“رصاصات بنسلفانيا” تغيّر المسار
ترامب بعد محاولة إغتياله“المدارنت”..
يقول المثل العربي: «الضربة التي لا تقتلك تقويك»، ويقول مثل آخر: «رب ضارة نافعة»، وذلك ينطبق على الرئيس الأمريكي السابق مرشح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل (دونالد ترامب)، الذي تعرض لمحاولة اغتيال في ولاية بنسلفانيا قبل ثلاثة أيام.
المحاولة التي أصيب فيها بأذنه قد تغيّر مسار المعركة الانتخابية لمصلحته، خصوصاً بعد الإدانة الواسعة، الدولية والمحلية من الحزبين الجمهوري والديموقراطي، ومن الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي دان الحادث، ونَبَذ العنف ودعا الأمريكيين إلى «الوحدة».
وإذا كان الحادث جاء تعبيراً عن حالة الانقسام الحادة داخل المجتمع الأمريكي، فإن محاولات الاغتيال تساعد أحياناً على تعزيز فرص الفوز كما حصل بالنسبة للرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان الذي نجا من محاولة اغتيال عام 1981، حيث فاز على المرشح الديمقراطي جيمي كارتر.
سوف تؤدي محاولة الاغتيال إلى مزيد من التعاطف مع ترامب، خصوصاً بعدما رفع قبضته نحو مؤيديه وأذنه تنزف، وبدا متمالكاً أعصابه، وهي إشارة إلى أن ترامب سيحاول تصوير نفسه بطلاً، وقد تتحول قبضته المرفوعة إلى شعار لحملته الانتخابية.
ويقول الباحث في مركز «هدسون» للأبحاث في واشنطن ريتشارد ويتز: إن «محاولة الاغتيال ستمنح ترامب زيادة في شعبيته على المدى القصير بسبب التعاطف معه، والشجاعة التي أظهرها»، ومع ذلك قد لا تستمر المواقف المؤيدة لترامب على حالها وفق ويتز الذي قال: «إذا كان مؤتمر الحزب الجمهوري هذا الأسبوع في ميلووكي بولاية ويسكنسن متعصباً كما هو متوقع فإن هذا التعاطف قد لا يستمر طويلاً».
لا شك أن ترامب سوف يستغل محاولة الاغتيال لتأكيد مظلوميته التي بدأت بمحاكمته في العديد من التهم، وأنه يتعرض لـ«اغتيال سياسي» لمنعه من الوصول إلى البيت الأبيض وتطهير ما يسمى بـ«الدولة العميقة»، وهو موقف يؤيده كثيرون. كما أن الحادث سوف يلقي بالمزيد من الضغوط على الرئيس بايدن الذي يواجه أزمة حقيقية بعد أدائه الكارثي في المناظرة الأخيرة مع ترامب؛ حيث تتزايد الضغوط عليه للانسحاب من المعركة الانتخابية لمصلحة مرشح أوفر حظاً خصوصاً بعد محاولة اغتيال ترامب الذي سوف يستثمر الحادث لمصلحته.
لكن هناك من لا يعتقد بأن فرص ترامب للفوز قد تحسنت كثيراً وسط الاستقطاب والانقسام الحاد في المجتمع، خصوصاً أن هناك خمسة أشهر على الانتخابات، وأن الناخب الأمريكي الذي يؤيد بايدن لن يغير رأيه ويتجه لتأييد ترامب، على الرغم من أن التعاطف معه قد يزيد قليلاً. ولكن بالتأكيد فإن الحادث سوف يزيد من حدة الانتخابات ولا يستبعد حدوث المزيد من أعمال العنف والفوضى في مجتمع مسلح بكثافة.
لا شك أن الهوة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري عميقة على الرغم من إدانة معظم القيادات الديموقراطية لمحاولة الاغتيال؛ إذ لم تعد البيئة الانتخابية تعكس الصورة الديمقراطية للولايات المتحدة، ما يقتضي وضع حد للعنف السياسي الذي يحمل في طياته تداعيات خطِرة.
إن رصاصات بنسلفانيا وضعت الولايات المتحدة، أمام منعطف بالنسبة لترامب وبايدن معاُ، وكذلك بالنسبة للولايات المتحدة.