ندوة لـ”منظمة العمل اليساري الديموقراطي العلماني” عن “حقّ التعليم وحقوق المعلمين”
“المدارنت”..
نظمت “منظمة العمل اليساري الديموقراطي العلماني”، ندوة حوارية عن “حق التعليم وحقوق المعلمين” تناولت العلاقة الوثيقة بين حق التعليم الذي كفلته الشرعة الدولية لحقوق الانسان والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمعلمين، تحدث فيها رئيس نقابة التعليم الخاص الاستاذ نعمة محفوض وامين سر اللجان النقابية في التعليم الرسمي الاستاذ ركان الفقيه، وذلك في مقر المنظمة في بيروت، في حضور فاعليات نقابية وتربوية ومعلمين في القطاعين الرسمي والخاص.
قدمت للندوة المربية مي خضر، التي أشارت إلى “العلاقة الوثيقة بين حق التعليم وحقوق المعلمين التي تضمن بناء أجيال واعية ومسؤولة، وهو ما بات مهددا بفعل الانهيار الذي يعيش لبنان تداعيته الخطيرة على مختلف الأصعدة”. وتوقفت عند “الاضراب العام الذي يشهده قطاع التعليم الرسمي منذ نحو الشهرين”، وأكدت “ضرورة صون هذين الحقين اللذين يقعان على عاتق الدولة ومسؤوليتها في الوقت نفسه. لما لدور المعلم من اهمية في خلق اجيال مثقفة وواعية تستطيع تحمل مسؤولية النهوض بأعباء المجتمع، وهو ما أكدت عليه قرارات الاونيسكو والمؤتمرات العربية والعالمية عندما أكدت ضرورة تمتع المعلم بكامل الحقوق المادية والمعنوية”.
محفوض
بدوره، شدد محفوض على “ضرورة وضع المشكلة في إطارها الصحيح بالارتباط مع الوضع السياسي، حيث إن البلد مخطوف مما يجعل من الصعوبة بمكان البحث عن حلول حقيقية، فالحدود مستباحة على التهريب وأموال الدعم ذهبت خارج البلاد، وأفاد منها المهربون والمحتكرون، وأودت بودائع المواطنين التي نهبتها المصارف والمافيات السياسية، وبالتالي يجب التفتيش عن الحلول في المكان الصحيح. من هنا ضرورة ربط حقوقنا كمعلمين في حقوق التلاميذ والطلاب في الحصول على التعليم، وتطرق إلى اللقاءات التي عقدتها النقابة مع أصحاب المؤسسات التعليمية الخاصة، وما ترتب عليها من اعتراف بالحقوق لم يجد ترجمته على صعيد معلمي القطاع الخاص”.
وشدد على “أهمية الموازنة بين حق المعلمين الأكيد والضروري والحرص عليها، يلازمه الحرص على وضع البلد المهدد بالانهيار على جميع الأصعدة”، وأوضح أنه “سابقا كان يتم تهديد المعلم في التعليم الخاص بالصرف من العمل، وهو ما بات سيان في وضعه لجهة البقاء في التعليم، أو الصرف من الخدمة بعد ان انهارت قيمة الرواتب التي لم تعد تحقق قدرته على الوصول إلى مدرسته، أو تسد رمقه من الجوع. فرواتب بعض المعلمين ما تزال عند حدود المليون ونصف المليون ليرة لبنانية”.
كما لفت محفوض الى “التفاوت بين المدارس الخاصة لجهة الرواتب التي تقدمها لمعلميها، اذ إن منها ما يزال يدفع هذه الرواتب بالليرة اللبنانية وبمستوى متدن جدا، وأخرى تجمع بين تقديمها بالدولار والليرة معا، وهذه متدنية جدا أيضا، ومدارس أخرى كبرى تصل قيمة رواتب معلميها الى خمسمئة دولار أميركي وأكثر”. وأكد أن “مواجهة الواقع الراهن تتطلب إعلان العصيان المدني الى أن يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وتأليف حكومة تملك الصلاحيات اللازمة، وانتظام عمل المؤسسات الدستورية كمدخل لمعالجة الأزمة التي يشهدها البلد”.
وأعاد التذكير بـ”ضرورة اعتماد كل الوسائل السلمية الديموقراطية في النضال من إضرابات محدودة وتسويات بين أصحاب المدارس والمعلمين لتأمين حق التلميذ بالتعليم وحق المعلم وضرورة توفير المقومات والقدرات اللازمة للقيام بواجبه التعليمي والتربوي وسط استقرار اجتماعي وصحي له ولعائلته”.
الفقيه
كما تحدث في الندوة أمين سر اللجان النقابية في التعليم الرسمي الاستاذ ركان الفقيه الذي توقف عند “واقع التعليم في لبنان الذي يعيش أسوأ أوضاعه بسبب تحوله إلى سلعة تجارية ومصدر للربح للمؤسسات التعليمية الطائفية، وبعض المؤسسات التعليمية المرتفعة الاقساط جداً، والتي باتت تهيمن على ما نسبته 80 % من حجم التعليم الإجمالي في لبنان، بينما لم يعد التعليم الرسمي يمثل سوى 20 % من حجم هذا التعليم، نتيجة ضربه وتهميشه من قبل سلطة المحاصصة الطائفية التي حكمت لبنان منذ تطبيق اتفاق الطائف في العام 1990، التي يكفي للدلالة عليها أن المناهج التعليمية في لبنان لم تعدل منذ ما يقارب الـ 25 عاما، والتي ترافقت مع اغراقه بالمتعاقدين دون توفير الحد الادنى من حقهم في الاستقرار والعيش الكريم، وإخضاع التعاقد والمناقلات للمحاصصات السياسية والطائفية بعيداً عن المصالح الفعلية للمستفيدين من هذا القطاع بمن هم الطلاب وذويهم والمجتمع اللبناني”.
وأوضح أن “السلطة السياسية واكبت ذلك بضرب وتفتيت ومصادرة العمل النقابي، وشل دوره في الدفاع عن التعليم الرسمي وحقوق معلميه”. وأشار إلى أن “حق التعليم بعد الانهيار الاقتصادي ـ المعيشي الذي يشهده لبنان دخل في أزمة بنيوية خطيرة جداً سمتها الأساسية الوصول إلى طبقية التعليم، الذي لم يعد متوافرا بشكل حقيقي وجدي سوى لأبناء الطبقة الغنية فقط، وبالمقابل حرمان أبناء الاغلبية الساحقة من الفقراء اللبنانين وما كان يسمى سابقاً الطبقة الوسطى”.
وشدد على أن “الخروج من هذه الأزمة بات مرهونا بإطلاق تحرك نقابي جديد ومستقل عن القوى الطوائفية للتعليم الرسمي وعمل اللجان النقابية، التي بدأ تشكيلها داخل المدارس الرسمية. وبالتعاون مع لجان الأهل في هذه المدارس، ومع هيئات المجتمع المدني والاهلي، ومشاركة الجميع في التجمّع في ساحات الاعتصام والتظاهر دفاعاً عن حق التعليم وحقوق المعلمين، وبالتالي حقوق اللبنانيين بالحصول على تعليم ذي نوعية ذات جودة عالية”.
وفي الختام، فتح باب النقاش والحوار، حيث قدمت مداخلات تناولت معظم الجوانب المتعلقة بالموضوع ولا سيما ما يعانيه المعلمون من عجز عن متابعة دورهم التعليمي سواء في القطاع العام أو الخاص، ويحول دون القدرة على تأمين وصولهم إلى مراكز عملهم وتأمين الحد الأدنى من شروط حياتهم الصحية والمعيشية. كما تم “التطرق إلى التحركات التي شهدها المعلمون في القطاعين ومواقف الروابط الرسمية التي باتت ملحقة بأطراف سلطة المحاصصة”.
وقد أوضحت المداخلات “مدى تعمق الأزمة في ظل غياب معارضة سياسية ونقابية فعلية للسلطات القائمة بمختلف مواقعها، وكذلك حجم الآزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الكبيرة التي يعيشها لبنان، التي تؤدي إلى تلاحق انهيار القطاعات التي طالما ميزت البلاد، ومن ضمن تداعياتها انهيار التعليم بقطاعيه العام والخاص، مع لحظ الفارق بينهما، وبالتالي فقدان لبنان دوره الرائد على هذا الصعيد في المنطقة العربية”.