عربي ودولي

حين يَحني “حزب الله” رأسه.. ضعف أم خيار استراتيجي حتى تمر العاصفة؟

“المدارنت”..
في الأسبوع الماضي دفن (الأمين العام السابق لحزب الله السيد) حسن نصر الله، زعيم “حزب الله”، وخليفته هاشم صفي الدين، الذي صُفّي بعد أسبوع منه.
منظمة الإرهاب اللبنانية سعت إلى إجراء استعراض جماهيري للقوة يثبت بأن المنظمة لا تزال حية ترزق، وتتمتع بتأييد واسع بين السكان الشيعة في لبنان. لهذا السبب اختارت إجراء طقوس الدفن، بخلاف ما هو دارج في الإسلام، بعد خمسة أشهر من تصفية نصر الله وصفي الدين، وهكذا سعت لتضمين استعداد أفضل للجنازة وألا تعرقل إسرائيل سيرها أيضاً.
الجنازة التي جرت في الاستاد الرياضي في بيروت، اجتذبت الكثير من المشاركين، وإن كان أقل بكثير مما توقع أو عمل “حزب الله”. سرب من سلاح الجو ظهر في السماء عندما أدخل نعشا نصر الله وصفي الدين، إلى الملعب. لكن بعد كل هذا، بقي السؤال على حاله إذا كان احتفال التشييع يمثل نهاية حسن نصر الله، أم يمثل أيضاً نهاية “حزب الله”، كقوة عسكرية مسلحة تشكل تهديدا على إسرائيل.
ليس لهذا السؤال بعد جواب واضح، وبغياب مثل هذا الجواب، تفضل إسرائيل “التعويل” على الأماني – إصابة “حزب الله” بضربة شديدة، وهو اليوم تنظيم مردوع يبحث عن الهدوء وليس عن المواجهة، بالضبط مثلما درجنا على قول هذا بعد حرب لبنان الثانية في صيف 2006، ومثلما درجنا على القول أيضاً عن حماس بعد كل جولة مواجهة خضناها معها طوال العقد الماضي.
سماح الجيش الإسرائيلي وحكومة إسرائيل لسكان الشمال بالعودة إلى بيوتهم يبدو قصيراً، لكن الواقع على الأرض لا يتوافق وهذه الأماني.
تعرض “حزب الله” لضربة شديدة في أثناء الحرب الأخيرة، فقيادته العليا وقيادته العسكرية صفيت، والكثير من قدراته العسكرية دمر، والسكان الشيعة شهدوا دماراً وخراباً على مستويات غير مسبوقة.
تجد إيران صعوبة في مساعدة التنظيم بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. وأخيراً، ثمة رئيس منتخب في لبنان لا يتماثل مع “حزب الله” أو يستمع لأوامره، بل حكومة ملتزمة بنزع سلاح التنظيم.
لا غرو أن تخوف إسرائيل من “حزب الله” اختفى، والدليل أن الجيش الإسرائيلي يعمل بحرية وبلا قيد، حالياً على الأقل، في كل مرة يشخص فيها محاولات من التنظيم لإعادة بناء قدراته العسكرية.
لكن تنظيم “حزب الله” لم يهزم ولم يصف، وكذا أيضاً دافعه للمس بإسرائيل. فقد بقي بعض من قدراته العسكرية، وبضع عشرات آلاف الصواريخ، وبضع عشرات آلاف المقاتلين من حملة السلاح، ولا يزال أقوى من الجيش اللبناني الذي يفترض بأن ينزع سلاحه.
لا غرو أن جيش لبنان لا يفعل شيئاً لنزع قدرات “حزب الله” العسكرية. لم ينسحب أحد من مخربي التنظيم الإرهابي إلى شمالي الليطاني، ولم يسلم التنظيم للجيش اللبناني أي صاروخ أو استحكام عسكري واحد من تلك المئات التي يملأها في أرجاء لبنان.
واضح أن أحداً في لبنان لا يعتزم الصدام مع التنظيم ومؤيديه، ما يدهور الدولة إلى حرب أهلية متجددة، لذا فإن أمنية اللبنانيين – وبالمناسبة، أمنية إسرائيل أيضاً –أن يوافق التنظيم، تحت ضغط سياسي لكن ليس عسكرياً، على تسليم سلاحه.
غير أن من يعرف لبنان يعرف أن “حزب الله” لن يوافق طوعاً على فقد صوابه. تنظيم حزب الله اختار خياراً استراتيجياً في خفض الرأس حتى تمر العاصفة، وأن يمتص الضربات التي توقعها إسرائيل، ثم يرمم قوته، بالضبط مثلما تحاول حماس عمله في غزة.
للتنظيم منطق خاص به، ليس منطقاً غربياً أو إسرائيلياً، و“زمن حزب الله” يقاس بالسنين وبالعقود، وليس بالأيام أو الأسابيع مثلما هو عندنا.
وعليه، حدوث غير المتوقع ليس مفاجأة لنا، وسيعود التنظيم ليرفع رأسه، ويرفض نزع سلاحه، بل ويستأنف عمليات الإرهاب ضدنا إذا ما اقتنع بأن إسرائيل غير معنية بجولة قتال أخرى بعد أن يعود سكان الشمال إلى بيوتهم.

المصدر: أيال زيسر/ “إسرائيل اليوم” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى