غزّة.. عام من القتل والتشريد والدمار..!
“المدارنت”.. نقف بعد عام على «طوفان الأقصى» أمام طوفان من الدم والدمار والتهجير والإبادة والمصير المجهول ضرب قطاع غزة من أقصى شماله إلى أقصى جنوبه، وها هو يجتاح لبنان ليضرب مدنه وقراه من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله من دون ان يستثني أحداً.
آلاف القتلى وأضعافهم من الجرحى، ودمار هائل يتجاوز الوصف، أقل ما يمكن أن يقال إنها كارثة إنسانية بكل المقاييس. نعرف أن ما جرى ويجري يشكل انتهاكاً للإنسانية، ولكل القوانين والشرائع الوضعية والسماوية، ولكل ما له علاقة بالإنسان والإنسانية.
ونعرف أيضاً أن هذه هي إسرائيل لم تتبدل ولم تتغير منذ قيامها، وهي تقوم على العدوان والتوسع والسيطرة وصولاً إلى تحقيق أهدافها بتشكيل جغرافيا سياسية جديدة على مقاس منظورها الديني المتطرف الذي تسعى إليه الحكومة الإسرائيلية اليمينية التي يقودها بنيامين نتنياهو، مستندة إلى ما تملك من فائض قوة، وفائض دعم عسكري وسياسي أمريكي وغربي.
لكن، من حقنا أمام هذه الفاجعة الإنسانية بعد عام على الطوفان أن نراجع حساباتنا كي نعرف ماذا حصل، وأين نقف، وماذا ينتظرنا. صحيح أن عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي خلخلت منظومة الردع الإسرائيلي، كما أصابت أجهزة مخابراته بالمفاجأة، لكن إسرائيل تمكنت من استيعاب الصدمة وانتقلت إلى الهجوم الضاري الذي يتجاوز كل الحدود بتطبيق سياسة الأرض المحروقة، واستهداف المدنيين، وكل ما له علاقة بالإنسان وحاجاته من بنى تحتية ومستشفيات ومدارس وجامعات من دون تمييز بين كبير وصغير، في إطار خطة تستهدف الإبادة والتهجير والاحتلال.
كانت «حماس» تراهن على أن اقتحامها المستوطنات وأخذها الرهائن سوف يجبران إسرائيل على التفاوض لمبادلة الرهائن بالأسرى الفلسطينيين، لكن حكومة نتنياهو كان لها رأي آخر، هو المضي في حرب الإبادة وترك الرهائن لمصيرهم، لأن استرداد هيبة إسرائيل وقوة ردعها أهم من كل رهائنها، لذلك تعمدت تقويض كل مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، لأنها تريد تأكيد أنها القوة الأقوى في المنطقة التي تستطيع أن تفعل ما تشاء.
بعد عام على طوفان الأقصى هل تدرك حماس خطأها، وأن «حساب الحقل ليس مثل حساب البيدر»، وأن من خطط ليوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول وقع في سوء تقدير الحساب، وأوقع معه الشعب الفلسطيني، ومعه الشعب اللبناني في مذبحة تحولت إلى طوفان من الدم.
إذا كانت مقاومة الاحتلال حقاً تعترف به كل القوانين والشرائع، فليس من حق أحد أن يتحكم بقرار منه، بمصير وطن وشعب، ويحولهما إلى ركام وضحايا.
ربما فات مَن خطط لهجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول أنه في مواجهة عدو لا يلتزم بقوانين دولية وإنسانية، ولا بقرارات تصدر عن منظمات دولية ولا تعنيه مواقف المجتمع الدولي، إنه عدو مدجج بالسلاح وبمبادئ متطرفة خارج كل منظومة القيم الإنسانية والدينية، وبدعم بلا نهاية من معظم الدول الغربية.
صحيح أن إسرائيل تعاني أيضاً وتتكبد خسائر بشرية واقتصادية وسياسية، لكنها لا تقدر بخسائرنا، لكننا وقعنا أيضاً ضحية سوء التقدير وخطأ الحسابات.