محمد علي الحسني «عرّاف» يجلب الأزمات..!
“المدارنت”.. كمن يتبادلون كرات الثلج، وجدت طائفة من الناس في تصريحات «رجل دين» لبناني لعبة مُسلّية للتنفيس والتعويض عن الإحساس بالضعف أمام غطرسة «إسرائيل» التي تواصل عدوانها الغاشم على غزة ولبنان، قبل أن تُفاجَأ بضربات آتية من إيران ومن معاقل «حزب الله».
وعبر شبكات التواصل الاجتماعي، أسهم كثيرون في نشر «الفيديو» المُجتزَأ من حوار تلفزيوني أجرته قناة «العربية» مع شخص يُدعى محمد علي الحسيني، يرتدي “عباءة وعمامة شيعيّتين”، ولكنه يظهر بمظهر «العرّاف» أو «المُنجّم» الذي يحاول منافسة مَن يُطلق عليها «سيّدة التوقعات» ليلى عبد اللطيف، وهي في الحقيقة «قارئة الفنجان»، كما غنّى «العندليب الأسمر» منذ زمان!
الذين احتفوا بـ”فيديو” الحسيني، فعلوا ذلك لأنهم وجدوا فيه تفسيرًا لعملية اغتيال أمين عام حزب الله اللبناني، (السيّد) حسن نصر الله، حيث يبدو الشخص المذكور يقدّم «نصائح ثمينة» لهذا القيادي، قبل أن تمتد إليه قنابل الغدر الإسرائيلية/ الأمريكية. ويقول له: «اجمع شملك واكتب وصيتك، فمن اشتراك باعك اليوم، ولو تعلم ماذا قالت إيران عنك، وماذا أوصلت من معلومات، وماذا أرادت مقابل رأسك… لانقلبت المعادلة. ولكن، من الليلة، اعلم أنك أصبحت الهدف الأول، لذلك اكتب وصيتك، وهذا ليس تهديدًا، ونحن اليوم نتكلم بجدية، وسننتظر وسنرى كل الأحلام التي رأيتها بأنك ستدخل القدس، انظر من قالها لك ومن خدعك».
ظاهر هذا الكلام نصائح وتكهنات، وباطنه دعوة للاستسلام بين أيدي العدو وتضخيم حجمه، لدرجة أنه من شدة الخوف منه، يقع الناصحُ نفسه ومَن صدّقوا نبوءته في حب هذا العدو، تجسيدًا لـ»متلازمة ستوكهولم» المعروفة لدى علماء النفس.
وما دُمنا في مقام التنبؤ، فمن غير المستبعد أن يستغني جيش الكيان الصهيوني، في القريب العاجل، عن خدمات «أفيخاي أدرعي»، الناطق الرسمي باسمه بلسان عربي غير فصيح، فحتى استشهاداته بالقرآن الكريم والأحاديث النبوية والأمثال العربية لم تنفعه في إقناع المشاهدين العرب بالسردية الإسرائيلية.
ومن ثم، سوف يُعوَّض بمحمد علي الحسيني الذي يقوم بهذا الدور الوضيع. ولا غرابة في ذلك، فسيرته ـ كما تكشف عنها محركات البحث الإلكترونية ـ مليئة بالعمالة ومحاربة الحق العربي والإسلامي المشروع في فلسطين وبالهجوم على المقاومة الفلسطينية واللبنانية.
ويبدو أن القناة ومعها الحسيني ـ الذي غاب الحُسن عن صنيعه ـ استطابا معًا لعبة التنبؤ والتشفي في (خصوم) «إسرائيل»، وفي الوقت نفسه تغذية الشعور بالضعف والهوان أمامها؛ فكان من نتائج ذلك حوار تلفزيوني آخر، موضوعه هذه المرة عبد الملك الحوثي، زعيم حركة «أنصار الله» اليمنية، إذ خاطبه الحسيني قائلا:
«الدور عليك ومكانك معلوم، لا تنخدع ونفس مصير لنصر الله». ودعاه إلى الكفّ عن مهاجمة «إسرائيل»، وعدم التبعية لإيران التي قال إنها سوف تنقلب عليه، كما فعلت مع حسن نصر الله، بحسب ادّعاء منافس ليلى عبد اللطيف في الرجم بالغيب، أو بالأحرى بما يُوحَى إليه.
بيد أن العرب لم يكونوا بحاجة لا إلى الحسيني، ولا إلى قناة «العربية»، لكي يعرفوا المصير المنتظر لنصر الله قبل استشهاده، لأنه هو نفسه تحدّث عن ذلك في أكثر من مقابلة تلفزيونية، وكشف أنه مُستهدَف من لدن إسرائيل وأمريكا، وبمباركة من قيادة دولة خليجية؛ مؤكدًا أنه تلقّى أكثر من مرة تحذيرات في هذا الموضوع.
وكان جوابه هو ما ورد في إحدى خطبه: «إن أقصى ما يملكه عدونا هو أن يقتلنا، وإن أقصى ما نتطلع إليه هو أن نُقتل في سبيل الله عزّ وجل. المعادلة الإيمانية تُحوّل نقطة قوة العدو القصوى إلى نقطة قوتنا القصوى، وبالتالي فنحن لا نُهزم، عندما ننتصر… ننتصر، وعندما نستشهد… ننتصر».
مجرد مسرحية
وحين نفّذت «إيران» وعدها، أخذًا بثأر حسن نصر الله وإسماعيل هنية وشعبيْ غزة ولبنان، وأرسلت وابلاً من الصواريخ نحو إسرائيل، ردد كثيرون شامتين: «هذه مجرد مسرحية إيرانية»… بل إن البعض شطح به الخيال بعيدًا، فتخيّل تلك الصواريخ مجرد ألعاب عاشوراء!
حسنًا، إذا كانت هذه مجرد ألعاب، فلماذا أحدثت كل ذلك الذعر في تل أبيب؟ وماذا لو كانت صواريخ حقيقية؟ أما حكاية «مجرد مسرحية» فرَدّ عليها مدوّن مغربي بالقول: «سمعت أحدهم يقول: هذه مسرحية إيرانية هزلية، فردّ عليه آخر: مسرحية إيرانية هزلية أفضل من فيلم عربي إباحي»!