ترامب ينتظر دوره على قارعة الحلم الأميركي!

“المدارنت”..
مات الحلم الاميركي.. حدثت الوفاة على دفعات.. الخرافة لا ترحل كالبشر. لم يستطع احد حتى اليوم رصد التاريخ الدقيق لسقوط الحلم الأميركي. قلة ترجح ان الحلم الاميركي انتهى خلال العقدين الاولين من القرن العشرين. كثر لم يولوا هذه المناسبة أهمية تذكر باعتبار انها اسطورة جميلة وكفى.
في اي حال لم يكترث احد باعلان الوفاة الرسمية لواحدة من اهم الاساطير في القرن العشرين. تحول هذا الحلم الى طيف يظهر ويختفي كلما دعت الحاجة الى ذلك.
اليوم جاء دور الرئيس الاميركي دونالد ترامب، ليلوح من بعيد بالحلم الاميركي. افتتح منذ ايام خطابه الطويل الغريب العجيب بكلمتين اثنتين: عادت اميركا وفي ظنه ان اعجوبة حصلت بعد انتخابه ثانية ايقظت الحلم الاميركي من غفوته الثقيلة. وهو يعلم علم اليقين ان عودة اميركا، في السياق الذي يريد، لن يقيض لها التحقق الا مصحوبة بانتعاش الحلم الاميركي.
حبذا لو يعلم دونالد ترامب ما ينبغي ان يعلم ولكنه لا يعلم. ان تحقيق الحلم يتطلب، بالدرجة الاولى، حالما محترفا خبيرا بتكوين الاحلام. ضليعا بتفكيكها ملهما ببث الحياة فيها. من سوء حظه لا يندرج ترامب في هذه النخبة النادرة من “السحرة” الموهوبين الذين بمقدورهم ان يستخدموا الحلم: كالتعويذة” من اجل ان يصنع منه حضارة لم تعد تقوى على البقاء.
نكاد لا نصدق ما نرى. ان ترامب يخيل اليه انه يكفي ان يستدرج افكاره ورغباته وامنياته الى حيز القول لتنقلب اوامر صارمة تنتظرها الالهة لتحققها. هذا ما حصل تماما عندما تراءى له انه قادر بالكلمة على شراء مدينة غزة بالكامل واعادة بنائها على نسق الريفييرا الفرنسية. وهو عينه ما لمسناه ايضا عندما تفتقت نبرته عن الاعتقاد الحاسم بأن الحرب الروسية الاوكرانية ستتوقف ما ان يبادر هو الى ذلك.
الامثلة على هذا التوهم المضحك للقدرة على الفعل الخارق متعددة مختلفة.
يريد ترامب ان يصدق ويقتنع ويؤمن انه الابن البار للحلم الاميركي. ومع ذلك فان ثمة منحى منحرفا في هذا السياق الصعب هو ان ترامب بات يوقن على الارجح ان الحلم الاميركي لن يكتب له الحياة من جديد ما لم يتدخل هو شخصيا لاستيلاده.
من يستطيع ان يقنع ترامب ان لا علاقة له بالحلم الاميركي هذه الخرافة الرائعة التي لم تشأ الاقدار ان تحتضنها فتخلت عنها على حين غرة.
ما من سبيل الى ذلك على الارجح. من أجل ذلك لا يبدو ان ترامب سيظهر تساهلا.حيال الاشخاص او الافكار او المفاهيم التي قد تعوق تحقيق ما يعتبره ضروريا لعودة اميركا بهالة عظيمة تليق بما.يسمى الحلم الاميركي.
ولكن ترامب ،سمسار العقارات في.الاساس، لن يألو جهدا في استخدام مخزونه الانتهازي الكبير لالقاء الملامة الجارحة على الاخرين.وما أكثرهم؛ فهم كل من لا يتوسم في دونالد ترامب رئيسا موهوبا بحجم الدولة الاخطر في العالم على كل الصعد.
ترامب مطمئن في الأغلب لأنه حجز لنفسه مكانين في التاريخ، اولهما انه تمكن من ترؤس الولايات المتحدة، والثاني، انه فعل ذلك استنادا الى مشروع مستحيل التحقق.
ان غدا لناظره قريب.
هل يأتي ذلك الغد.