مقاربات فكرية بين المنطق واللامنطق. إلصراع العالمي صراع عقائدي.. الجزء (9-10)
“المدارنت”..
يعمل العدو بدأب وتخطيط مستمرّين، لإنهاء حياة أمة سادت العالم بانسانيتها، بعدما اُمرت بحمل نشر الدعوة المحمدية، كرسالة سماوية، وعقيدة تشريع خُتِمت بها الرسالات السماوية، وهي موجهة للناس كافة، مؤمنين ومشركين، وهي للعالمين.
فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر، حيث تكمن الغاية في تحقيق عدل الهي جوهره إنسانية الإنسان. هنا كانت بداية الإعلان العداءي العالمي، غربا حيث امتدت الإمبراطورية الرومانية، وشرقا حيث امتدت الإمبراطورية الفارسية، وحتى داخليا حيث كانت عبادة الأوثان، بزعامة قريش، حيث بدأ التبليغ لعقيدة التوحيد. مع ذلك الوقت.
بدأ الصراع داخليا إلى أن تمّ تحطيم الأوثان وامنت العرب بعقيدة التوحيد ثم حملت لواء نشرها عالميا، وتوجهت بجيشها شرقا حيث دان الفرس للعرب في القادسية، وتوجهت ايضا، غربا حيث دان الروم للعرب في اليرموك، بدفع الجزية وعن يد صاغرة. منذ ذلك الحين، أدى إلى العمل الجاد لاستعادة ما خسروه، ماديا ومعنويا، حيث راحت تحاك المخططات العدوانية على العرب المؤمنين، من صليبية صهيونية إلى فارسية صفوية، كل بطريقة ما ذهب إليه
والغاية تكمن في سحق وازالة ما يسمى بالحضارة العربية المؤمنة، هوية وعقيدة، قومية ودينا. لذلك نجد الغرب الفرنجة قد أخذوا بالنصرانية، رسالة عيسى ابن مريم،(عليه السلام )،التي هي رسالة سماوية، ثم حملوا لواء العقيدة المسيحية من روسيا الارثوذكسية،إلى أوروبا الكاثوليكية، ثم أميركا البروتستانتية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه من الواجب إلا نغفل ولا ننسى أن اليهودية الصهيونية، هي حركة غربية المنشأ والولادة، إذ لا ننتظر أن يأتينا من الغرب ما يسر قلوبنا، فكل ما ياتينا غدر ومكائد وخيانة. اما ذلك الشرق الفارسي الصفوي فقد اخذ بعقيدة التوحيد، ولكن على طريقته الخاصة، فقد اعتنق الإسلام بهدف إضعاف العرب ومشاركتهم في حمل راية الإسلام، ونشرها على هواه، انطلاقا من مفاهيم إسلامية بحتة، فالمسلم أخ المسلم، وايضا، لا فرق بين عربي واعجمي.. لافرق بين اسود وابيض.. متناسين او غافلين قصدا دلالة الفرق إلا وهي (إلا بالتقوى) وهذا هو بيت القصيد.
هذا من جهة، أما الجهة الثانية، فانهم أخذوا بما أخذت فرقة الشيعة الاثني عشرية، والهدف إضعاف العقيدة الإسلامية من خلال بثّ روح الفرقة والانقسام، إضافة لعملية التحريف والتأويل. وهذا الأمر الباطن المبطن، لأقوى واشد على العرب وعقيدتهم على السواء، لأن في ذلك قدرة المعرفة على سهولة الدخول مسالك الهدم والتخريب، على كافة الصعد، منهجية وفكريا، حيث تملك حرية وقدرة الحركة وبثّ سمومها وعدائها بين أفراد الامة ومجتمعاتها، زارعة الفتن وأساليب التحريض المذهبي ثم إشعال فتيل الصراع. خدمة وأهدافها العدائية، زد على ذلك امتداد خيوطها الارتدادية مع باقي الفرق الشعوبية المنتشرة على مساحة الوطن العربي، سندًا لها. جاعلة منهم -شيعة العرب- آتون صراعها وأدوات حمل السلاح والاستشهاد على مذبح القداسة.
لا شك أن العدو، يدرك تماما، مكمن الخطر الوجودي، عليها، وأبعاده الفكرية الايمانية، قبل وبعد نهاية الاتحاد السوفياتي، فقد حدد معالمه الكامنة بوحدة أمة العرب، وما تحمله من حضارة إنسانية عقدية، رغم أن النصّ القرآني واضح البيان في أن رسالة الاسلام، هي رسالة للعالمين وليست للعرب وحدهم، وهي تمثل الدين العالمي الأول والأخير، دين العالمية الإنسانية، ودين العدل الإلهي الذي لا يتزحزح ولا يتزعزع، وبأمر إلهي حمل العرب لواء دعوتها الى العالمين. فاصرار العدو على العدوانية المتأصلة بأفكار متصهينة متطرفة، جلّ أهدافها الانقضاض على الامة العربية وما تحمله من حضارة عقدية.
مختصر القصد، منع العرب من الاستمرار بحمل لواء عقيدة الإسلام، ونشرها كي لا يحققون السيادة العالمية، وبشتى الاساليب، ولهذا سيبقى الخلود للصراع بين العرب المؤمنين، وبين ما دون ذلك من العالمين، على الصعيدين إلداخلي والخارجي، اعداء الامس واليوم والغد. فالصراع صراع أديان، والحرب حرب حضارات عقدية، دائمة أبدية. لذلك يعمل العدو جادا، وعن طريق الوسيلة تبرر الغاية، تخطيطا وتحالفا، واستمرارا بحربه لأضعاف، وأن استطاع، لابادة اؤلاءك العرب المكلفون بحمل لواء عقيدة التوحيد، ثم نشرها على مساحة الكرة الارضية، أولئك الممثلون بأهل الإسلام الحق، والمؤمنون حقًا، حيث لم تكن الشعوبية الصفوية قد تمددت ونسجت خيوطها التخريبية العدوانية، استنادا على ما حيك من “الإسرائيليات” المدسوسة، بخاصة، استنبتت مع برامكة الفرس زمن العصر العباسي، ألوان تعدد الفرق الاسلامية التي كانت كالسوس تنخر الأفكار التوحيدية الواحدة، حيث تشتت الامة إلى أمم وشعوب. لافتين النظر إلى أن المتشربين إيمان التوحيد، إدراكا ووعيا، وتشبثا في حمل لواء الدعوة، قد مثلوا الأكثرية العددية عالميا وعربيا، والذين عرفوا باهل السنة والجماعة، وما تبقى من فرق مثلت الأقليات الحاقدة على تلك الاكثرية، لذلك توجهت إلى تحالفات مع الغرب المسيحي الذي ادّعى حماية مسيحيي الشرق كاقلية، ومن جهة ثانية، حضن الحركة الصهيونية، رأس حربة الأقليات العلمية، والتي تمثل العقيدة اليهودية من جانب آخر.
أن مخطط العدواني العالمي، ومع ما يدور في المنطقة العربية من حروب ونزاعات، إنما هدفه، إلأول والأخير، إضعاف أهل السنة والجماعة، كفرقة أكثرية حملت ودافعت ونشرت عقيدة التوحيد، عقيدة محمد العربي (ص).
من هنا، يدفعنا المنطق للذهاب الى ان الصراع الأساسي في منطقة الشرق الأوسط، إنما هو محدد بين الأكثرية والاقلية، كمحور اصيل، وجوهر علله العدائية مختصره في أن “إسرائيل”(كيان الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة)، دولة العدو المحتل، هي التي تمثل قمة وزعامة الأقليات العالمية، والتي تحرك باقي الفرق من اقليات، حيث تتلاقى الاهداف والمصالح.
لذلك نجدها تعمل وبجدية عالية على تدعيم ومساندة تحالفاتها العالمية، من صفوية فارسية آخذة بيد اقليات مذهبية شعوبية، كفرق متعددة متنوعة، إلى محاولات تغيير وإعادة رسم خارطة الشرق الأوسط، من أجل تعزيز النزاعات والخلافات العربية/ العربية، وبدعم أميركي اوروبي، ثم جعلها دويلات متصارعة، تتحكم بها اقليات دينية أو اثنية وعلى رأسها الدولة العلوية الأسدية في سوريا.
لو عدنا قليلا، واسترجعنا الوقائع والأحداث، وخصوصا ما حصل ضد العراق من تحالفات عالمية وعربية، دينية وقومية، لاستنتجنا أن الاتجاه العدواني العالمي، شرقا وغربا، خارجيا وداخليا، إنما قد صبّ جام غضبه وحقده على محور وقف التمدد الفكري، على المستوى القومي والديني، وتشويه تشريع العقيدة، فيحللون الحرام ويحرمون الحلال، ثم الفتك بأبناء حاملي لواء دعوتها من أهل السنة والجماعة. فعملوا على صنع فرق سنية متطرفة متعصبة
كي تنشط في قتل وذبح من يخالف تشريعها المخالف للنص القرآني، فهشمت الإنسانية وهجرت البشرية وهدمت الآثار الحضارية، الحديثة والقديمة، فزرعت النزاع العرقي والصراع الفكري المقيت بين أهل السنة والجماعة، فاستنبتوا ما يسمى بداعش، والنصرة والسلفية والجماعة،وو الخ.
وهكذا عمل العدو استراتيجيا على تعميق الصراع المذهبي والطائفي والاثني، كي يسهل عليه تمام السيطرة على المنطقة العربية بأسرها، ثم التلاعب بزعزعة الإيمان التوحيدي ونزعه من صدور من يؤمن به يقينا، لانه، كعدو، يدرك تماما أن الإسلام دين عالمي، دين البشرية جمعاء، دين العلماء والعقلاء والحكماء، ويعلمون ايضا ان من حمل رايته يقينا، لديه ما لديه، من القدرة الايمانية والملكات الفكرية والقيم الأخلاقية، ما يحمله لاستعادة السيادة العالمية، وبشهادة التاريخ ينقلنا إلى قادسية الشرق ويرموك الغرب.