عربي ودولي

اللهجات العربية في آسيا الوسطى..!

“المدارنت”..
‎يُظَنُّ أن أصول اللهجات العربية في آسيا الوسطى، ترجعُ -في سماتها اللغوية- إلى جنوب العراق، إذ يُعتقدُ أنها تفرَّعت من بعض اللهجات العراقية في بداية فترة الفتوحات الإسلامية أو أثناء العصر العباسي.
‎ويشيرُ مؤرّخون، إلى أن أول المهاجرين العرب، وفدوا إلى تلك المناطق في القرن الثاني للهجرة (الموافق للثامن الميلادي)، أثناء الفتوحات الإسلامية وفي عهد الدولة العباسية بعدها.
‎وقد استقرَّ بعضُ هؤلاء العرب في المدن الكبرى بآسيا الوسطى، مثل: بلخ في أفغانستان، ونيسابور في إيران، وغير ذلك، على أن كثيراً منهم وجدوا في صحارى وأرياف هذه البلدان بيئةً مألوفة لبلاد العرب، فعاشوا حياةً بدوية، أو قروية في مجتمعات منعزلة، ولم يختلطوا كثيراً بمن حولهم من الأعاجم، وهذا ما ساعد لهجتهم على البقاء بشكلها الأصلي حتى الوقت الحاضر، على أنه أدى -أيضاً- لانعزالها عن سائر اللهجات العربية الأخرى، ولاختلافها عن تلك اللهجات، مع مرور الوقت.
‎هاجر كثيرٌ من هؤلاء العرب الرُّحل من قراهم، في أوزبكستان وطاجيكستان إلى شمال أفغانستان، وذلك نزوحاً من اجتياح الاتحاد السوفيتي لآسيا الوسطى، وما ترتَّب عليه من تبعات، وانصهر معظم هؤلاء بالمجتمع الأفغاني، فأخذوا اللسان الفارسي، وأن قليلاً منهم في ضواحي مدينة مزار شريف، حفظوا تراثهم ولهجتهم العربية.
‎واضطرَّ عربُ آسيا الوسطى، مع بدء القرن العشرين للاستقرار في قرى ومجتمعات حضرية اختلطوا فيها أكثر بمن حولهم، فتأثرت لهجتهم كثيراً بلغاتٍ عديدة منها الأوزبكية والطاجيكية والداري، وهي لهجة فارسية، والباشتوية، واكتسبت من كلّ ذلك صفاتٍ شتّى تُميّزها عن جميع اللهجات العربية الأخرى، بل وعن معظم اللغات، لأنها أمست مزيجاً من عائلات لغوية متباعدة جداً.
على أن هذه اللهجات نفسها، بقيت متباعدةً عن بعضها، فظلَّت لها فروعٌ مختلفة في شرق إيران، وهي اللهجة المعروفة بالخراسانية، وفي جنوب أوزبكستان، وفيها اللهجتان البخارية والقشقدارية، وشمال أفغانستان، وفيها اللهجة الأفغانية.
‎لم يعرف الباحثون بوجود هؤلاء العرب في آسيا الوسطى، حتى كشفَ إحصاءٌ سوفياتي في أوزبكستان، عن وجود نسبةٍ من العرب حول بخارى وقشقداريا، وذلك في عشرينيات القرن العشرين، وأثارَ هذا الاكتشاف اهتمام بعض علماء اللسانيات، فانكبّوا على توثيق هذه اللهجات ودراستها.
وما تزال رغم ذلك، الأبحاث والوثائق المتوفرة عن هذه اللهجات قليلة نسبياً.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى