دمار ونزوح.. تحديات انتخابات البلدية في “الخيام” جنوب لبنان!
“المدارنت”..
وسط دمار هائل خلفته الحرب “الإسرائيلية” (الإرهابية الصهيونية) على جنوب لبنان، تبرز تحديات جسيمة أمام إجراء الانتخابات البلدية و“المخاتير” في بلدة الخيام التي تعاني من انهيار البنية التحتية وتشتت المواطنين، وغياب متطلبات العملية الديمقراطية.
ومطلع أبريل/ نيسان الجاري أعلنت وزارة الداخلية والبلديات تواريخ إجراء الانتخابات بحسب المحافظات، فحددت يوم 25 مايو/ أيار المقبل موعدا لمحافظتي “لبنان الجنوبي” و”النبطية”، حيث تقل بلدة الخيام التابعة لقضاء مرجعيون.
ورصدت الأناضول حجم الدمار الكبير الذي لحق ببلدة الخيام الحدودية في محافظة النبطية، حيث تحولت أحياء البلدة إلى أكوام من الركام بفعل التفجيرات والغارات التي نفذها الجيش الإسرائيلي خلال أسابيع من وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وأظهرت المشاهد حجم الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية الإسرائيلية، إذ جرى تفخيخ عدد كبير من المنازل ونسف أحياء بالكامل، ما جعل البلدة غير صالحة للحياة في الوقت الحالي، ويزيد من التحديات أمام إجراء الانتخابات البلدية بالمنطقة.
وبعد آخر انتخابات بلدية في لبنان أجريت عام 2016، تم تأجيل إجراء انتخابات جديدة لثلاث مرات.
ورغم انتهاء ولاية المجالس البلدية والمخاتير في مايو/ أيار 2022، تم تمديد ولايتها لمدة عام نتيجة تزامنها مع استحقاق الانتخابات النيابية.
وعام 2023 تأجلت مجددا نتيجة الشغور الرئاسي، بينما تأجلت للمرة الثالثة عام 2024 بسبب العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان في 23 سبتمبر/ أيلول.
شروط ومواعيد الترشح
وبحسب بيان لوزارة الداخلية، فمن يرغب بترشيح نفسه للانتخابات البلدية والمخاتير، عليه تقديم أوراقه الشخصية من صندوق المالية في المحافظات والأقضية بقيمة عشرة ملايين ليرة لبنانية أي ما يعادل 112 دولارا.
وتبدأ مهلة تقديم تصاريح الترشح بتاريخ 4 أبريل، وحتى 23 من الشهر ذاته، كما تنتهي مهلة الرجوع عن الترشح يوم 28 أبريل أيضا.|ويتنافس المرشحون في بلدة الخيام البالغ عدد سكانها نحو 35 ألف نسمة، على 21 مقعدا للبلدية و11 مختارا، من مجمل عدد الناخبين الذين يحق لهم الاقتراع البالغ 18 ألفا.
تحديات الانتخابات
وفي 7 أبريل، أعلن “تجمع البلدات الجنوبية الحدودية” أن “بلديات الشريط الحدودي في جنوب لبنان، التي تمتد من الناقورة إلى العرقوب مروراً بالعديد من القرى والمناطق الحدودية، تواجه تحديات غير مسبوقة في إجراء الانتخابات البلدية المقبلة”.
ولفت التجمع في بيان إلى أنه “في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان، تتضافر الجهود لتوفير بيئة آمنة وفعالة تضمن وصول المواطنين إلى صناديق الاقتراع، رغم التحديات المعقدة التي تتخلل هذه العملية”، مؤكدا “الاستعداد لتنظيم الانتخابات في أجواء من الشفافية”.
وأوضح أن أبرز التحديات تتضمن “التنقل من بيروت إلى القرى والتنقل إلى مراكز الاقتراع في مناطق خارج نهر الليطاني وتنقل رؤساء الأقلام والمساعدين (والذين وفقا للقانون يجب أن يكونوا من خارج المنطقة)”.
وذكر التجمع أن هناك تحديات أخرى تشمل “استمرار القصف الإسرائيلي على القرى الجنوبية والاغتيالات والتهديدات الأمنية، ما يخلق بيئة غير مستقرة تؤثر بشكل مباشر على سير العملية الانتخابية”.
انتخابات فوق الركام
علي خريس (54عاما)، المرشح لمنصب مختار، قال إن “انتخابات البلدية ستقام في موعدها وسط بلدة الخيام”.
أضاف أن من الصعوبات في هذه الانتخابات ببلدة الخيام أن “النازحين سيتفاجؤون عند عودتهم ويحزنون لمشاهدة منازلهم التي دمرها العدو الإسرائيلي”.
وأوضح خريس أن هناك عددا من الشباب رشحوا أنفسهم للانتخابات البلدية، كما رشح نفسه لمنصب “مختار” بهدف “خدمة أهالي بلدتي”.
وأشار إلى أنه في حال نجاحه فسيعمل على “التنسيق الدائم مع البلدية والدولة للمطالبة بإعادة الكهرباء والماء وخطوط الهاتف” إلى البلدة.
من جهته، تحدث محمد نصار (78 عاما)، وهو يشير إلى الدمار الحاصل في منازل البلدة، عن عدم صلاحية العيش بالمنطقة التي تواجه “صعوبات كبيرة لعدم وجود مياه ولا كهرباء ولا خطوط هاتف التي تعد عصب الحياة في هذه الأيام”.
ودعا نصار أهالي بلدته إلى “العودة والترشح والمشاركة في الانتخابات للتعبير عن آرائهم ومساندة بعضهم البعض من أجل النهوض بهذه البلدة من جديد بعد الدمار الذي ألم بها”.
أما بسام غريب (56 عاما)، فتمنى أن تجرى الانتخابات في موعدها، وأن تكون “سليمة وشفافة ولو على الركام”. وأشار إلى أهمية توقف الغارات والاغتيالات الإسرائيلية في المنطقة لضمان إجراء الانتخابات.
وقال: “الأهالي صامدون رغم هذا الدمار العظيم، ونريد الانتخابات أن تحصل ولو على أسطح المنازل المدمرة وسنرفع الرايات، ولن ننكس الأعلام”.
أضاف: “التحدي الوحيد ليس ماديا أو الدمار، إنما التحدي هو أننا يجب أن نبقى بهذه الأرض ونصمد فيها، وليست هذه المرة الأولى التي ننزح منها أو تدمر منازلنا”.
دعوة للمشاركة بكثافة
بدروه، أعرب العضو الحالي ببلدية الخيام، سليم عبد الله، عن أمله في أن تجرى الانتخابات في موعدها، داعيا أبناء بلدته إلى المشاركة “بكثافة” في الانتخابات “حتى ولو على أنقاض المنازل”.
ولفت إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات السابقة كانت 60 بالمئة، متوقعا أن تصل النسبة في الانتخابات القادمة إلى أكثر من 80 بالمئة.
وقال: “سيتحقق الحلم ونحن صامدون في بلدتنا الخيام على أرضنا ولن نتركها”، وأعرب عبد الله عن أمله في أن “تتحسن الأوضاع وأن تعود الأمور كما كانت” قبل الحرب الإسرائيلية.
وأوضح أنه “يجب أن يكون هناك انتخابات لكي يكون هناك بلدية تقوم بواجباتها تجاه شعبها، من أجل النهوض من تحت الركام وإعادة تعمير ما هدمته إسرائيل”.
وشنت إسرائيل في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 عدوانا على لبنان تحول إلى حرب واسعة في 23 سبتمبر/ أيلول 2024، ما أسفر عن أكثر من 4 آلاف شهيد ونحو 17 ألف جريح، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص.
ومنذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين الحزب وإسرائيل في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، ارتكبت إسرائيل 2763 خرقا له، ما خلّف 193 شهيدا و485 جريحا على الأقل، وفق إحصاء استنادا إلى بيانات رسمية حتى الجمعة.
وتنصلت إسرائيل من استكمال انسحابها من جنوب لبنان بحلول 18 فبراير/ شباط الماضي، خلافا لاتفاق وقف إطلاق النار، لتنفذ انسحابا جزئيا وتواصل احتلال 5 تلال رئيسية ضمن مناطق احتلتها في الحرب الأخيرة.