الوعي الحقوقي.. الجزء “2”
//خاص المدارنت//… تعريف الوعي الحقوقي
كغيره من المصطلحات والمفاهيم الإنسانية في العلوم الإنسانية، التي تهتم بالإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب والأمة والعالم الإنساني الأوسع والأرحب، فإننا لا نجد تعريفا حصريا وحيدا ومطلقا لمصطلح ومفهوم “الوعي الحقوقي”، فهناك تعريفات متعددة ومتنوعة وكثيرة له، وذلك طبقا للمراحل الزمنية التطوّرية للمجتمعات البشرية، ومن ثم تطور حاجات وحاجيات واحتياجات الإنسان الفرد فيها، وسعيه الدوؤب نحو الأفضل، وكذلك وفقا للإطار الوعيي -المعرفي لواضعي تلك التعريفات، والفترة الزمنية والموقع الجغرافي – المجتمعي الذي عاشوا فيها.
من ضمن هذه التعريفات ما يلي: “يعرف العلماء الوعي الحقوقي Rights Consciousness بأنه الوعي بالحقوق القائمة، والرغبة في تأكيد هذه الحقوق، وفهم العلاقات الاجتماعية بلغة الحقوق. وتعرف الحقوق بشكل عام باعتبارها مطالبات فردية في مواجهة الدولة. وتصف الحقوق السلبية ما يجب على الدولة أن تمتنع عن فعله تجاه مواطنيها، فإذا كان لشخص ما حقّ مُعين، فإنه من الخطأ أن تنكر الحكومة عليه هذا الحقّ، حتى ولو كان ذلك فى المصلحة العامة. ومن ناحية أخرى، تصف الحقوق الإيجابية ما يلزم على الدوله ان توفره لمواطنيها”.
ويعرف أوليدوف الوعي الحقوقي بأنه: “جملة الآراء التى تعكس علاقة البشر بالحق القائم، والتصورات التى يمتلكها البشر حول حقوقهم، وواجباتهم، ومدى مشروعية هذا السلوك أو ذاك”.
في حين يعرّفه وسبى Wasby بأنه: “ذلك الوعي العام، بأن الحقوق يمكن المطالبة بها والدفاع عنها ضدّ الآخرين، ولا سيما الحكومة. فالناس يدركون أنهم يمتلكون حقوقاً، وأن هذه الحقوق يجب ألاّ يتم اختزالها من قبل الحكومة أو الآخرين”.
ويرى فيرناندو Fernando أن “الوعي بحقوق الإنسان يعني تصور الناس أن لهم حقوقاً، وأنهم يملكون هذه الحقوق لأنهم بشر، بغض النظر عن أي تمييزات اجتماعية أو غيرها. كما يعني أيضاً قدرة الناس على التمييز بسهولة بين مختلف جوانب حقوق الإنسان، في الحياة والأمن والدين والتعليم وحرية التعبير.. الخ، وأنهم يدركون أهمية هذه الجوانب المختلفة، فيما يتعلق ببقاء الإنسان وكرامته”.
ويعرف أبو شمالة الوعي بحقوق الإنسان بأنه: “تلك المعاني والمفاهيم والتعميمات والاتجاهات والقيم والمهارات الخاصة بحقوق الإنسان، وفهم معناها الحقيقي، والتعبير عنها، وتوظيفها أو استخدامها في ميادين الحياة المختلفة، بخاصة ميدان حقوق الإنسان، بما يشتمل من حقوق وواجبات متعارف عليها.
ويرتبط مفهوم الوعي الحقوقي بمفهوم آخر له، هو الوعي القانوني Legal Consciousness، والذي يركز على تصورات الناس العاديين حول القانون في الحياة اليومية، ويعرفه البعض بأنه يشير إلى طرق الناس في فهم واستخدام القانون”.
ويذهب بعض الباحثين، إلى أن الوعي القانوني، يتضمن أن يدرك الشخص أن له حقوقاً، وأنه يستطيع تأكيدها عن طريق القانون. ويتوافر لديه المعرفة بكيفية وأسلوب استخدام القانون لتحقيق مصالحه، ويشمل فضلاً عن ذلك العمل الإيجابى، فالشخص الذي يتمتع بالوعي القانوني لا يعرف حقوقه فقط، ولكنه يقدم على اتخاذ الخطوات العملية القانونية، عندما يشعر أن من صالحه عمل ذلك (منقول).
… شخصياً.. أرى أن الوعي الحقوقي للإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب والأمة، يتناسب تناسباً طردياً مع الموقع الذي يحتلونه، ومع الحاجات والاحتياجات والحاجيات لهم، فالوعي الحقوقي للفلاح يختلف عن الوعي الحقوقي للعامل، والوعي الحقوقي للفئة المثقفة يختلف عن الوعي الحقوقي للفئة غير المثقفة، والوعي الحقوقي لموظفي القطاع العام والخاص يختلف عن الوعي الحقوقي لغير الموظفين.. إلخ.
كذلك، إننا نجد فوارقاً بين الوعي الحقوقي بين مجتمع وشعب وأمة ما، وبين غيرها من المجتمعات والشعوب والأمم، وكلما اتسعت الحاجات والاحتياجات والحاجيات للإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب والأمة طبقا لموقعهم، سواء كان ذلك التوسّع والاتّساع أفقيا أو عموديا، كلما اتّسعت وتوسّع الوعي الحقوقي لديها.
وبناء على ذلك وعليه، نرى أن الوعي الحقوقي للإنسان الفرد والإنسان المجتمع والشعب والأمة، هو الشعور والاحساس الحقيقيين من قبلهم، بالحاجة الماسّة والضرورية لتلك الحقوق، ومن ثم بأهمية الحصول عليها، عبر العمل الدوؤب والجاد في سبيل نيلها، ومن ثم الحفاظ عليها، وذلك وفقا لموقعهم وحاجاتاهم واحتياجاتهم، ذلك الوعي الذي يولد المعرفة بتلك الحقوق، وبما ينتج عنها ويترتب عليها.
… يتبع.