عزلة النظام في وقت يعاني فيه داخليًا وخارجيًا على حد سواء.
مع ملاحظة أن المجلس قد حقق مكاسب سياسية مهمة في هذه المرحلة الحساسة، وبشكل خاص إصدار الكونغرس الأمريكي للقرار 166، والذي يدين بشكل صريح انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، ويطالب بالإفراج الفوري عن السجناء السياسيين، ووقف حملات الإعدامات التعسفية، كما يؤكد القرار على دعم الولايات المتحدة للتطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني، ويدعو إلى تعزيز الجهود الدولية للضغط على النظام الإيراني لاحترام حقوق مواطنيه.
ولعل من أهم ما جاء في هذا القرار دعمه وتأييده الواضح لخطة مريم رجوي ذات العشر نقاط، والتي تقدم رؤية شاملة لمستقبل إيران بعد سقوط النظام، ولا سيما من حيث فصل الدين عن الدولة، المساواة بين الجنسين، إلغاء عقوبة الإعدام، والالتزام بنظام ديمقراطي ودولة غير نووية، وهي مبادئ تتماشى مع القيم العالمية لحقوق الإنسان. وصدور هذا القرار في هذه الفترة العصيبة التي يواجهها النظام وكما يؤثر سلبًا على النظام، فإنه يبعث على الأمل والتفاؤل لدى الشعب الإيراني ويحفزه أكثر لمواصلة مواجهته ضد النظام.
النظام الإيراني الذي بذل جهودًا واسعة النطاق من أجل تهميش دور ونشاط المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية بصورة عامة، لكن الأحداث والتطورات الأخيرة التي أفقدت النظام أهم الأوراق التي كان يلعب بها ضد بلدان المنطقة والعالم، ناهيك عن أن الضغوطات الأمريكية كما يبدو تسير باتجاه الذروة، ولا سيما أنه وبعد ساعات قليلة من رفض علي خامنئي، الولي الفقيه للنظام الإيراني، لعرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني، أكد البيت الأبيض مجددًا أن طهران لا تملك سوى خيارين: الاتفاق أو المواجهة العسكرية.
ومن دون شك فإن الإدارة الأمريكية الحالية ليست إطلاقًا كإدارتي الرئيسين السابقين أوباما وبايدن، بحيث يمكن للنظام أن يقوم بالمناورة وكسب الزمن معها، إذ أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، بريان هيوز، مساء السبت 9 مارس، قد أكد بأن الولايات المتحدة لن تسمح للنظام الإيراني بمواصلة سياساته المزعزعة للاستقرار، مشيرًا إلى أن الوقت ينفد أمام طهران لاتخاذ القرار النهائي بشأن مستقبل برنامجها النووي. ولذلك فإن الأمور كلها تسير باتجاه حصر النظام في الزاوية الضيقة جدًا، وإنها في خطها العام لا تبشر بالخير أبدًا لطهران، خصوصًا وأنه قد صار واضحًا بأن العالم يصبح أفضل بدون هذا النظام.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى