اللعب في الوقت الضائع!
“المدارنت”..
بغض النظر عن النقاشات الدائرة حول إمكانية التوصل إلى هدنة في غزة وإبرام صفقة تبادل للأسرى، أو الحديث عن إحراز تقدم في جهود التوصل إلى تسوية حول جبهة لبنان، فإن ما هو مؤكد أن الجميع دخل في مرحلة اللعب في الوقت الضائع قبل أقل من أسبوع على الانتخابات الأمريكية.
صحيح أن هناك جهوداً إقليمية ودولية تبذل للتوصل إلى تسويات أو صفقات، سواء كانت جزئية أو شاملة، إلا أن هذه الجهود لا تزال في مرحلة جس النبض، بسبب التطورات الهائلة التي جرت في الأسابيع الماضية. وبالتالي لم يحدث أي اختراق جدي حتى الآن على كل الجبهات، وإن حدث مثل هذا الاختراق في الأيام القلية المقبلة، فإنه سيظل على لائحة الانتظار لمعرفة من هو سيد البيت الأبيض الجديد.
وبات من الواضح أن نتنياهو يعمل على تقطيع الوقت بانتظار كسب رهانه على فوز ترامب، والتربع مجدداً على عرش البيت الأبيض؛ حيث سيكون أمامه المزيد من الوقت والحرية الكافية لمواصلة حربه بشراسة أكبر على كل الجبهات، وربما لقلب الطاولة على كل الجهود السياسية؛ لتحقيق أهدافه بالقوة، وصولاً إلى ما يسميه «النصر المطلق».
ولكن السؤال هل كان نتنياهو مقيداً في ظل إدارة بايدن التي وفرت له الغطاء السياسي في المحافل الدولية، وقدمت له الدعم اللوجستي والعملياتي أكثر من أي إدارة أمريكية سابقة، ومع ذلك لم يعر مواقفها أي اهتمام، باستثناء انصياعه لها في مسألة الرد على الهجوم الصاروخي الإيراني؟
فما الذي يمكن أن يضيفه ترامب، في حال فوزه، سوى إطلاق يده ربما في الموضوع الإيراني، حتى لو أدى ذلك إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة بمشاركة الولايات المتحدة. وهذه قضية شائكة قد تحكمها مصالح الولايات المتحدة، سواء فاز ترامب أو هاريس، لكن السؤال أيضاً هو:
ما الذي سيفعله نتنياهو في حال فوز هاريس بالانتخابات؟ أغلب المراقبين والمحللين يعتقدون أنه لا توجد لديه خطة جاهزة للتعامل مع هذه الحالة، حتى إن بعض المحللين الإسرائيليين يقولون إن نتنياهو يصلي من أجل فوز ترامب.
وفي كل الأحوال، قد تكون المرحلة الانتقالية، التي تعقب الاقتراع الأمريكي، هي الأخطر على المنطقة، حيث إدارة بايدن الضعيفة والمفككة أصلاً لا حول لها ولا قوة، كما أن ساكن البيت الأبيض الجديد لم يكن قد استقر بعد، وبالتالي فإن بإمكان نتنياهو أن يمضي في تنفيذ مخططاته على صعيد المنطقة.
لكن ذلك لا يعني أن الطريق بات ممهداً أمام نتنياهو، فالحرب التي يخوضها على كل الجبهات لا تزال متعثرة، رغم القتل والدمار. ولا ينبغي لأحد أن يتوقع موافقة نتنياهو على إنهاء الحرب في غزة من دون أن يضمن ما يسميه «اليوم التالي»، بما يعنيه ذلك من أن الحل على هذه الجبهة، هو الأساس لما يحصل على الجبهات الأخرى.