قطار التسوية الروسية/ الأوكرانية ينطلق اليوم!

“المدارنت”..
ينطلق في مدينة جدة السعودية اليوم قطار التسوية للحرب الأوكرانية، بين وفدين روسي وأوكراني، من خلال مفاوضات غير مباشرة يقودها وفد أمريكي. لن يلتقي الوفدان وجهاً لوجه بل سيقيمون في غرف منفصلة على أن يتولى الأمريكيون القيام بـ«ديبلوماسية مكوكية» بنقل وجهات النظر والمواقف إلى الوفدين ويحاولان تقليص الخلافات بينهما، والوصول إلى اتفاق حول هدنة ال 30 يوماً التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووافق عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
أبدت روسيا وأوكرانيا والولايات المتحدة تفاؤلاً بتحقيق تقدم في هذه المفاوضات، بشأن وقف الضربات في البحر الأسود ومنشآت الطاقة والبنى التحتية، لكن الأمر يحتاج إلى ممارسة ضغوط بشأن شروط وقف النار والتوصل إلى وضع الآليات والإشراف على وقف النار، وتنفيذ شروط روسيا بعدم استغلال وقف النار لتزويد القوات الأوكرانية بمزيد من الأسلحة أو تحصين المواقع.
يذكر أن روسيا وأوكرانيا كانتا قد أجرتا مفاوضات مباشرة في روسيا البيضاء وتركيا عام 2022 وتوصلتا إلى بعض التفاهمات، ثم انهارت هذه المفاوضات بعدما انسحبت كييف منها جراء ضغوط أوروبية وأمريكية تعرضت لها، اعتقاداً من الدول الغربية بأن الفرصة متاحة لإلحاق هزيمة بروسيا، من خلال المضي في تزويد أوكرانيا بما تحتاج إليه من أسلحة، وفرض أقصى العقوبات على الكرملين. لكن بعد ثلاث سنوات من الحرب تبين أن هذا الافتراض غير صحيح، وأن روسيا صمدت ولم تُهزم، وأن أوكرانيا تخسر المزيد من الأرض. ومع وصول ترامب إلى البيت الأبيض وتعهّده بوضع حد لهذه الحرب، واتخاذه موقفاً يميل إلى الجانب الروسي، ومباشرة التواصل مع الرئيس الروسي، تم وضع العربة وراء الحصان، وبدأت مسيرة التسوية تشق طريقها رغم المواقف الأوروبية السلبية.
في حال الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار في مفاوضات جدة، سوف تبدأ المفاوضات الجدية للتوصل إلى اتفاق سلام بين البلدين، على أن يتم خلالها تعزيز التواصل المباشر بين الرئيسين الأمريكي ترامب والروسي بوتين، وهو ما أشار إليه الكرملين مؤخراً بقوله، إن الاتصال الهاتفي المطول الذي استغرق ساعة ونصف الساعة بين الرئيسين مؤخراً، والمحادثات الروسية الأمريكية في جدة «خطوة نحو لقاء مباشر».
الوفد الروسي المفاوض الذي يترأسه الدبلوماسي السابق غريفوري كاراسين مع مستشار الأمن الفيدرالي الروسي سيرغي بيسيدا، أبدى تفاؤلاً بأنه سيتعامل «بروح بناءة وإيجابية». وكان اختيار روسيا للمفاوضين قد أثار تساؤلاً مع تعيين شخصين من خارج مؤسسات صنع القرار الدبلوماسي التقليدية مثل الكرملين أو وزارتي الخارجية والدفاع، ذلك أن وزير الخارجية سيرغي لافروف هو الذي ترأس الوفد الروسي في المحادثات السابقة مع الأمريكيين في جدة، علماً أن الكرملين أكد بأن الرئيس بوتين هو من اختار الوفد الروسي هذه المرة. يذكر أن كاراسين هو دبلوماسي سابق وسناتور حالي في مجلس الشيوخ الروسي في حين يعتبر بيسيدا من كوادر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
هناك أجواء إيجابية بين روسيا والولايات المتحدة تساعد على تحسين العلاقات بين البلدين وتسهيل التوصل إلى تفاهمات بشأن التسوية في أوكرانيا، خصوصاً ما يتعلق بالمطالب الروسية بشأن المناطق الأربع التي تحتلها حالياً، وهي لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابورجيا، إضافة إلى إعلان حياد أوكرانيا.