عربي ودولي

نتنياهو: نشك في مهنية الإدارة الأميركية بعد الإقالات الجماعية!

مبعوث ترامب للشرق الاوسط ستيف ويتكوف ووزير خارجية إيران عباس عراقجي

“المدارنت”..
يبدو أن نصف مشاكل العالم الآن على كتف رجل واحد، هو ستيف ويتكوف. فمبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يعالج في الوقت نفسه محاولة التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران، ووقف إطلاق النار وعقد صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، ووقف الحرب بين روسيا وأوكرانيا. رجل العقارات، المحامي الذي أصبح دبلوماسياً كبيراً في لحظة، يحارب في كل هذه الجبهات في وقت يواصل فيه المسؤول عنه تنفيذ تدمير الاقتصاد الأمريكي ويتفاخر بانتصاره في لعبة الغولف ويستعرض سلوكاً متغطرساً في كل مناسبة.
لويتكوف مشكلة أخرى، وهي أن استبدال الإدارة في واشنطن في كانون الثاني الماضي وموجة الإقالات الكثيرة التي أعقبت ذلك، أبقت الإدارة الجديدة بدون عدد كاف من الخبراء في القضايا التي تحتاج إلى تجربة مهنية عميقة وذاكرة تنظيمية للمدى البعيد. ولكن ترامب كان متحمساً جداً من إقالة جنرالات ودبلوماسيين عندما عاد إلى البيت الأبيض، إلى أن بقي مع حفنة موظفين كبار وعدد كبير من الوظائف الشاغرة. هذا أحد الأمور الذي يقلق جهاز الأمن في إسرائيل على خلفية محاولة التوصل إلى اتفاقات في إيران وفي غزة.
بعد أسبوع على سفر نتنياهو من بودابست إلى واشنطن، كان واضحاً أنها زيارة انتهت بفشل ذريع. ترامب استدعى نتنياهو على خلفية تغيير في سياسة الجمارك الأمريكية وحاجته إلى استعراض التذلل من زعماء دول برعاية الولايات المتحدة. على الطريق، أعلن الرئيس وبحضور نتنياهو عن قرار إجراء مفاوضات مباشرة (في الواقع تقريباً مباشرة حيث الوفود لم تجلس معاً) مع الإيرانيين في سلطنة عمان. ما بقي لنتنياهو ليفعله عند عودته إلى البلاد هو الإعلان بأن العلاقات جيدة كما الحال دائماً، والتوضيح بأن ترامب يريد فرض اتفاق على طهران يفكك المشروع النووي الإيراني بالكامل، مثلما فرضت إدارة الرئيس جورج بوش مثل هذا الاتفاق على ليبيا في 2003، عندما ذهبت الولايات المتحدة إلى حرب الخليج الثانية ضد العراق. أبواقه في وسائل الإعلان تكرر هذه الرسالة بإخلاص.
من الواضح أن الواقع أقل إبهاجاً لرئيس الحكومة؛ فترامب أعطى توجيهات لويتكوف لمحاولة التوصل لاتفاق. يبدو أن النهاية متعلقة بقدرة الولايات المتحدة وإيران على بلورة تفاهمات بعيداً عن تحفظات “القدس”. الجيش الإسرائيلي مجبور على إعداد نفسه لاحتمالية انهيار المفاوضات، وفي النهاية سيعطى ضوءاً أخضر لهجوم إسرائيلي (بدعم وربما بمساعدة أمريكا) ضد المنشآت النووية الإيرانية. ولكن يبدو أن الرئيس الأمريكي في هذه الأثناء يريد فحص التوصل إلى اتفاق بالطرق السلمية.
الخوف، الذي يبدو أن نتنياهو شريك فيه ولكنه لا يريد التعبير عنه بصوت مرتفع، هو أن ترامب سيوقع على اتفاق مؤقت، وحتى سيئ، دون رفع التهديد الإيراني من الأجندة، لكن إسرائيل ستضطر للتسليم به بصمت خوفاً من رد أمريكي شديد. لقاء المفاوضات في عُمان السبت الماضي انتهى بنشر بيانات يقبلها الطرفان بشأن محادثات جيدة وبناءة. وستأتي الاستمرارية قريباً، ربما في أوروبا. ما بقي على إسرائيل الآن فعله هو البقاء في موقف الانتظار. في حالة نتنياهو، ثمة توقع بأنه يأمل فشل المفاوضات.

مسألة وقت
قبل العيد، تحدث ترامب وويتكوف أيضاً عن تنبؤات متفائلة فيما يتعلق باحتمالية التقدم في صفقة المخطوفين. هذا أيضاً سؤال يتعلق بالجدول الزمني. الرئيس الأمريكي قد يصل خلال شهر في زيارة أولى في ولايته الحالية إلى السعودية. العائلة المالكة في الرياض تتوقع منه إنهاء الحرب في القطاع أو على الأقل استئناف وقف إطلاق النار المؤقت حتى ذلك الحين. يقف على الأجندة اقتراح وساطة مصري جديد، نوع من الحل الوسط بين مطالب إسرائيل وحماس. القاهرة تتحدث عن إطلاق سراح ثمانية مخطوفين إسرائيليين (هناك 59، بينهم 21 كما يبدو على قيد الحياة)، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من السجناء الفلسطينيين ووقف إطلاق النار لمدة شهرين. يبدو أن الإدارة الأمريكية تأمل أن يكون بالإمكان وضع نتنياهو على مسار لا عودة عنه في هذه المرة. بعد وقف القتال، سيُستخدم ضغط كاف لا يسمح لنفسه بالعودة إلى القتال في ظله.
من الجدير التذكر بأن إسرائيل، وليس حماس، هي التي بادرت إلى الخروقات الجوهرية لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع عليه في منتصف كانون الثاني. لم يبدأ نتنياهو المفاوضات على مواصلة الصفقة في اليوم الـ 16 كما نص الاتفاق، وأوقف المساعدات ورفض إخلاء محور فيلادلفيا كما تعهد، وفي النهاية استأنف القتال في 18 آذار بهجوم جوي كثيف. هذه هي خلفية تصريحات جهات رفيعة في حماس مؤخراً. يهمهم بدرجة أقل سؤال كم هو عدد السجناء الفلسطينيين وعدد المخطوفين الذين سيطلق سراحهم في المرحلة القادمة المؤقتة في الصفقة، هم يبحثون عن تعهدات وضمانات بإنهاء القتال، وبعد ذلك التوصل إلى اتفاق يتضمن إخلاء جميع قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع. سيجد نتنياهو صعوبة أن يفي بذلك؛ لأن الأمر سيقتضي التنازل عن هدف الحرب المعلن – إسقاط حكم حماس في غزة. ويخشى أيضاً من إسقاط شركائه في الائتلاف من اليمين المتطرف للحكومة رداً على ذلك.
تلاحظ حماس كما يبدو بداية توتر جديد بين واشنطن والقدس. وحتى إن إسرائيل تحتل مناطق أوسع بالتدريج في شمال القطاع وجنوبه، ويبدو أن حماس تقلل من الاحتكاك مع القوات البرية للجيش الإسرائيلي. أرسلت حماس عدداً من رجالها من منطقة رفح إلى الشمال، إلى أماكن الإيواء الإنسانية في المواصي، كي لا تنتهي قواتها. في هذه المرحلة، تجري الحرب في معظمها بوجود طرف واحد فقط.
تنتظر حماس استغلال نقاط ضعف في استعدادات إسرائيل، لكنها في الوقت نفسه تحافظ على وحداتها على أمل تدخل أمريكي قريب ينهي الحرب. وإسرائيل في موقف الانتظار، فهي تتأثر من تخوف هيئة الأركان بشأن حجم دعم الاحتياط للخطوات الهجومية.
الجيش الإسرائيلي رد بشكل شديد على الرسالة ضد استمرار الحرب، التي نشرت في سلاح الجو، وأعلن بأنه سيقصي الموقعين القلائل نسبياً الذين ما زالوا في الخدمة، من الخدمة الفعلية. رداً على ذلك، نشرت رسائل كثيرة أخرى من وحدات وأجهزة أخرى. ولكن السؤال الحقيقي هو: كيف سيؤثر هذا المناخ المشحون على دافعية رجال احتياط آخرين، الذين يتعلق ترددهم بعبء العائلة أكثر، وبدرجة أقل بالنقاش المبدئي حول أهداف الحرب؟ في هذه الأثناء، أعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي عن تصفية نائب قائد خلية القناصة في حماس، وعن كشف وتدمير نفق بطول 1.2 كم بعد سنة ونصف على الحرب. أتباع نتنياهو المهووسون وحدهم ما زالوا يصدقون أننا في الطريق إلى النصر المطلق.

عاموس هرئيل/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى