مقالات

ناموس وفلوس!

د. محمود المسلماني/ لبنان

“المدارنت”..
رحم الله آباءنا وأجدادنا الذين ينتمون الى ذلك الماضي الناصع الجميل! الإنتخابات انتخابات مخترة، والزاحفون خلف هذا الموقع مستميتون في تحقيق حلم الوصول. وهم في سبيله مستعدّون لبذل الجهد والمال وكل ما يملكون؛ لأنّ القضيّة عند أغلبهم هي قضية جاه ، أو سلطة، أو تحقيق مكاسب مادّية أو معنويّة.
هبّ أبو غنّام يستقبل ضيوفه، وتوزّع الزائرون في أرجاء غرفة ترابيّة ضيّقة . قُدِّم الشاي وذهب الحديث مذاهب متعدّدة الى أن قال أحدهم وهو يدسّ في جيب أبي غنّام بعض النقد (قطعة المئة ليرة، وهي قطعة لها قيمتها الشرائيّة يومذاك).
– “بدنا همّتك يا بو غنّام. بكرا لا تنسونا بالإنتخابات”.
كان الرجل جالسًا هادئًا عاقلًا، فانتفض واقفًا، صائحًا يستبدّ به انفعال جامح: “ليك يا بو خليل، ناموس وفلوس ما بيصير. نحنا ما مننباع ولا مننشرى. خدوا فلوسكم وألله معكن”.
.. وذهبت المقولة مثلًا” .
في هذه الإنتخابات، ثمّة من يدفع وثمّة من يُباع ويشرى. والبيع والشراء فنون: هناك من يُشتري بمال، وهناك من يُشتري بوظيفة عامّة أو خاصّة، أو بمساعدات عينيّة من موادّ غذائية، أو محروقات للسيارة أو للتدفئة في شتاء بارد.. وما الى ذلك.
لكنّ الأخطر في عمليات البيع والشراء، هو عن طريق التضليل بالتكليف الشرعيّ، أو بالشعارات الكبيرة الزائفة التي يتقنها كثير من الفرقاء الذين يخوضون المعارك الإنتخابية.
وهكذا، فإنّ أساليب البيع والشراء متنوّعة، وهي، وإن تعدّدت تبقى الغاية واحدة، وهي اعتلاء المناصب، وتحقيق الأهداف والمصالح والمشاريع الخاصّة على أكتاف الجهلة “المعتّرين” من الكائنات الناطقة.
أيها المنغمسون في شراء الأصوات والذمم، إنّ للإنسان قيمة وقدرً، ولا بدّ أن يصحو يومًا على أفعالكم الشنيعة. متى جررتم الناس عميانًا الى سوق البيع والشراء، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا وعلى كرامة وبصر وبصيرة؟!
مرّة أخرى، رحم الله أبا غنّام! كان على بساطته حرًّا كريمًا، لا يُباع قراره في سوق الماشية، ولا يخضع لمساومات العرض والطلب.

صفحة الكاتب على منصّة “ميتا/ فيسبوك”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى