عربي ودولي

“الغارديان”: كيف وُلدت فكرة “برج ترامب” في دمشق؟ وما هي فرص تحقيقه بعد رفع العقوبات؟

“المدارنت”
نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا أعده ويليام كريستو، شرح فيه كيف ولدت فكرة بناء “برج ترامب” في دمشق. وقال إن الفكرة قامت على بناء برج بارتفاع خمسة وأربعين طابقا وكلفة محتملة تصل إلى 200 مليون دولار، وكلمة “ترامب” محفورة بالذهب على قمته.
وهذا هو برج ترامب دمشق، وبمثابة نصب تذكاري براق يهدف إلى إعادة سوريا التي مزقتها الحرب إلى الساحة الدولية. وكما تشير الحروف الذهبية، صمم المبنى البراق لجذب الانتباه: انتباه الرئيس الأمريكي.
ونقلت الصحيفة عن وليد محمد الزعبي، رئيس مجموعة تايغر ومقرها في الإمارات وتقدر قيمتها بـ5 مليارات دولار، والتي تطور برج ترامب: “هذا المشروع هو رسالتنا أن هذا البلد الذي عانى وأُنهك شعبه لسنوات عديدة، وخاصةً خلال السنوات الـ15 الماضية من الحرب، يستحق أن يتخذ خطوة نحو السلام”.
وتضيف الصحيفة أن مقترح بناء البرج قدم للتقرب من الرئيس الأمريكي، في ظل سعي الحكومة السورية الجديدة إلى رفع العقوبات الأمريكية وتطبيع العلاقات مع واشنطن. وتزامن ذلك مع عرض بمنح الولايات المتحدة إمكانية الوصول إلى النفط السوري وفرص الاستثمار، بالإضافة إلى ضمانات لأمن “إسرائيل”. 
تخضع سوريا لعقوبات أمريكية منذ عام 1979، وتفاقمت بعد حملة القمع الدامية التي شنها الرئيس السابق، بشار الأسد، على المتظاهرين السلميين عام 2011. ورغم إطاحة جماعات المعارضة المسلحة بالأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، إلا أن الولايات المتحدة أبقت على العقوبات المفروضة على البلاد، بسبب مخاوفها من الحكومة الجديدة بقيادة الإسلاميين.
وتضيف الصحيفة أن المقترح السوري إلى جانب دفعة من ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان نجحت. فقد أعلن الرئيس ترامب أثناء زيارته للرياض، أنه سيوقف كل العقوبات المفروضة على سوريا، والتقى مع الرئيس السوري أحمد الشرع ووصفه بالرجل “الجذاب” و “الصعب”.
والآن، وبعد رفع العقوبات وتوطيد العلاقات مع واشنطن، يمكن لبرج ترامب أن ينتقل من التصميم إلى أرض الواقع.
وتضيف الصحيفة أن الزعبي سيزور دمشق هذا الأسبوع لتقديم طلب رسمي والحصول على تراخيص بناء البرج العملاق. وقال: “ندرس عدة مواقع، نقترح بناء 45 طابقا قابلة للزيادة أو النقصان حسب الخطة”. وأضاف أن تكلفة بناء البرج التجاري ستتراوح بين 100 مليون و200 مليون دولار. وبعد حصوله على رخصة البناء، سيحتاج الزعبي إلى التواصل مع علامة ترامب التجارية للحصول على حقوق الامتياز.
ولا تتضمن صور نموذج المبنى، التي اطلعت عليها صحيفة “الغارديان” شعار ترامب، إذ لا يزال الحصول على رخصة الامتياز قيد البحث. وقدر الزعبي أن عملية البناء ستستغرق ثلاث سنوات بعد حصوله على الموافقات القانونية من الحكومة السورية وحقوق مؤسسة ترامب التجارية.
مع ذلك، لا تزال هناك عقبات، إذ لا تزال عملية رفع العقوبات غير واضحة، في حين أن الاقتصاد السوري المتدهور والبيئة السياسية الهشة قد تعقد المشروع. ويستعين رجل الأعمال السوري- الإماراتي بتجرية بناء برج ترامب في اسطنبول، وقد بنى 270 مشروعا في معظم أنحاء الشرق الأوسط. وهو الآن بصدد بناء برج تايغر سكاي في دبي، وهو مشروع بقيمة مليار دولار يزعم أنه يضم “أعلى مسبح لا متناهي في العالم”. كما التقى الزعبي مع الشرع في كانون الثاني/ يناير قبل تعيينه رئيسا لسوريا.
وتقول الصحيفة إن فكرة بناء برج ترامب في دمشق ولدت في كانون الأول/ ديسمبر، وذلك بعدما أشار النائب الجمهوري جو ويلسون للفكرة في خطاب له أمام الكونغرس. ونقلت الصحيفة عن رضوان زيادة، الكاتب المقرب من الرئيس السوري قوله: “كانت الفكرة الرئيسية هي جذب انتباه الرئيس ترامب”، واقترح على الزعبي فكرة بناء برج ترامب، وبدأ الاثنان العمل على المشروع.
كان هذا النهج جزءا من حملة تسويقية متعددة الجوانب تهدف إلى وضع سوريا على أجندة ترامب، وبخاصة أنه لم يدل بتصريحات تذكر بشأن سوريا عند توليه منصبه، وبدا الطريق إلى رفع العقوبات الذي تديره وزارة الخارجية، طويلا. وقد استضاف الرئيس السوري رجال أعمال أمريكيين وأعضاء من الكونغرس في دمشق، حيث قاموا بجولة في سجون النظام السابق والقرى المسيحية المحيطة بالعاصمة.
 كما التقى وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، بزعماء مقربين من إدارة ترامب أثناء زيارته للأمم المتحدة في نيويورك.
ومع استمرار الدبلوماسية، بدا مشروع “برج ترامب” وسيلة لاستمالة الرئيس الأمريكي وطريقة تعامله غير التقليدية في طمس الحدود بين مملكة عائلته التجارية ومنصبه السياسي وبخاصة في الشرق الأوسط. وقدم زيادة نموذجا للبرج المقترح إلى الشيباني في نيسان/ أبريل والذي “أبدى تحمسا شديدا له”، وقدمه أيضا للسفير السعودي في دمشق، على أمل أن يراه فريق ترامب. وقال زيادة: “هكذا تكسب قلبه وعقله”.
وتشير الصحيفة إلى أن ثقته باستراتيجيته زادت بعد أن نشر ترامب مقطع فيديو في شباط/ فبراير يظهر برج ترامب في غزة كجزء من مقترحه المثير للجدل لتهجير الفلسطينيين فعليًا وبناء ريفييرا فاخرة في الأراضي الفلسطينية.
وإلى جانب كسب القلوب والعقول في الولايات المتحدة، يأمل السوريون أن يجذب مشروع عقاري ضخم مثل برج ترامب المزيد من الاستثمارات الدولية إلى سوريا. ذلك أن البلد بحاجة لاستثمارات كبيرة في البنية التحتية والخدمات الأساسية تتجاوز المشاريع الاستثمارية البراقة. وتقدر الأمم المتحدة أن 90% من الشعب السوري يعيشون في فقر، ويقضون معظم يومهم بدون كهرباء أو رعاية طبية مناسبة.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى