مقالات

رسالة الى الرئيس اللبناني جوزف عون!

د. عبد الناصر سكرية/ لبنان

خاص “المدارنت”..
لم تكن فرحة اللبنانيين بإختيارك رئيسًا لجمهوريتهم المعطلة، لأنك لست من الطبقة السياسية الفاسدة التي تتلاعب بمصير الشعب والوطن، وترتكب كل أنواع الرذائل والموبقات للحفاظ على مصالحها الشخصية والفئوية على حساب الشعب والوطن، وإرضاء للذين ترتهن لهم من قوى النفوذ الأجنبي، ولأن قيادتك للجيش اللبناني، المؤسسة الرسمية الوحيدة التي يثق اللبنانيون بها، أثبتت ولاءك للبنان، وحرصك على بقائه ووحدته وتقدمه، وزادت فرحتكم وتفاؤلهم بسماعهم خطاب القسم، كوعد وعهد ووفاء كما هي دائما سيرة العسكري المخلص لرسالة الجندية، وما فيها من إستقامة وإلتزام..
فخامة الرئيس..
إننا ندرك ضخامة المسؤوليات المناطة بكم، لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها على أسس وطنية سليمة، تحظى بقبول كل اللبنانيين الشرفاء وغير المرتهنين، لأية مصالح أجنبية، ونعي هول المخاطر والتحديات التي لا تريد للبنان خيرًا، ولا لمؤسسات الدولة فعالية حقيقية ولا للقانون فيه سيادة، تحديات متفاقمة بعضها داخلي ومن بعض أبناء الوطن؛ وبعضها خارجي أجنبي من جهات متعددة، إستمرأت التدخل السافر في شؤون لبنان؛ لأطماعها الكبيرة من جهة، ولتهافت نظام المحاصصة الطائفية والمذهبية وفساد أطرافها، وإستباحتها لكل مقومات السيادة الوطنية والأمن الوطني، بما جعل لبنان، ساحة مفتوحة لكل أنواع التدخلات الاجنبية، وتلاعب أجهزتها الأمنية وصراعاتها وتضارب مصالحها..
فخامة الرئيس..
إن الطبقة السياسية التي خربت ونهبت واستباحت وأفسدت؛ تملك من الخبرات العملية والامكانيات الشخصية والحمايات الدولية، ما يجعلها خطرا حقيقيًا على أي سعي جدّي مخلص لبناء دولة، يسودها القانون والعدل والمساواة، طبقة تشبه الأخطبوط وإمتداداته المتشعبة، تمتلك قدرة متفوقة على المناورة والإلتفاف والنفاق والإبتزاز، بما يمنحها إمكانية تفريغ مسيرة العمل الوطني الجدّي من مضمونها الإيجابي، وتحويلها إلى شكليات وخطب وأقوال، لا تجد لها في واقع العمل وحيز التنفيذ، سبيلًا..
نحن نعلم أنه لا يمكن الغاءها، بل نسأل الله العليّ القدير أن يعينك عليهم وفي مواجهتهم، سيما وانهم سوف يظهرون لك ودًا مصطنعا وإستعدادا كاذبا للتعاون، طالما تعلق الأمر ببناء دولة ومؤسسات وقانون، كما ورد في خطاب القسم، سيحاولون جذبك إليهم بإغراءات المكاسب والحصص والمنافع، ونحن على ثقة أنهم لن يفلحوا لأنك لست مثلهم ولا يمكن أن تكون..
وهم على أتمّ الإستعداد للإستعانة عليك بالخارج، طالما صعبت عليهم مهمة إستدراجك إلى مواقعهم، هذا الخارج الأجنبي الذي يشكل بدوره عقبة قوية وحاجزا أمام أيّ محاولة لبناء دولة حقيقية سليمة وقوية، فليس هذا في مصلحة الأجنبي الذي يعمل لمصالحه أولا..
فخامة الرئيس المحترم..
إنك ولا شك تعلم، ولمست مدى حرص الأميركيين على تمرير مصالحهم الخاصة، ولو على حساب لبنان؛ وأولويتهم أمن دولة العدو “الإسرائيلي”، وحمايته وتسيّده، هذا الأميركي الذي يظهر كل ودّ وصداقة لن يكون صادقا في ودّه وصداقته، طالما بقي حريصا على أمن “إسرائيل” فوق كل إعتبار، ولنا فيما تمارسه من عدوان مستمر على جنوبنا الصامد، وتدمير ممنهج للقرى والبيوت الدليل الكافي لبيان، خطرها وأطماعها في لبنان كله.
هذا الأميركي، لن يكف عن التدخل في أمور بلادنا، لفرض ما يراه وما يريده عندنا ومنا، ويملك من قوة الضغط وفعالية التدخل: إمكانيات وأدوات وإغراءات غير قليلة أبدا، ما يجعله قادرا على عرقلة مسيرة بناء الدولة، ما لم تكن تحت وصايته وتصرفه..

إن أخطر ما يستخدمه أعداء مسيرتك الوطنية، هو التحريض الطائفي والمذهبي لإثارة الإنقسامات والفتن؛ لفضّ أيّ إلتفاف شعبي حولك، يقوّيك ويحميك ويشدّ أزرك في مهماتك الصعبة، في كل مرة يفشلون في إيقافك أو منعك أو تحويلك عن وعودك وعهودك للشعب والوطن، يستوي في هذا أطراف النظام الفاسد وأدوات النفوذ الأجنبي، وسيل من المنافقين المتزلفين الذي يعوّقون ويخرّبون ويضعون الكمائن والعراقيل، تمكينًا لهم من إستمرار سيطرتهم وتسلطهم على خيرات البلاد ومصالح العباد..
اعانك الله يا فخامة الرئيس في مواجهة الأعباء الكبار، وكل من لا مصلحة له في قيامة لبنان، وطنا لكل أبنائه من دون تمييز وشعبا متماسكًا يتحمل تبعات المسؤوليات العظام الملقاة على عاتقه بالتكامل، معكم ومع كل قياداته ورموزه الحرّة الشريفة..
إن الإستقواء بالشعب اللبناني، هو أفضل طريق لحماية التجربة، ونجاحها وتمكينها من تحقيق ما يصبو إليه شعب لبنان وما جاء في خطاب القسم، هذا الشعب الذي طالت معاناته، فيما هو يملك من الكفاءات البشرية المخلصة ما يكفيه ليكون في طليعة الدول المستقرة والمتقدمة..
ولعل شعب لبنان، متعطش لدولة العدل والقانون والمساواة على رغم كل مظاهر التشرذم والفساد المنتشرة هنا وهناك؛ مظاهر فرضتها الطبقة السياسية الفاسدة والتي نهبت ليس فقط اموال المودعين وإنما قبل هذا نهبت أموال الدولة وراكمت عليها ديونا بمليارات الدولارات وفوائدها المرتفعة، وهي الطبقة التي كانت تنهار عشية إنتهاء الحرب اللبنانية، لكنها الوصايات الدولية أعادت فرضها في الحكم والسلطة، لتستمر في إباحة الوطن والمجتمع، لكل أشكال الفساد المنظم والإفساد الممنهج والتبعية البغيضة، ثم راحت تعاود إنتاج ذاتها بقانون إنتخاب مشوّه ركيك، وبإمكانيات الدولة تستغل بها حاجة المواطنين وبؤسهم..
فخامة الرئيس..
إن محاربة الفساد ومحاكمة الفاسدين، وإسترداد اموال الدولة التي نهبوها، ومعها أملاك عامة كثيرة جدا؛ سوف تشكل مدخلا مناسبا جدا لإلتفاف شعبي لبناني عارم خلف قيادتك وقوة دفع هامة لبناء دولة المؤسسات والقانون، إلتفاف شعبي لا بد منه لمواجهة تغول الطبقة السياسية الفاسدة والوصايات الدولية المزعجة ومعها اعداد المنافقين المتزلفين المتسلقين، وبقدر ما يتحقق من تحجيم هؤلاء، وأولئك بقدر ما يزداد الإلتفاف الشعبي حول قيادتك ومشروعك الوطني وبرنامج عملك..
وحده هذا يفتح ابواب البناء الحقيقي والتقدم المنشود، لتكون بذلك بطل الجمهورية وراعي بنائها الثابت المستقر المتوازن..
أعانك الله وسدد خطاك وحماك من الغزاة والطامعين والفاسدين..

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى