مقالات

سوريا..خطوة إيجابية

“المدارنت”..
الاحتفالات التي شهدتها العديد من المحافظات السورية بعد توقيع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» مظلوم عبدي أمس الأول على اتفاق يقضي بدمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية في إطار الدولة السورية هي تعبير عن توق السوريين إلى الوحدة الوطنية، ولم الشمل بعد سنوات من الدم والدمار والانقسام، الذي كاد يقضي على سوريا ويمزقها، ويحيلها إلى دويلات طائفية ومذهبية وإثنية متصارعة، وهو ما تسعى إليه جهات إقليمية ودولية، خصوصاً إسرائيل التي تجاهر باللعب على الوتر الطائفي بادعاء حماية الموحدين الدروز الذين رفضوا هذه الادعاءات، وأكدوا انتماءهم إلى وطنهم سوريا، وإلى العروبة بصفتها حاضنة لكل مكونات الشعب السوري.
هذا الاتفاق جاء ليضع حداً لحالة الانفصال غير الطبيعية للمكون الكردي منذ عام 2011 عن الدولة، ما أدى إلى خروج مساحات واسعة من الجغرافيا السورية في الشمال والشرق، بما تحتوي من ثروات نفطية وزراعية من يد السلطة المركزية، ووقوعها في قبضة الاستقطابات الأجنبية (الأمريكية والتركية).
وجاء الاتفاق في وقت شهدت فيه مدن الساحل السوري أحداثاً دموية مؤسفة راح ضحيتها مئات المدنيين من المكون العلوي، في عملية انتقام وحشية على يد خارجين على القانون، وقد وعد الرئيس الانتقالي بمحاسبتهم أياً كانوا كي ينالوا عقابهم. وكأن الاتفاق هو رد على ما حدث، وتأكيد أن الشعب السوري قادر على تجاوز ما يتعرض له من محن ومصائب، وأنه يتمسك بوحدته الوطنية المتجذرة في الأرض السورية عبر التاريخ.
لقد وضع الاتفاق مع «قسد» حداً لخروج المكون الكردي عن الجسد السوري، وعودته بصفته مكوناً رئيسياً من مكوناته يشارك في عملية إعادة بناء المؤسسات واستعادة الوحدة الوطنية وإقامة النظام السياسي القائم على الديمقراطية والعدالة والقانون.
لقد أكد الاتفاق الاعتراف بالمجتمع الكردي بصفته جزءاً أصيلاً من الدولة السورية، وضمان حقوقه في المواطنة والحقوق الدستورية، كما أكد ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة، بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية.
وكذلك تأمين عودة جميع المهجرين السوريين إلى مدنهم وقراهم، وضمان حمايتهم ودعم الدولة السورية في مواجهة جميع التهديدات التي تستهدف أمن سوريا ووحدتها، ورفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفرقة بين كافة مكونات المجتمع السوري، والعمل على تطبيق الاتفاق بما لا يتجاوز نهاية العام الحالي. ومن هذا المنطلق تم الاتفاق على وقف إطلاق النار على جميع الأراضي السورية لإنهاء النزاع المسلح، ودمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما يشمل المعابر الحدودية والمطارات وحقول النفط والغاز.

بانتظار الاتفاق على الآليات لمباشرة تنفيذ الاتفاق، يبقى من المهم تأكيد أن الاتفاق يشكل فرصة حقيقية لبناء سوريا الجديدة وإقامة مستقبل أفضل يضمن حقوق جميع السوريين، ويضع حداً للتدخلات الأجنبية، ويبعد مخاطر المواجهات العسكرية بين «قسد» وأنقرة، ويسرّع في انسحاب القوات الأمريكية الموجودة على الأراضي السورية لانعدام سبب وجودها بعد الآن، خصوصاً أن مصدراً في «قسد» تحدث عن دور أمريكي في إنجاز الاتفاق، وأشار المصدر إلى أنه لا تغيير في مهمة محاربة تنظيم «داعش».

المصدر: إفتتاحية “الخليج” الإماراتية اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى