المسافة بين العالم وإبادة الفلسطينيين!
“المدارنت”
قرر رئيس وزراء” إسرائيل” (الإرهابي الصهيوني) بنيامين نتنياهو تعيين رئيس أركان جديد للجيش قبل مغادرته البلاد، للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في شباط/فبراير الماضي وذلك في إطار سعيه لتغيير طبيعة العلاقة السيئة بين أجهزة الجيش والأمن والحكومة، والتي كانت آخر معالمها الاشتباك الكبير مع رونين بار، رئيس جهاز «الشاباك» السابق.
وقع الاختيار على إيال زامير، باعتباره «الجنرال الوحيد في المؤسسة العسكرية الذي يكنّ قدرا من الاحترام لنتنياهو» كونه عمل سكرتيرا عسكريا لرئيس الوزراء، وعمل أثناء الحرب الجارية بمهمة شراء ذخائر وأسلحة بتنسيق يومي مع نتنياهو، ثم وقف إلى جانب نتنياهو خلال خلافاته مع وزير الحرب السابق يوآف غالانت.
عند تولّيه الرئيس 24 لأركان جيش إسرائيل، في بداية آذار/مارس الماضي، عرض زامير، الذي هاجر جده اليمنيّ إلى فلسطين عام 1920، على الحكومة القيام بعملية برية واسعة تشمل ست فرق. على المستوى السياسي ردّد نتنياهو والعديد من الوزراء أن هدف هذه العملية، التي دشّنت باسم «عربات جدعون» وبدأت يوم الخميس الماضي، الهدف هو تدمير «حكم حماس» واحتلال القطاع بشكل كامل (و»إطلاق المخطوفين» طبعا!).
حتى أمس الأحد، أي في أقل من أربعة أيام، كان جيش الاحتلال قد قتل 464 فلسطينيا في قطاع غزة، وهو ما دفع عضو الكنيست تسفي سوكوت (عن حزب «الصهيونية الدينية» الذي يرأسه بتسلئيل سموتريتش) للتعليق على هذا بالقول: «قتل 100 شخص في اليوم لا يزعج أحدا حتى لو تعلّق الأمر بالنساء والأطفال» والمقصود الضمنيّ الذي يفهمه السامع من التعليق على ما يظهر هو: لماذا لا تقتل إسرائيل فلسطينيين أكثر. أو بالأحرى: لماذا لا تبدأ إبادة الفلسطينيين بمعدّلات صناعية؟
نظّمت الجامعة العربية، يوم السبت الماضي، قمّة عربية جديدة (رقم 34) نتج عنها بيان ختامي يرفض «كافة أشكال التهجير والنزوح» للفلسطينيين، ويعيد التأكيد على «مركزية القضية الفلسطينية» ويطالب بـ«وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة» ويدعو المجتمع الدولي «لتحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية» ولا ينسى البيان إعلان دعم الخطة العربية ـ الإسلامية بشأن التعافي وإعادة إعمار غزة… وهي خطة، من الواضح، أن مفعولها لا يتجاوز تأثير كلمات هذا البيان.
رغم الإقرار بضعف مردود بيانات القمم العربية على الواقع الحالي للصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني ـ العربي، نتيجة الاختلال الهائل في القوة مع إسرائيل، يمكن القول بوجود قاسم مشترك أعظم لدى الدول العربية، رغم اختلافاتها السياسية، تمثّله الرغبة في (والحاجة إلى) حل سياسيّ يُنهي النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني بأقل الأضرار الممكنة على الفلسطينيين، والدول العربية، المهددة بمخاطر حقيقية من خطط إسرائيل.
تقدّم الخطة العربية ـ الإسلامية التي أقرّت في قمة القاهرة الاستثنائية (4 آذار/مارس الماضي) قاسما مشتركا أصغر مع إسرائيل يتمثل في التوافق على إنهاء حكم «حماس» في غزة.
قدّمت زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى منطقة الخليج العربي، بضعة مؤشّرات إلى إمكانية حلّ بين الجموح الإسرائيلي نحو أشكال الإبادة والمجاعة والتطهير العرقي ضد الفلسطينيين، وحاجة العرب، وأوروبا، والعالم، إلى مخرج من هذه الكارثة الإنسانية التي تؤذن عمليا بتقوّض أسس القوانين الدولية والشرع الأممية ومجمل النظام الدولي الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية.
أول هذه المؤشرات كان المفاوضات الأمريكية ـ الإيرانية، وثانيها كان «فك الارتباط» بين مصالح أمريكا وإسرائيل في حرب اليمن، وثالثها كان «منطق الصفقات» والتسويات الذي أكدت زيارة ترامب أولويته على الحروب.
تراهن بعض الجهات الإسرائيلية، من جهة أخرى، على أن اختلافات الرؤية بين أمريكا وإسرائيل لن تؤدي إلى تغيير المسار الإسرائيلي الحالي، فيما لن يكون لدى العرب، على ما يظهر، سوى المراهنة على العكس، لكن المأساوي أن الرهانين سيتنافسان فيما يجري تكثيف الإبادة والتطهير العرقي والمجاعة ضد الفلسطينيين.