شدّد نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني على أن “الدين يجب ألا يكون بديلا من الاستثمار بل مكملا له، وأن الخطط مهمة ولكن الأهم التزام مهل زمنية معينة والتنفيذ”، مشيرا الى ان “لا ثقة للناس بتنفيذ الحكومة القرارات التي تتخذها، لذا مع إقرار الموازنة على الحكومة تنفيذ القرارات والخطط مثل الكهرباء والتحصيل الجمركي”.
ورأى في حديث عبر إذاعة “صوت لبنان – ضبية”، أن “الجلسة المقبلة في مجلس الوزراء لا يمكن النظر إليها على انها شكلية”، موضحا أنه “رفعت الجلسة الأخيرة لضيق الوقت، إنما الرئيس سعد الحريري اوضح أن النقاش سيستمر في جلسة بعبدا في النقاط المطروحة وتثبيت بعض النقاط، ولا يمكن للحكومة ان تحيل قانونا غير مكتمل لمجلس النواب، دور رئيس الجمهورية أساسي في هذا النقاش وفي الإحالة على مجلس النواب”.
وعن الاطالة في جلسات الموازنة، لفت الى ان “الوقت اصبح مكلفا، والعائد من الاستثمار في الوقت لم يعد مجديا. دخلنا في نقاشات على الصغائر ونسينا الكبائر. هذا سبب تحفظنا كوزراء القوات اللبنانية امس، حرصا على الوقت. لسنا ضد الموازنة ومن الضروري اقرارها ولكننا لسنا موافقين على الكثير من الامور وخصوصا كالتي وضعت في الربع الساعة الاخير في النقاش التقني. فعلى سبيل المثال تم نسف نقاش 5 أيام عن واردات الاتصالات عندما قال وزير الاتصالات (محمد شقير) انه يريد تخفيض عائدات الاتصال. كانت لدينا نقاط عدة طرحت ولكن عند بحث كل نقطة عرضناها أخذ بالكثير منها وبعضها عرضها غيرنا ووافقنا عليها. يجب ان نتطلع الى الاصلاحات البنيوية الكبرى التي ستطال موازنة العام 2020. نقول إننا وصلنا الى خفض الدين العام الى 7.5%، وكنا طالبنا في اول جلسة كقوات ان تكون 7 % لكي يكون هناك هامش للخطأ في التطبيق، ولو استطعنا الوصول اليها في أول السنة لكنا مرتاحين أكثر، مع العلم بأن الرقم جيد. اما الإصلاحات فستطبق خلال 6 أشهر”.
هيكلية الدولة
وأكد ان “النقاش بشكل عام تركز على توحيد كل المخصصات والمساعدات، وخصوصا تلك المبالغ بها، ضمن إطار العدالة بين الموظفين من دون المس بجوهر الراتب، ولكن علينا إعادة النظر بهيكلية الدولة كاملة، وتصحيح الخلل من خلال المعاش التقاعدي بحسب مخصصاته. وضعنا سقفا لعضوية اللجان أيضا، كل ذلك يصب في خانة الإصلاحات الإدارية، كمثل راتب التقاعد للنواب. كثرت الصناديق والجهات الضامنة وتعددت طرق تمويلها. لا يجوز أيضا أن نصحح الراتب من خلال التقديمات وأمور خارج الراتب لأي سلك انتمى، علينا إعادة النظر بهيكلية الدولة كاملة، وتصحيح الخلل من خلال المعاش التقاعدي بحسب مخصصاته في العمل”.
وأشار الى أن “الموازنة تتضمن واردات ونفقات، والحديث كان دائما عن النفقات وتمت معالجة العديد من المكامن فيها. لم نرد التأثير على المنح المدرسية للقطاع العام ولكننا حريصون على مبدأ العدالة والمساواة. فموظفو التعاونية يأخذون نسبة معينة لتعليم أولادهم اقل من غيرهم، وحتى نحافظ على العدالة الكاملة للجميع، قلنا ان مساعدات البعض أعلى من موظفي تعاونية الدولة، وتم تخفيض 15% من المساعدات العالية للموظفين الآخرين”.
ولفت الى ان “الميزان التجاري في لبنان يشكل خطرا بحيث ان الورادات أكبر بكثير من الصادرات”، وفند بنود الموازنة”، واعتبر ان “رسم 2% على البضائع المستوردة، ليس بالرسم الكبير، وعلى وزارة الاقتصاد ان تراقب الأسعار في السوق، والزيادة على الأسعار لن تكون مؤلمة لأن هناك بديلا للمنتجات”.
خصخصة الاتصالات
وعن قطاع الاتصالات، قال حاصباني: “في الربع الساعة الأخير من الجلسة، وعلى الرغم من مطالبتنا بزيادة التحويلات من الاتصالات الى الخزينة، تفاجأنا بتخفيض 170 مليون ليرة من الإيرادات، الأمر الذي سينعكس سلبا على مالية الدولة. التبرير كان مقتضبا جدا من الوزير شقير، لبنان ربما البلد الوحيد بعد كوريا الشمالية، حيث الدولة تملك الشبكات وتدير القطاع. العقود التشغيلية بدعة تخطت الزمن المفيد لها، لذا يجب خصخصة قطاع الاتصالات، وهذا يمكن ان يدر الى الخزينة 6 مليار دولار. هناك قانون خصخصة في لبنان منذ 2000 ولم يطبق، هذه الخطوة ستدر اموالا بالعملة الأجنبية، تساعد في توفير السيولة، سد عجز خدمة الدين، تنمية الإقتصاد، توسيع الخدمات وفتح باب الاستثمار الأجنبي”.
خصخصة المرفأ
وتوقف عند واقع مرفأ بيروت قائلا: “قدمنا دراسة لمرفأ بيروت الذي تديره منذ التسعينات لجنة الموقتة، وضعت لإدارة الأمور اللوجستية، هذه اللجنة لها حساب مصرفي من المداخيل، وتحول جزءا من الحساب الى الدولة اللبنانية، والجزء الآخر معاشات واعمال تشغيلية، اليوم يمكن ان نوفر المصاريف الاستثمارية ونحولها الى الخزينة، لحين إصلاح هذا القطاع بشكل بنيوي عبر خصخصته، المرفأ اليوم ليس مؤسسة عامة وليس شركة خاصة، بل هو اطار هجين”.
وقال: “مفهوم ادارة القطاع العام لكل شيء كان سائدا في الستينات، ولكن أثبتت المؤسسات العامة انها تقيد العمل فيها، فليست ادارة عامة تخضع لكل المعايير وليست مؤسسات خاصة تخضع لمعايير التنافس، لذا علينا إعادة النظر بكل المؤسسات العامة، وعندئذ قد تبقى مؤسسات عامة، او بالشراكة بين القطاع الخاص والدولة او شركات تابعة للدولة، تستطيع الاستدانة مباشرة، وليس الدولة من يستدين لها”.
المعابر غير الشرعية
وعن المعابر غير الشرعية، أكد حاصباني ان “إقفالها يتم عبر الجيش اللبناني وحده”، وطلب ذلك من وزير الدفاع الذي قال إنه “أخذ هذا الأمر على عاتقه”. ورأى أن “إقفال المعابر غير الشرعية يزيد العائدات لخزينة الدولة، وتم الاتفاق على وضع scanner على المرافئ، والامر على عاتق وزارة المال”.
“سيدر”
ولفت نائب رئيس مجلس الوزراء الى ان “الخطوات بالنسبة لمقررات سيدر لم تتوقف، والعمل على مشاريع سيدر قائم، والمنظمون طلبوا خطوات إجرائية أكثر، وهناك بعض المشاريع مع البنك الدولي غير مرتبطة بسيدر، الذي يعتبر بمثابة إعلان نوايا من المؤسسات الدولية والدول الصديقة لتوفر تمويلا بديون ميسرة وديون عادية، ولكن نتمنى الا نفوت هذه الفرصة. أولا يجب الانطلاق من استقرار الوضع في البلد، ومن ثم القيام بإصلاحات بنيوية ومن بعدها نسعى لجذب الاستثمارات، وان كنا لا نزال نحتاج للاستدانة، فعندئذ نلجأ للقروض ولكن بفائدة منخفضة بعد قيامنا بإصلاحات”.
الهيئات الناظمة
وأوضح أن “الإصلاح لا يكون إذا جلبنا أي خدمة مرحليا، إذ سنعود للهدر. وجود الهيئات الناظمة ضروري للاصلاحات البنيوية ويتيح للدولة التفرغ للملفات الأساسية”، معتبرا ان “البعض يتهرب من الهيئة الناظمة بذريعة انها تأخذ من صلاحيات الوزير والبعض الآخر يسعى لتخفيض صلاحياتها لتصبح فقط هيئة استشارية للوزير، بعض من يطالب بالإصلاح قد يكون هو نفسه يضرب الهيئات الناظمة، ويمنعها من أن تلعب دورها، تحت ذرائع عدة، علما بأن الهيئات المستقلة مثل مصرف لبنان أثبتت نجاحها”.
التوظيف
وردا على سؤال، أجاب: “كيف تحتسب سلف كهرباء لبنان وأين ترصد داخل الموازنة وكيف يتم التعامل معها إذا زاد الطلب عما هو موجود في الموازنة. نسمع الكثير من المزايدات في دعم المستشفيات الحكومية. على الدولة مدفوعات من مقدمي الخدمات ومنها المستشفيات الحكومية وهناك مستشفيات لها على الدولة مبالغ منذ العام 2000، كل هذه الأرقام لا تسجل كديون، لذلك لا وضوح في حجم العجز والحاجة الحقيقية للتمويل. بعض المؤسسات الرسمية وظفت كالمستشفيات الحكومية خلافا للتعميم الذي أصدرته كوزير صحة بعدم جواز توظيف. جرت توظيفات من دون العودة إلى الوزير الوصي. إذا حصلت تعاقدات خارج الأصول يجب ان يوقف دفع المعاشات لهؤلاء فورا. بدل تخفيض المعاشات للموظفين، لينظروا إلى الفائض في التوظيف. جرى تعاقد مع شركات تحت إطار إتمام مشاريع ولكن بالحقيقة كانت شركات توظيف على شكل توظيف مقنع”.
وختم: “الموازنة عمل تشاركي، وكنا إيجابيين ببحثها وإقرارها، وقلنا اننا لا نريد عرقلتها للشروع بالبحث في موازنة 2020، على لبنان ان يحافظ على النأي بالنفس، ولكن إذا أدخل لبنان في صراع بشكل مباشر، لا يمكن ان ينأى بنفسه عن هذا الصراع، لذا يجب تحصين لبنان من الصراعات”.