عربي ودولي

ذعر “إسرائيلي” بعد كشف “حفلتها التنكرية”.. ماذا وراء الاتصال بين واشنطن و”حماس”؟

“المدارنت”..
الحزب الجمهوري بات في جيوبهم. عصر جديد يبدأ. نتنياهو قبل كل شيء؛ فهو جمهوري أكثر من الجمهوريين. صحيح أنه خرق إطار الحيادية الإسرائيلية بالنسبة للسياسة الأمريكية، وأغضب يهود الولايات المتحدة أيضاً، لكنه اعتقد أن الأمر مجد. يظهر بعده ربيبه، رون ديرمر، أمريكي أكثر مما هو إسرائيلي، علاقاته مع القيادة الجمهورية بعامة ومع محيط ترامب بخاصة، هي رمزه التجاري. ولكيلا يكون ممكناً دق إسفين بين “القدس” وواشنطن فقد جندت الصحافية كارولين غليك، كي تكون مستشارة العلاقات الخارجية لرئيس الوزراء.
غليك، أمريكية في الأصل، مؤيدة لدولة واحدة، من البحر حتى النهر. ولكن من جانب اليمين. قال لي مصدر مطلع إنه لا أحد مثل غليك، المتفوهة الفائقة، له علاقات وثيقة بهذا القدر مع اليمين الأمريكي. مع منتخب كهذا، فإن التنسيق الكامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم يظهر واعداً بهذا القدر.
وكحجم التوقعات يكون حجم خيبة الأمل. هذه ليست إدارة معادية؛ بل العكس، فلا حاجة لتجاهل سلسلة خطوات مهمة، من استئناف إرساليات السلاح، وفرض العقوبات على إيران، ومكافحة اللاسامية المتنامية في الجامعات. فمثل هذه الأمور كانت ستحصل أيضاً مع حكم آخر في إسرائيل، لكن لا شك أن هناك من هو معنى بالأيديولوجيا المشتركة والخط المباشر، المفتوح، الشخصي، متعدد القنوات، بين واشنطن والقدس.
لكن شيئاً ما قد تشوش. المحادثات مع حماس صفعة لنتنياهو وديرمر. سبق أن أدارت إدارة جمهورية محادثات مع الفلسطينيين. كان وزير الخارجية الأمريكي في 1988 جورج شولتس القوي. وكان يفترض أن يصل ياسر عرفات للخطابة في الأمم المتحدة. لا دخول، أوضح شولتس، إلا إذا اعترفت بدولة إسرائيل. وليس مجرد هذا، بل كدولة يهودية. قال عرفات أموراً غامضة. لا، قال له شولتس، وأملى عليه صيغة التصريح كلمة كلمة. وأعلن عرفات بصوته عن الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية. لم يخرج شيء من هذا. عرفات لم يقصد، وبعد وقت قصير من ذلك، أيد اجتياح صدام حسين للكويت، وتسبب بنكبة أخرى، لأن مئات آلاف الفلسطينيين طردوا من الكويت.
إذن، ماذا حصل؟ ماذا تشوش؟ يخيل أن عصبة الجمهوريين الذين يسيطرون في إسرائيل أيضاً نسوا أن الحديث يدور عن ترامب ذاته الذي أدار المحادثات مع “طالبان” في 2019، ووقع على اتفاق انسحاب من أفغانستان في 2020. لأن ترامب كان مفعماً للغاية، أراد إنهاء الحرب الطويلة وباهظة الثمن. فالروس كانوا هناك قبل الولايات المتحدة، وغرقوا في الوحل أمام المجاهدين وانسحبوا بذيلهم. إسرائيل وجدت صعوبة في استخلاص الدروس من تلك الحروب أمام منظمات إرهاب، بل وجدت صعوبة في فهم أن ما فعله ترامب مع “طالبان” قد يفعله مع حماس.
نحن في حفلة تنكرية. فمنذ سنين وإسرائيل تدير علاقات وثيقة مع قيادة حماس، حتى وإن كان عبر وسطاء. إسرائيل هي التي توصلت إلى اتفاقات مع منظمة الإرهاب، وهي التي أتاحت لحماس التعاظم. كان هذا يناسبها. فهل المسموح لإسرائيل محظور على الولايات المتحدة. الفارق الوحيد هو أن الولايات المتحدة أشاحت الأقنعة.
منح ترامب يداً حرة لنتنياهو. “افعل ما تريد”، قال له ومنحه الوسائل أيضاً. ثم عاد ترامب وأوضح بأنه يريد تحرير المخطوفين. ترامب ورجاله لم يبدوا فقط عطفاً على عائلات المخطوفين، مقارنة بنتنياهو، بل عملوا أكثر لتحريرهم. هذه ليست إنسانية فحسب، بل مصالح إقليمية للولايات المتحدة أيضاً، المصالح عالقة ما لم يوجد حل لمشكلة المخطوفين والقطاع.
لكن الأيام تمر، ونتنياهو لا يفعل شيئاً إلا خرق الاتفاق مع حماس ورفض المرحلة الثانية. لا بأس بخرق اتفاق مع منظمة إرهاب شريطة أن يكون البديل مجدياً؛ ولكن أي بديل عرضه نتنياهو؟ وقف التموين الإنساني، هذا لا يحرك لدى زعماء حماس ساكناً. بالعكس، سيعزز هوية الضحية التي يطورونها. هذا ليس ضعفهم، بل قوتهم. وقف الكهرباء؟ يدور الحديث عن خط الكهرباء الوحيد المتبقي لغرض تحلية المياه. حسب شهادات مخطوفين عادوا، هذا سيؤثر على المخطوفين الذين لن يجدوا ماء مناسبة. ربما من المناسب أن تعاقب الفلسطينيين، لكنها عقوبات تعود كسهم مرتد.
كلما تبين لترامب أن زعماء إسرائيل ليسوا سوى عصبة من الأغبياء، فسيفعل ما يريده؛ الخروج عن القواعد، والمفاجأة. حماس مثل “طالبان” وعرفات قبلهم -مثلما اعترف أمس وزير الخارجية ماركو روبيو- لا توفر سوى بضاعة معاكسة. لا اعتدال هناك. أما الجمهوريون الإسرائيليون فتلقوا الضربة؛ لأن السياسة أهم من العلاقة الشخصية. وحين تكون السخافة هي البديل، فلا مفر للإدارة الأمريكية، ستمسك بخيوط التحكم.

المصدر: بن – درور يميني/ “يديعوت أحرونوت” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى