تصعيد “إسرائيلي” نحو حرب واسعة..!
“المدارنت”.. الأحداث في الإقليم تتصاعد، وتدخل مرحلة التعقيد، بعد ارتفاع حدة المواجهات فيها، وهذا لطالما حذر منه الكثيرون، بأنه إذا لم يتم وضع نهاية لحرب غزة، التي تدخل عامها الثاني بعد أيام، فإن الأوضاع قد يصعب السيطرة عليها، وستتجه نحو حرب ضروس، لا يمكن قياس أبعادها ومداها وامتدادها أو السيطرة عليها، إذ إن بإمكان الجميع إشعال الحروب، لكن لا يستطيع أحد تخمين إلى أين يمكن أن تصل نيرانها.
“إسرائيل” على مدار عام كامل، راوغت من خلال صفقات كانت تطرح لوقف إطلاق النار في غزة والتوصل لهدنة، لكن الأيام أثبتت أنها كانت يبدو تعمل على تضليل استراتيجي كبير، هدفت من خلاله إلى شراء الوقت لإنهاك غزة وإنهائها، بحيث لا تشكل تهديداً، ثم الانتقال إلى جبهة أخرى.
وبالفعل بدأت عملية كبيرة ومفاجئة في لبنان، بقوة نارية غير مسبوقة، إذ تنسف مربعات سكنية، وتنفذ أحزمة نارية، وتقتل المئات يومياً، وتوزع أوامر إخلاء للسكان، ثم أعلنت البدء بعملية برية، ولم يتم الاكتفاء بذلك، بل إنها قصفت في قلب سوريا وحتى اليمن، ثم تدحرج الأمر إلى ردّ إيراني بما يزيد على 200 صاروخ باليستي استهدفت إسرائيل، وتوعُد الأخيرة برد قاسٍ.
عملياً، فإن الإقليم اشتعل بالفعل، لكن بقيت لحظة الصفر لإعلان الحرب الشاملة، إذ إن تل أبيب لن تمرّر الصفعة التي تلقتها من طهران، وهذا ما توعّد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي قد يستهدف مواقع نفطية أو عسكرية أو حتى منشآت نووية إيرانية، ما قد يستدعي رداً آخر، كما أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ووزير دفاعه عزيز زاده، أن إسرائيل ستتلقى صفعة أكثر شدة في حال ردها على الهجوم الأخير.
نتنياهو الذي استدعى نصوصاً توراتية مجدداً بقوله مؤخراً: «كما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم»، ثم تأكيده بأن إسرائيل «تقوم بتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط»، غير معنيّ بخفض التصعيد حالياً، إذ يريد استغلال الوضع الحالي على أمل القضاء على كل أعدائه، وإعادة الردع، واستعراض قوة إسرائيل، وهو ما يوسّع رقعة النار، ويزيد الأمور تعقيداً، وينذر بما هو أسوأ، خصوصاً أن الولايات المتحدة تغضّ الطرف عن توجهات نتنياهو، بل وتدعمها.
لن يقتصر توسع الحرب على الدول المتحاربة فقط، بل إنه قد يطال كل المنطقة، خصوصاً مع التحفز العسكري الحاصل الآن، وهذا يستدعي موقفاً عربياً موحداً يبرد الإقليم بوضع الأمور في نصابها، عبر إجبار إسرائيل على وقف مقتلتها في غزة ولبنان، والتراجع عن غرورها «القاتل».