مقالات

شريعتمداري والخميني.. إن تصنع المعروف في غير أهله

الخميني وشريعتمداري

كتب صادق الحسن/ العراق

خاص “االمدارنت”..

(السيّد محمد) كاظم شريعتمداري، كان المرجع الديني الأعلى في إيران، منذ بداية الستينيات حتى نهاية السبعينيات، أيّ على مدى عقدين، كان الشيعة الإيرانيون يرجعون في تقليدهم إليه، تولّى المرجعية خلفاً لحسين البرجوردي.

أسهم شريعتمداري في إنقاذ (الإمام) روح الله الموسوي الخميني من الإعدام، ففي العام 1963، أصدر شاه إيران محمد رضا بهلوي، قرارات إصلاحية عرفت في إيران، بـ«الثورة البيضاء»، ومن هذه القرارات مساواة الرجل والمرأة، وتمكين المرأة من العمل السياسي، وممارستها حق الانتخابات، وإصدار قانون الإصلاح الزراعي، وتوزيع الأراضي التي تعود إلى كبار الإقطاعيين على الفلاحين الصغار.

عارض الخميني هذه القرارات، وحرّض الشارع على الثورة ضدّها، واعتبر الأراضي التي وُزّعت على الفلاحين أراضٍ مغتصبة، لا يجوز حتى الصلاة فيها. اعتقلت السلطات الإيرانية الخميني، وأصدرت بحقه حكم الإعدام، ولكن تحت ضغط شريعتمداري، والتماسه الشاه، تمّ تخفيف حكم الإعدام إلى الإقامة الجبرية، ثم إلى النفي إلى تركيا، ومنها إلى العراق، حيث مكث الخميني هناك 13 عاماً وفّر له نظام البعث (العربي الإشتراكي) بقيادة (الرئيس العراقي الراحل أحمد حسن) البكر و(الرئيس العراقي الراحل) صدام حسين، كلّ وسائل الدعم، ووفروا له إذاعة تبثّ باللغة الفارسية، موجهة الى الداخل الإيراني لمعارضة الشاه، حيث كان النظام البعثي، يمرّ في حالة خلاف مع الشاه، بسبب دعم الأخير لعمليات التمرّد الكردي، بقيادة الملا مصطفى البرزاني.

كان شريعتمداري من الداعمين للثورة الإيرانية، وللحركات الاحتجاجية بين العامين 1977-1979، لكنه لم يسعَ إلى تأسيس دولة إسلامية، وعندما عاد الخميني إلى إيران، ونصّب نفسه زعيماً للثورة، وأعلن تأسيس دولة إسلامية [نظرية ولاية الفقيه]، عارضه شريعتمداري، وأعلن أن «لا دولة شيعية قبل الظهور» (ظهور الإمام الشيعي الغائب المهدي المنتظر)، وأن شكل الحكومة لا يهم ملكية أو جمهورية، غير أنه لا يمكن تأسيس دولة لا يكون فيها ظلم قبل الظهور، كانت هذه بذرة الخلاف الأولى بين شريعتمداري والخميني.

عندما اندلعت الحرب [العراقية/ الإيرانية]، كان شريعتمداري من الداعين الى إيقافها في سنواتها الأولى، واعتقد أن الخاسر هما شعبان مسلمان، وعارض إصرار الخميني على استمرارها.

فرض الخميني في منتصف سنة 1980، إقامة جبرية على شريعتمداري، ومنعه من الحديث الى وسائل الإعلام، أو إلقاء دروسه، وأغلق مدرسته الدينية، ومنع حتى تقليده، وتمت ملاحقة طلابه، والأنكى من ذلك، تمّ عرض شريعتمداري على التلفاز بمشهد مُهين، وهو يعلن عن توبته، ويمجّد الخميني، في مشهد يشبه ما تعرّض له القيادي الشيوعي العراقي عزيز الحاج، عندما عرضته سلطات “البعث” على “التلفزيون” عام 1969، وهو يمجّد بالبعث بعد اعتقاله وتعرضه لتعذيب شديد!.

لكن هذا الاعتذار لم يشفع لشريعتمداري، واستمر الخميني، في فرض حراسة مشددة عليه، تحصي أنفاسه، وعندما تدهورت حالته الصحية بسبب عجز كلوي، مُنع من السفر من أجل العلاج في أوروبا، كما مُنع من الذهاب إلى مستشفى في طهران في البداية، ولم يسمح له بالذهاب الى المستشفى في مدينته، إلا بعد أن تدهورت حالته الصحية جدًا.

وعندما توفي، تمّ منع إقامة تشييع جنائزي له، ودُفن، في حين كانت عناصر الحرس الثوري تحيط بالمقبرة، ولم يشيّعه أحد من مقلديه، واقتصر الحضور فقط على عائلته.

كتب رضا الصدر، وهو تلميذ شريعتمداري وصهره،  مذكراته بعنوان: «في سجن ولاية الفقيه»، وذكر فيها الكثير من التفاصيل الدقيقة، حول المضايقات والإهانات التي تعرّض لها أستاذه شريعتمداري، من قبل الخميني ونظامه. من يطلع على سيرة زعيم الثورة الإسلامية في إيران، الراحل الخميني، والمصير الذي آل إليه بعض رجال الثورة، سيجد أن الخميني، ومن بعده نظامه، قد غَدرا بكلّ من أسدى لهما معروفاً، سواء كأشخاص أو أنظمة ودول. فَمَن يصنع معروفاً للخميني، يلاقي الذي لاقاه مُجير أم عامرِ.

الى الطلاب اللبنانيين والعرب الراغبين في متابعة دراساتهم الجامعية في تركيا
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى