مقالات

نتنياهو: دخلوا علينا واحتلوا وأسروا بـ”الشباشب” والبنادق الخفيفة!

الإرهابي الصهيوني بنيامين نتنياهو

“المدارنت”
وجّهت المحكمة العليا في إسرائيل صفعة جديدة لرئيس حكومتها نتنياهو بقرارها حول عدم قانونية إقالة رئيس “الشاباك” رونين بار وتحصين خليفته، بتأكيدها أن ولاءه يجب أن يبقى للجمهور لا لرئيس الحكومة. بعد ساعة، ردّ نتنياهو بالمثل وصفع المحكمة العليا وكل “الدولة العميقة”، مُبدياً عدم احترام واكتراث بالنداءات والضغوط المحلية والعالمية من أجل وقف الحرب على غزة”.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي قدّم فيه خطاباً شعبوياً مليئاً بالديماغوجية والأكاذيب، كشف فيه عن نيته وتوجهاته بمواصلة الحرب والمذبحة في غزة رغم الانتقادات والتهديدات العالمية، وسط صمت أمريكي لافت، وألمح فيه إلى إمكانية مهاجمة إسرائيل لإيران.
في خطاب اتّسم بالتهريج والتضليل والمغالطة والكذب، نزَّهَ نتنياهو نفسه، وبَرّأ حكومته من الفشل الذريع، واتّهم المؤسسة العسكرية والأمنية، بل شارك بفظاظة غير مسبوقة في تأجيج شائعات ونظرية المؤامرة، وكأن هناك تواطؤاً إسرائيلياً مع “حماس” في عملية “طوفان الأقصى”، بقوله إن الغزيين نجحوا بعمليتهم بسهولة، فدخلوا علينا، واحتلوا، وقتلوا، وأسروا وهم ينتعلون “الشباشب” ويقاتلون ببنادق و”التنادر”.
ورغم أنه كان قد قاد غرفة العمليات داخل مقر وزارة الأمن في تل أبيب بعد ساعة من شن الهجوم، تساءل في خطابه: لماذا تأخّر سلاح الجو عن الرد؟ أين الحرّاس على الحدود في تلك الليلة؟
وعقّب رئيس المعارضة يائير لبيد على أقوال نتنياهو عن عزم الاحتلال مواصلة الحرب والسيطرة على كل قطاع غزة بالقول إن مكانة إسرائيل الدولية ستنهار بسبب حرب غزة، معتبراً أن تصريحات نتنياهو هذه تعني التورّط باحتلال غزة لسنوات طويلة، وفقدان المزيد من الجنود والمليارات. وأكد لبيد أن نتنياهو كذب عندما قال إن هناك تنسيقاً كاملاً بين إسرائيل وبين الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن نتنياهو ليس لديه تنسيق مع واشنطن، وقد فقد اهتمام وإصغاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال زعيم حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان إن نتنياهو أثبت أنه رجل أقوال لا أفعال، مسوّغاً قوله بالتذكير أنه بعد مرور 592 يوماً على السابع من أكتوبر، لا تزال “حماس” تطلق الصواريخ وتنفذ العمليات، وتتلقى من حكومة نتنياهو الوقود وأطناناً من المساعدات.
وتابع: “نتنياهو، وعلى مدار سنوات، بنى مسيرته على إطلاق الخطابات ضد مشروع إيران النووي، حتى أصبحت في عهده أقرب من أي وقت مضى إلى أن تصبح قوة نووية”.
وتُحمّل أوساطٌ إسرائيلية متزايدة نتنياهو وحكومته مسؤولية كبيرة عما تصفه بـ”تسونامي سياسي” ضد إسرائيل، في إشارة للانتقادات والضغوط الأوروبية، رغم أنها تنحصر حتى الآن فقط في دائرة الأقوال والتهديد باتخاذ إجراءات عملية.
وترى محررة الشؤون العربية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، سمدار بيري، أن إسرائيل تسهم في عزل نفسها نتيجة مواصلة حرب بلا هدف، ونتيجة فقدان الدعاية، وكأن العطّار يستطيع أن يُصلح ما أفسده الدهر، وأن ماكينة الدعاية والكذب تقوى على مجابهة صور الكارثة الإنسانية المروّعة من غزة، وترسم منتديات التواصل الاجتماعي في العالم بالأحمر، وتعج بصور التدمير والردم والقتل والتجويع.
في المقابل، يدعو محلل الشؤون العسكرية والشرق أوسطية في “يديعوت أحرونوت” آفي يسخاروف لقول الحقيقة بأن العمليات الحالية في غزة عقيمة، وسبق أن قام بها الجيش، فيما تقف “حماس” على أقدامها ولا تستسلم، ولا تفرج عن مخطوفين.
ويمضي في تحذيراته: “نحن نجرّب المجرّب… وعملية عربات جدعون لن تحقق ما فشلت به الحرب حتى الآن.. وهدف الحملة العسكرية الجديدة هو هدف حكومة نتنياهو؛ مواصلة الحرب بكل ثمن، بالأساس بدوافع سياسية”.
وهذا ما يراه أيضًا المعلق العسكري البارز في موقع “واينت” رون بن يشاي، داعيًا لوقف الحرب وإتمام صفقة الآن، في تحليل بعنوان “الوقت يسير بغير صالحنا”، مؤكّدًا أن الضغط العسكري فقد الكثير من فاعليته، وأن “حماس” تستعد للقيام بحرب عصابات، واهتمامها بمعاناة الغزيين يتراجع، والاحتمال كبير بمقتل مخطوفين وجنود.
بن يشاي، الذي يزن الموجود والمفقود على ميزان الربح والخسارة، فلا يشير إلى مأساة المدنيين الفلسطينيين، يخلص للقول: “باختصار، الوقت يسير في غير صالحنا”.
في افتتاحيتها، وكعادتها، تبدي صحيفة “هآرتس” موقفًا نادرًا في المشهد الإسرائيلي، تضع فيه النقاط على الحروف بالقول إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب في غزة، وإنه ينبغي إنهاء الحرب فورًا، ووقف مزاعم ورواية اللاسامية في العالم، وإلا سنسدّد الثمن بحياة المخطوفين والجنود، وحياة عشرات آلاف الفلسطينيين، وتحويل إسرائيل إلى دولة مصابة بالجذام، معزولة، منبوذة، الكل يشمئز منها.
وتدعو “هآرتس” الإسرائيليين إلى رفع صوتهم تأييدًا لصفقة، ولإنهاء الحرب والمجاعة، قبل أن يقوم العالم بذلك بدلًا عنا.
كما تنعكس عملية تحميل إسرائيل مسؤولية توريط ذاتها بالعزلة، وتعريض نفسها لـ”تسونامي”، في “كاريكاتير” لاذع جدًا تنشره “هآرتس” اليوم، يتكاتف مع تأكيدات يائير غولان، أمس، بأن إسرائيل تمارس هوايتها بقتل الأطفال في غزة.
ويظهر في الكاريكاتير عددٌ من المسؤولين الإسرائيليين تحت لافتة كُتب عليها “زاوية الهوايات”، وفيها يقول الوزير سموتريتش: “هوايتي تدمير ما تبقى من غزة”، والوزير بن غفير يقول: “تفجير وتجويع”، ويتلوهما الوزير إلياهو: “إنزال قنبلة نووية على غزة”، أما النائب سوكوت: “قتل 100 في اليوم في غزة”، والنائبة غوتليب: “تجاهل المخطوفين المحرّّرين المصابين بغسيل دماغ”.
ويتساءل المعلق السياسي في الصحيفة، جدعون ليفي، وهو الآخر صاحب صوت نادر في البرية الإسرائيلية: هل هي هواية أم جدوى/غاية؟.. ربما مهنة.. عمدًا أو خطأ. في كل الأحوال، فإن الجيش قتل آلاف الأطفال والرضع في غزة، ولذا فإنه جيش قتل بالجملة أولادًا ونساءً ومسنّين، ولا يوجد شخص في العالم يستطيع نفي ذلك.
في مقال بعنوان ساخر “كل الاحترام لجيش الدفاع”، يمضي في تصوير الواقع دون تزوير وتشويه: “الجيش ليس فقط مطبّقًا لتعليمات المستوى السياسي.. فهو الذي يقود حملة التدمير، وبمقدورهم وقفها، لأنهم حتى الآن يديرون حربًا إجرامية ودون هدف، ضد لاجئين ومهجّرين في غزة لا يملكون مكانًا يختبئون فيه. أن نبرّئ قادة الجيش من التهمة فهذا جبن أو كذب، أو كلاهما”.
ويعكس كاريكاتير صحيفة “يديعوت أحرونوت” أيضًا تحميل نتنياهو مسؤولية نبذ إسرائيل في العالم، إذ يبدو هو في الرسم مع سيجار كوبي الصنع بيد، وبيده الأخرى كأس شمبانيا زهرية اللون فرنسية الصنع، يشاهد التلفزيون، وعلى الشاشة تبدو خريطة أوروبا، ولجانبها مكتوب: “إطلاق رصاص التنديد: بريطانيا، هولندا، إسبانيا، إيرلندا، بلجيكا، فرنسا ومالطا”.
وعلى خلفية تصاعد الضغوط والانتقادات، ترى صحيفة “يسرائيل هيوم” أن إسرائيل باتت تقف قبالة مفترق طرق، متسائلة: هل تضغط دول عربية على ترامب كي يقول لنتنياهو: “كفى، انتهى!”
بموازاة السجال حول هذه الانتقادات والأزمة الدولية التي يتحمّل نتنياهو مسؤولية عنها، طبقًا لمعارضيه، مقابل مزاعم الائتلاف بأن إسرائيل ضحية للاسامية المتجددة، فقد أشعل نتنياهو في خطابه الشعبوي المذكور السجالات الداخلية بين معسكرين يتصارعان على السلطة وعلى روح وهوية وطريق إسرائيل كدولة باتت متورطة بجرائم حرب، وفاشية، وعنصرية، وخطاب كراهية، ما دفع صحيفة “يديعوت أحرونوت” للقول في عنوانها الرئيس اليوم: “عودة الصدامات”، في إشارة للمواجهات في الشارع الإسرائيلي.

وديع عواودة/ “القدس العربي”
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى