الموقف الدولي ومواجهة الكوارث الإنسانية في غزةّ
“المدارنت”..
الحرب لم تخلق أزمة إنسانية فحسب، بل أطلقت العنان أيضا لدوامة من البؤس الإنساني، حيث انهارت المنظومة الصحية وأوقفت المستشفيات عن الخدمة، ودمرت المدارس، ويهدد تعطل نظام التعليم أجيالا قادمة.
ويواصل الاحتلال (الإرهابي الصهيوني) عدوانه على رفح منذ السادس من أيار/ مايو، حيث نزح أكثر من مليون شخص مرة أخرى في غزة، وهم يبحثون بشكل يائس عن الأمان والمأوى، ووفقا للتقارير الإخبارية يواصل جيش الاحتلال إصدار أوامر إخلاء “إسرائيلية” جديدة في منطقة خان يونس جنوب القطاع مما يؤثر على السكان المدنيين حيث لا يوجد مكان آمن وتنتشر المجاعة بين السكان ورائحة الموت باتت تفوح في المكان، بينما لا يتمكن مجلس الأمن من تطبيق قراره السابق تحت رقم 2720 الداعي لوقف إطلاق النار والذي وضع إطارا لتسريع وتعجيل وتبسيط توصيل المساعدات في مختلف أنحاء غزة.
وفي ظل مواصلة حرب الاحتلال وتنفيذ الإبادة الجماعية صادقت ما يسمى المجلس الوزاري المصغر لحكومة الاحتلال على شرعنة إقامة 5 بؤر استعمارية في الضفة الغربية، وإعطاءه الضوء الأخضر لإقامة آلاف الوحدات الاستعمارية في مستعمرات قائمة إضافة إلى “الإجراءات العقابية” الأخرى المفروضة على السلطة الفلسطينية.
الاحتلال يثبت يوما بعد آخر أنه لا يعير أي اهتمام للقانون الدولي، ويستهتر بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويستمر في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية منذ تسعة شهور إمعانا منه في سياسات التغيير الديموغرافي والاستيلاء على المزيد من الأراضي خدمة لعقيدته الاستيطانية والعنصرية.
ما يقوم به الاحتلال من إبادة جماعية وسياساته في توسيع الاستيطان ما كان ليحدث لولا الحماية والدعم السياسي والعسكري اللذان تقدمهما له الولايات المتحدة، ويجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن تحمل مسؤولياتهما لوقف جرائم الاحتلال وإنهاء كل أشكال الاحتلال والاستيطان وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف.
خطر المجاعة الكبير سيستمر طالما استمر الصراع وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية وأن محكمة العدل الدولية أكدت في أوامرها ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة ومع ذلك، يظل مستوى المساعدات غير كاف بشكل واضح وإلى حد كبير في مواجهة ضخامة الاحتياجات وعدم القدرة للتوصل الى وقف لإطلاق النار وبخاصة في ظل مواصلة سلطات الاحتلال تصعيدها المستمر في الحرب وفرضها القيود على المؤسسات الدولية العاملة حيث أثر ذلك على قدرة عمل تلك المؤسسات الإنسانية وتقديما للمساعدات المنقذة للحياة للمدنيين، وأن أكثر من 193 من موظفي الأمم المتحدة قتلوا خلال الحرب، فضلا عن العاملين في المجال الإنساني الآخرين.
تواصل الإدارة الأمريكية برئاسة الرئيس جو بايدن انتهاكها الصارخ للقوانين الدولية من خلال دعمها لـ”إسرائيل” (كيان الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة) وإيجاد ثغرات لمواصلة شحن الأسلحة إلى حليفتها بينما يواصل الاحتلال عدوانه برا وبحرا وجوا على قطاع غزة لليوم الـ271، إذ ارتفع عدد الشهداء إلى 37,925، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، والإصابات إلى 87,141، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض وفي الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
الجهود الإنسانية في غزة تتطلب وقفا فوريا لإطلاق النار، والتدخل العاجل من مجلس الأمن والقيام بواجباته في معالجة الوضع القائم حاليا باعتباره مسألة ملحة وبالتوازي مع ذلك، يجب بذل الجهود من أجل إتاحة وصول المساعدات الإنسانية، والمفاوضات من أجل السلام وإعادة إعمار غزّة، وتطبيق حلّ الدولتين.