“النادي الثقافي العربي” ينظم لقاء ثقافياً مع د. عبد الحسين شعبان حول إصداره: “جواهر الجواهري”
“المدارنت”..
نظم “النادي الثقافي العربي” في بيروت، أمس، بدعوة من رئيسة النادي السيدة سلوى السنيورة بعاصيري، لقاءً ثقافيًا مع الشاعر الشاعر العربي د. عبد الحسين شعبان، حول إصداره: “جواهر الجواهري”، في حضور مجموعة من الباحثين والمثقفين، تقدّمهم السيد فؤاد السنيورة (رئيس حكومة أسبق)، ونخبة من المثقفين العرب واللبنانيين والإعلاميين وعشاق هذا النوع من الأدب.
وتحدث المفكر شعبان، عن علاقته بالشاعر، من خلال إصداره: “جواهر الجواهري”، وأدارت اللقاء السيدة بعاصيري، وحاورته الصحافية والأديبة نوال الحوار.
بعاصيري
استهلت الأمسية بكلمة رئيسة النادي، قالت فيها: “في ظل الاحداث العصيبة التي تعصف بلبنان وأهله، وإزاء التجاوزات اللاإنسانية التي تحاصر أهل غزة وأطفالها، والإرتكابات الوحشية التي تفاخر “إسرائيل” (كيان الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة) بها، وتسكت عنها دول القرار بل وتبررها، نظم النادي لقاءً ليس بعيداً عن صدى تلك الأحداث وتداعياتها”.
أضافت: “هو لقاء لا ليستذكر أحد أعمدة الشعر العربي فقط، بل ليسلط الضوء على شخصيةٍ فجرت بشعرها المشاعر الوطنية، داخل الوطن الأم والعالم العربي، وحملت القضية الفلسطينية في ضميرها والوجدان، مُنشدةً في أيار من العام 1938، ما يصلح ليومنا هذا:
إن دماً في ِفلسطين هضيماً نطقا
عربياً سال من أفئدة عربيات تلظَّت حُرَقا
صبغ الأرض والقى فوقها من فداء وإباء شفقا
تحمل الريحُ الى أرجائها من زكيّات الضحايا عبقا
هكذا تُعِلنُ صرعى أمُّةٍ أن شعباً من جديد خلِقا
وتابعت بعاصيري: “هو الشاعر محمد مهدي الجواهري، الذي أكدت الكتابات العديدة حوله أنه لم يكن شاعراً وحسب، بل هو حالة شعرية متكاملة استولدت موضوعات متنوعة من خارج المعتاد والمكرر، لتخلق علاقة عضوية بين الخاص والعام والمحلي والكوني والأصالة والحداثة”.
وتابعت: “حول هذه الشخصية، وضع الكاتب عبد الحسين شعبان في العام 1986، مؤلفه: “الجواهري في العيون من أشعاره”، اُعتُبِر في حينه من أبرز الإصدارات التي ضمت أعمال الجواهري الشعرية، فتوالت طباعته على مدى ربع قرن من الزمن، اخترق عبد الحسين شعبان انسيابها في عام 1997، بمؤلف ثان بعنوان: “الجواهري جدل الشعر والحياة”، عاكساً صدى معرفته بالبيئة الشعرية الحاضنة للجواهري، ليعود ويتحفنا مطلع العام 2024، بطبعة منقحة ومزادة عن مؤلفه الأول، جاعلاً له عنوان: “جواهر الجواهري”، بعد أن تبنت “دار سعاد الصباح للإبداع والثقافة”، اصدار نسخته المحدثة، لتكون أكثر شمولاً وكمالاً سيما وأن المختارات الشعرية التي ضمها المؤلف حظيت في حينه بمباركة الجواهري واطلاعه”.
وختمت: “هو الإصدار الذي التقينا حوله، ليشرح لنا الكاتب شعبان، ظروف ومبررات اعداده، وأحاطنا بعلاماته الفارقة في إطار حوارٍ، تجريه وإياه الشاعرة والإعلامية المميزة نوال الحوار”.
من هو شعبان؟
وأوضحت بعاصيري أن “المفكر والحقوقي د. عبد الحسين شعبان، الحائز دكتوراه في القانون في عام 1977، ووسام أبرز مناضل لحقوق الإنسان في العالم العربي في العام 2003. صدر له أكثر من 80 كتاباً في مواضيع عدة، في صدارتها القانون الدولي والدستوري والسياسي، والنزاعات الدولية والفكر المعاصر والثقافة والأدب والنقد وسواها”.
نوال الحوار
بدورها قالت الأديبة والكاتبة نوال الحوار: “إن الشاعر د. عبد الحسين شعبان هو من الجيل الثاني للعراقيين، وهو باحث في القضايا الاستراتيجية، وخبير في قضايا حقوق الانسان، اسهم في العديد من المحاضرات العربية والدولية”.
وعن الكتاب، قالت الحوار: “هو ترجمة عملية لكل شعر الجواهري طيلة 7 عقود ونصف”، لافتة الى انه “يركز على الشعر الجواهري، ويوثق عدة وثائق أكاديمية شعرية صادقة”.
شعبان.. اللقاء أمسية بيروتية عريقة
بدوره، ألقى الشاعر عبد الحسين شعبان، الضوء على “العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بالجواهري”. ووصف اللقاء بأنه “أمسية بيروتية عريقة، شاكراً للسنيورة بعاصيري دعوتها”.
وتابع: “من الصعب الولوج في عالم الجواهري، لأنه بمثابة قلعة حصينة عالية، فالجواهري كان ابن المتناقضات، درس عند الشيوخ لبعض الوقت، وكان والده “يُجبِره” على حفظ الشعر، واستطاع ان يحفظ في يوم واحد 400 بيت شعري”.
ولفت شعبان إلى أن “الجواهري عاش في بيت يتنفس الشعر، وأمضى حياته مخلصاً له”.
كما تطرق إلى “مسيرة حياته المفعمة بالتناقضات، التي عاشها في أكثر من منفى في باريس ودمشق وبراغ”.
وقال شعبان: “دفعت الجواهري في كثير من الأحيان الصدامات، وكانت سبباً لمعظم كتاباته الشعرية، وذكر منها قصيدة: أم عوق “راعية الأغنام”، متطرقاً الى ظروف كتابتها”.
وأوضح “أن الجواهري، دُعي ذات مرة إلى بيروت، وتحديداً الى مهرجان الأخطل الصغير، عام 1961، وكتب يومها قصيدة للبنان من الطائرة”.
وتابع “انتقل الجواهري من لبنان إلى برلين، لكن برلين، لم تكن المكان المناسب له، فبقي في المنفى في براغ لمدة 7 سنوات، حيث كتب في بداية منفاه قصيدة: “يا دجلة الخير يا أم البساتين”.
وتطرق شعبان الى” أواصر العلاقة الوطيدة التي كانت تربطه بالجواهري، التي بدأت عائلية بحكم الجيرة في السكن”.
كما تحدث عن الناحيتين السياسية والإجتماعية في حياة الجواهري، ونوه “بدور الشاعرة الكويتية د. سعاد الصباح في إصدار الكتاب، ومدى احترامها لشعر الجواهري”.
وأشار شعبان الى “دور المرأة في حياة الجواهري”، مضيفا “كان للمرأة المكانة الخاصة في شعره”، لافتا الى أن “علاقة الجواهري بالمرأة كانت عابرة ومحدودة، وتزوج أكثر من مرة، فالمرأة تركت أثراً بالغاً في شعره”.
وأشار إلى أن “الجواهري إستطاع أن يملك قصائد ارتقت الى منزلة العبقرية”.
وعن مميزات الكتاب، قال شعبان: “انه يحمل فهرسة مميزة وتبويباً خاصاً، ويتضمن قصيدة خصّ بها الجواهري، حيث استمرت العلاقة بينه وبين الجواهري زهاء ثلاثين عاماً”.
وعن فلسطين قال: “عاشت فلسطين في ضمير الجواهري”، مشيرا الى “قصيدة يافا التي كتبها عام 1945”. وكأن الجواهري كان “يتنبأ في ذلك الزمن، أن يافا اتجهت الى اتجاه اللاعودة”.
واختتمت الأمسية بحوار ونقاش بين الحضور والضيف، حول الكتاب، وحول علاقة الشعراء العراقيين القدامى بالجدد، وعلاقة شعبان بالشعراء، وحول أثر الجواهري في نفس شعبان، ودور العاصمة اللبنانية بيروت في مسيرة الشعراء العرب.