عربي ودولي

عقبات قد تعرقل تنفيذ “إتفاق فتح المعابر” بين الجيش السوداني و”ميليشيا الدعم السريع”؟!

“اللدودان” البرهان و”حميدتي”

“المدارنت”..
يبدو أن الاتفاق على فتح المعابر للمعونات الإنسانية الذي وافق عليه الجيش السوداني الشرعي و”ميليشيا قوات الدعم السريع” على هامش مفاوضات سويسرا، قد يتخطى العقبات التي وقفت في طريق التفاهمات السابقة، وإن كانت هناك عقبات قد تمثل خطورة كبيرة عليه، تتمثل في القوى المنفلتة عن ”ميليشيا لدعم السريع” والتي لا يملك السيطرة عليها نظرا لطول خطوط الإمداد.
بداية يقول الكاتب والمحلل السياسي السوداني، عثمان ميرغني، “إن موافقة أطراف الحرب في السودان على فتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية، جاءت بعد جهد كبير من المجتمع الدولي عن طريق الاتصالات والمحادثات والمفاوضات المتخصصة في هذا المجال، سواء كان في جنيف قبل شهر ونصف من الآن، ثم بعد ذلك مفاوضات الجولة الحالية في سويسرا والتي حظيت باهتمام دولي كبير برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، الأمر الذي تمخض في النهاية عن اتفاق على فتح المعابر للأغراض الإنسانية”.

خطوة جيدة
أضاف ميرغني في حديث الى ”سبوتنيك”: “خلال الفترة الماضية كان كل من الجيش السوداني و”الدعم السريع”، يخشون من عملية فتح المعابر وبشكل خاص الجيش السوداني والذي كان يتخوف من استغلال “الدعم السريع” لتلك المعابر من أجل الحصول على الأسلحة”.
وأكد ميرغني أن “الاتفاق على فتح المعابر هو خطوة جيدة جدا للأمام، علاوة على أنها سوف تخفف من معاناة النازحين والمواطنين بشكل عام وتزودهم بالحاجات الأساسية التي أصبحوا في حاجة ماسة لها، بخاصة في المناطق المحاصرة تماما بالعمليات العسكرية في وسط السودان ودارفور ويصعب أو يستحيل الوصول إليها دون توافق بين طرفي الصراع على تمرير تلك القوافل لكي تصل إلى وجهتها آمنة”.

المخاطر والعقبات
وأشار إلى أنه “توقيع طرفيّ الصراع على اتفاق فتح المعابر لإيصال المواد الإغاثية، يعد انفراجة وحل كبير للكثير من التعقيدات التي تقف أمام تلك التحركات الإنسانية، لكن الزاوية الأخرى التي تمثل نوع من المخاوف هى التعقيدات التي تطرأ على عمليات التفاوض عندما تستمر لفترة طويلة وشعور الرعاة والمواطنين بإنسداد الأبواب نحو الوصول إلى تفاهمات، هذا الأمر يضعف من قدرة المفاوضين والوساطة على استمرارية تلك المفاوضات”.
وتابع ميرغني: “ما تحقق من نجاح بشأن التوصل إلى اتفاق لفتح المعابر أمام المساعدات الإنسانية هو نجاح مُقدر وأعطى دفعة من التفاؤل لدى جميع الأطراف من الرعاة والوسطاء وطرفي الحرب السودانية، بأنه بالإمكان الوصول إلى اتفاق سلام ووقف الحرب الدائرة منذ أكثر من 15 شهرا”.
وحول العقبات التي يمكن أن تقف في طريق تنفيذ اتفاق فتح المعابر، يقول ميرغني: “العقبات والمخاطر كبيرة من بينها، إن الممرات التي تم التوافق عليها أو فتحت بالفعل ليست آمنة رغم أنها مرسومة بصورة معينة للوصول إلى المناطق المقصودة، لكن في نفس الوقت هناك عمليات عسكرية تجري وصراعات انفلات وفوضى من جانب أطراف تستغل حالة الحرب للنهب والسرقة، هذه الأطراف غير معنية بأي اتفاقات، هى فقط تتحين مثل هذه الفرص في الوقت الذي تقطع فيه المساعدات مسافات طويلة للوصول إلى أهدافها، علاوة على أنه لا توجد أي قدرات من جانب أطراف الصراع لتوفير حماية وطرق آمنة لوصول مثل تلك الشحنات الإغاثية”.

سيناريو غير بريء
من جانبه يقول المحلل السياسي السوداني، وليد علي، إن “الحديث عن المساعدات الإنسانية بضجيج عالي من المجتمع الدولي مؤخرا يُوحي بأن هناك سيناريو غير بريء، صحيح أن أعدادا كبيرة جدا تحتاج لهذه المساعدات الإنسانية العاجلة، خاصة بعد السيول والفيضانات الجارفة الأخيرة، ولكن الأزمة الغذائية برغم حقيقتها ليست بحجم ما يدور في تصريحات المسؤولين الغربيّين، خاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من مفردات مأساوية تعكس صورة قاتمة”.
أضاف في حديث الى ”سبوتنيك”: “من الواضح أن قضية المساعدات الإنسانية هى جزء من أدوات الضغط على طرفي الصراع والتي يراوغ فيها الطرفان بشكل كبير، فالدعم السريع يبدي انفعالا كبيرا مع الدعوات، ولكنه إلى حد ما لا يعبر عن درجة اهتمامهم بالأمر، لأنه في الواقع يفتقد السيطرة على جزء كبير من قواته ولا يستطيع كبحها عن التعدي على مخازن الغلال في الأسواق ولا مخازن المنظمات الدولية داخل البلاد والتي نهبت بالكامل في المناطق التابعة لانتشار قوات الدعم السريع”.
وتابع علي: “نظرا لاهتمام الدعم السريع بضرورة كسب ثقة المجتمع الدولي، فهو يستجيب قولا لأيّ دعوة لفتح المعابر والممرات التي تعبر بها هذه المساعدات، وتظل مسألة قدرته على حماية القوافل الإنسانية مشكوك فيها، نظرا لتاريخ العناصر التابعة له في التعامل مع المخزون الذي كان موجودا بالفعل داخل المدن التي اجتاحها، بل إن الدعم السريع يواجه اتهاما بالاعتداء على موظفين أمميين خلال العام ونصف السابقين”.

الموافقة المشروطة
وفيما يخص موافقة الجيش السوداني يقول المحلل السياسي: “الجيش السوداني هو يَتبع تكتيكا مرهقا للمجتمع الدولي فيما يخص مسألة المعابر ويبدي موافقة مقرونه بشروط تعتبر مزعجة للإغاثة، ويعود ذلك لعدم ثقته في الجهات أو الدول التي يشترك معها في هذه المعابر، وهنا أتحدث عن تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا وإثيوبيا وبدرجة أقل جنوب السودان، ويخشى تدفق مساعدات عسكرية لقوات (ميليشيا) الدعم السريع عبر ذريعة العون الإنساني وله في ذلك سوابق إبان حرب الجنوب، ولاحقا حرب المنطقتين جنوب كردفان والنيل الأزرق وأيضا دارفور”.
وأشار علي إلى أن “الجيش السوداني يستخدم ورقة المعابر بقوة للحصول على ضمانات كبيرة بعدم استخدامها من قبل داعمي “قوات الدعم السريع”، ولذلك فإن الجيش السوداني لم يفتح معبر أدري إلا بعد دخول مصر بقوة في طاولة التفاوض وجلوسها كتف بكتف مع الولايات المتحدة والمملكة السعودية، حيث أن الجيش السوداني تنفس الصعداء بعد انتزاع مصر لمقعدها في طاولة المحادثات وهنا يجب الإشادة بقوة الديبلوماسية المصرية التي استطاعت تقليص دور الإيجاد والاتحاد الإفريقي وإثيوبيا وكينيا ويوغندا، ولا يخفى على أحد أن تلك الدول والمؤسسات السابق ذكرها تصدرت للأزمة السودانية منذ بدايتها مع تعمد لإبعاد الدور المصري عن المفاوضات”.

الدور المصري
وقال علي: “يبدو أن مجريات الأحداث أجبرت الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية على اللجوء لمصر لإنقاذ منبر جده الميت سريريا، وأعتقد أن البيانات الأخيرة لأعضاء مفاوضات جدة تظهر بها بصمة مصر بشكل لا يخفى على المراقبين، لا سيما المطالبة الصريحة من قبل الأعضاء بضرورة إلتزام الدعم السريع بمخرجات اتفاق جدة الموقع في مايو/أيار من العام الماضي، وأتوقع استجابة الجيش السوداني بفتح معبر أدري، جاءت بعد ضمانة مصرية أو تطمين من الجانب المصري للرئيس البرهان”.
ويكمل: “وفي جانب آخر يبدو أن الدعم السريع لم يجد الأمور كما كان يتوقع داخل قاعة الاجتماعات، بل إن الدول العربية التي يعترض الجيش السوداني على مشاركتها في المحادثات بصفة مراقب، أصبحت متفقة مع الدول الأعضاء بضرورة إلتزام الدعم السريع بمقررات اتفاق جدة بصورة كاملة لا تحتمل المراوغة، وهذا ما يفسرهجوم حميدتي الأخير على قيادة الجيش السوداني بعدم حضور المحادثات واستخدام الاتهام الراتب للجيش السوداني، بأنه تحت سيطرة الحركة الإسلامية”.

روح جديدة
ولفت علي إلى أن “ما يتحدث عنه “الدعم السريع” من اتهامات ضد الجيش بالتواطؤ مع الإسلاميين هو تكتيك تفاوضي، رغم حقيقة اليد الطويلة للإسلاميّين داخل الجيش، وذلك للتهرب من الضغط الذي تعرض له وفد الدعم السريع من الدول الأعضاء بهذه المفاوضات، ومن المؤكد أن جنيف بها خطاب وروح جديدة نحو الطرفين بثتها مصر في المفاوضات قد تكون لصالح وقف الحرب وإنهاء معاناة السودانيين”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مساء الثلاثاء، إنه “جرى الاتفاق خلال اليومين الماضيين على فتح الجيش السوداني و(ميليشيا) “قوات الدعم السريع”، نقاط العبور الحيوية لدخول المساعدات للبلاد” بحسب “سكاي نيوز”.
وأصدرت أمريكا وسويسرا ومصر والسعودية والإمارات والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، السبت الماضي، بيانا مشتركا جديدا بشأن محادثات جنيف حول السودان.
ورحبت الدول الخمس والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، في بيانهم، “بقرار مجلس السيادة السوداني فتح معبر أدري مع تشاد لدخول المساعدات اللازمة”، مرحبين أيضا بقرار قوات الدعم السريع بالالتزام بتسليم المساعدات من خلال طريق الدباح إلى دارفور وكردفان.
استضافت سويسرا، يوم الأربعاء الماضي، محادثات سلام بوساطة أمريكية لإنهاء الحرب في السودان. وكانت الحكومة السودانية، قد أعلنت في وقت سابق، عدم مشاركتها في محادثات جنيف مع قوات الدعم السريع.
فيما أعلنت الأخيرة الاستجابة لدعوة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، للتفاوض مع الحكومة السودانية في جنيف، التي تستضيف مباحثات بين أطراف سودانية ووسطاء بين الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، في وقت سابق، أن الوزير أنتوني بلينكن، تحدث هاتفيًا مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، وأكد له ضرورة المشاركة في محادثات السلام الجارية في سويسرا، لتحقيق التنفيذ الكامل لإعلان جدة، للالتزام بحماية المدنيين في السودان.
وتتواصل المعارك بين قوات الجيش السوداني و”ميليشيا الدعم السريع” منذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، ما أسفر عن نحو 13 ألفا و100 قتيل، فيما بلغ إجمالي النازحين في السودان نحو 7.9 مليون شخص، ونحو 2.1 مليون شخص إلى دول الجوار، بحسب بيانات الأمم المتحدة.

المصدر: “السودان الآن”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى