عربي ودولي

علم فلسطين في القدس الغربية.. حكاية حيّ يهودي مناهض لـ”الصهيونية”!

“المدارنت”
يبدو حيّ “مئة شعاريم” في القدس الغربية وكأنه خارج “إسرائيل”، إذ تُرفع فيه الأعلام الفلسطينية في بعض الأزقة، بخاصة في المناطق التي يقطنها أعضاء جماعة “حراس المدينة”، المعروفة بمواقفها المناهضة للصهيونية.
يُقدّر عدد أفراد هذه الجماعة بعدة آلاف، وهم يرفضون أداء الخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ولا يعترفون بشرعية إسرائيل، ويرفضون إقامة دولتها على أنقاض الشعب الفلسطيني، ويعارضون بشدة الاحتلال والاستيطان في الأراضي الفلسطينية.
وفي الوقت الذي غطت فيه الأعلام الإسرائيلية معظم أنحاء البلاد، الخميس، بمناسبة مرور 77 عامًا على “إعلان قيام دولة إسرائيل”، بدا حي مئة شعاريم مختلفًا، إذ لم تُشاهد فيه تلك الأعلام.
ففي هذا الحي، خرج أفراد “حراس المدينة” بعد انتهاء الصيام بمسيرة رفعوا فيها العلم الفلسطيني، قبل أن تتدخل الشرطة الإسرائيلية وتصادره وتحرقه.

دانيال يروي الموقف
مراسل “الأناضول” تحدث مع دانيال، وهو أحد المشاركين في المسيرة، وامتنع عن ذكر اسمه الكامل، خشية تعرضه للملاحقة من قبل السلطات.
يقول: “اسمي دانيال، ولا أريد ذكر اسم عائلتي لأنك تعرف ماذا يمكن أن يحدث إن أفصحت عن هويتي، فالسلطات تطارد من يعبّر عن آرائه علنًا، كما حدث مع كثير من اليهود اليوم”.
ويضيف شارحًا عقيدة الجماعة: “احتجاجنا اليوم لا يتعلق فقط بالاحتلال، بل بالأيديولوجيا الصهيونية التي تسعى إلى فصل الأمة اليهودية عن التوراة والكتب المقدسة والتقاليد الدينية. الصهيونية تسعى لتأسيس أمة جديدة مبنية على مفاهيم قومية دنيوية، ونحن نرفض ذلك”.
ويتابع موضحًا: “نرى أن الصهيونية ليست يهودية، ومن يتبنى هذه الأيديولوجيا لم يعد ينتمي فعليًا إلى اليهودية، حتى وإن وُلد يهوديًا”، وأضاف مستدركًا: “يمكن أن يكونوا شيئًا مثل دين جديد، لكنهم ليسوا يهودًا بعد”.

“الاستقلال الإسرائيلي” المزعوم
وعن الاحتفال بما يسمى “عيد الاستقلال”، يقول دانيال: “لا يوجد شيء اسمه استقلال حقيقي، نحن كيهود ملزمون باتباع التوراة وأوامر الخالق، ولسنا أحرارًا لنفعل ما نشاء”.
ويردف: “من يدّعون الاستقلال يعتمدون في الحقيقة على دعم قوى عالمية كالأمم المتحدة والولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، ويعتمدون على العديد من الممالك الكبرى التي تدعمهم بالمال والسلاح والسياسة والدعم الاقتصادي”.
ويكمل: “هم يفعلون ما يفعلونه ليس بمفردهم، ولذا فهم ليسوا مستقلين، هناك الكثير من الناس والعديد من الممالك التي تدعمهم، بعضهم وراء الكواليس وبعضهم في العلن”.
“ويوم الاستقلال” هو ذكرى إعلان قيام إسرائيل عام 1948 على أنقاض المدن والقرى الفلسطينية، وهي المناسبة التي يحييها الفلسطينيون في المقابل باعتبارها “يوم النكبة”، بعد أن قامت العصابات الصهيونية بتهجيرهم من أرضهم عبر ارتكاب مجازر.

رسالة للفلسطينيين
وعن رفع العلم الفلسطيني، يقول دانيال: “نرفعه تضامنا مع الفلسطينيين، ونعلن بوضوح أننا ضد الاحتلال، ربما معاناة الفلسطينيين مرئية أكثر، لكننا كيهود نعاني أيضًا من النظام نفسه”.
ويضيف الرجل مستنكرًا: “نحن (والفلسطينيون) إخوة، وما يُسفك من دم فلسطيني يؤلم قلوبنا، خصوصًا حين يُفعل ذلك باسم اليهودية”.
ويتابع: “لا نريد الاحتلال بل نريد السلام الذي كنا نعيشه سابقًا مع الفلسطينيين، السلطات الإسرائيلية حاولت طمس كل ما هو فلسطيني: الاسم، التقاليد، وحتى المطبخ، إنهم يسرقون الهوية الفلسطينية في وضح النهار”.
ويتابع مشيرًا إلى الصهاينة: “لقد امتلكوا هذه الأرض التي اسمها فلسطين، حاولوا طمس الاسم الفلسطيني والتقاليد الفلسطينية، حاولوا سرقة كل طعام فلسطيني وكل خيط فلسطيني، حاولوا أن يصبحوا لصوصًا في العلن، ويحاولون تسميتها باسم آخر”.
وتابع: “لقد سرقوا الاسم اليهودي وسرقوا الأرض الفلسطينية، وحاولوا الاستيلاء على كل شيء هنا، حاولوا حكم الفلسطينيين، وحاولوا السيطرة على اليهود أيضًا، لا حرية هنا، ولا ديمقراطية، فلا يمكننا التعبير عن آرائنا علنًا، ولا يمكننا الاحتجاج علنًا”.
ويضيف قائلًا: “لقد تعرضتُ شخصيًا للضرب اليوم (من قبل الشرطة الإسرائيلية)، ربما بعيدًا عن عدسات الكاميرات”.

إدانة للسياسات “الإسرائيلية”
ويستنكر دانيال الممارسات الوحشية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في الأراضي المحتلة.
ويقول: “إنهم (المحتلون) لا يكتفون بضربهم (الفلسطينيين)، بل يُجلونهم من منازلهم، ويُجوعون شعبهم حتى الموت، هناك أطفال في غزة يموتون جوعًا، إنهم يرتكبون الكثير من الأعمال الوحشية، أعمال وحشية لا يفعلها حتى أسوأ القتلة في العالم”.
وقال: “لذلك، نحن كأمة يهودية لا علاقة لنا بهذا، نحن ضده وندينه (…) نحن فقط لا نريد أن يكون الصهاينة ممثلين لنا، لا نريدهم محتلين”.
ويضيف: “نريد أن يستعيد الفلسطينيون أراضيهم، لأننا لسنا لصوصًا، ولا نريد أن يُنتزع منهم شيء، نريدهم أن يؤمنوا بسلام وبحرية كاملة، لا فصل عنصري ولا دولة فصل عنصري، إنهم بشر مثلنا”.
ويتابع: “لقد أعلن الصهاينة أنهم (الفلسطينيين) حيوانات، وليس لهم حقوق، وأنهم لا حق لهم في العيش، ولا حق لهم في الطعام، ولا حق لهم في امتلاك مساكن، نحن نبتعد عن ذلك، فالفلسطينيون إخوتنا أبناء عمومتنا، ونحن نحترمهم ونحبهم ونريد الانضمام إليهم إلى مملكتهم”.
وترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية بحق الفلسطينيين بقطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، خلّفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

“الأناضول”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى