“هآراتس”: إرهاب المستوطنين هو إرهاب الدولة!
مستوطنون صهاينة يدنّسون باحات “المسجد الأقصى”“المدارنت”..
بعد تأخير طويل ـ أكثر من 46 سنة منذ إنشاء حركة “أَمَناه”، الذراع الاستيطانية لحركة “غوش إيمونيم” (الإرهابية الصهيونية) ـ قررت الحكومة الكندية فرض عقوبات عليها.
بذلك، انضمت كندا إلى الإدارة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي والحكومة البريطانية، التي كانت قد فرضت خلال الأشهر الأخيرة عقوبات على عدد من المستوطنين والتنظيمات الاستيطانية، مثل منظمة “لِهاﭬاه” ورئيسها (الإرهابي الصهيوني) بنتسي غوبشطاين ـ وهو مجرم مُدان يشغل وظيفة المستشار المقرب من وزير الأمن القومي (الإرهابي الصهيوني) إيتمار بن غفير ـ على “فِتْيان التلال”، التي هي ليست منظمة لكنّ المنضوين تحت رايتها معروفون جيدًا، وعلى مزارع متفرقة تتبع لأفراد، مثل “مزرعة موشي” و”مزرعة تسفي”.
تشمل العقوبات، من بين ما تشمله، منع هؤلاء النشطاء من الدخول إلى الدول التي فرضت عليهم العقوبات، حظر جمع التبرعات والقيام بأنشطة تجارية فيها، إضافة إلى تجميد نشاطاتهم المصرفية. وهذه عقوبات ليست سهلة لأشخاص اعتادوا على تنفيذ الجرائم (ظاهريًا، بالطبع) وعدم تقديمهم إلى محاكَمات في الدولة التي تمثل، هي نفسها، أمام القضاء بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
لكنّ مجتمع المستوطنين ومؤيديهم ليس من الذين يرفعون أيديهم استسلامًا، وبالتأكيد ليس في مواجهة أغيار (غوييم) يتدخلون في شؤون دولتهم الداخلية ويحاولون أن يُملوا عليها تعريف وماهية حقوق الإنسان في المناطق المُسجَّلة على اسمه في السجلّ العقاريّ (الطابو) الإلهي. وقد هبّ وزراء المستوطنات غير القانونية، بقيادة (الإرهابيّان الصهيونيان) إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لتشريع قوانين تُفرغ هذه العقوبات من معناها وأهميتها. من بينها، يمكن الإشارة إلى اقتراح بن غفير إلزام البنوك في “إسرائيل” (كيان الإرهاب الصهيوني في فلسطين المحتلة) بتجاهل العقوبات، اقتراح سموتريتش منع فرض اعتقالات إدارية على مستوطنين وكذلك مبادرته لإقامة مستوطنة جديدة ردًا على كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية “لكي تعلم كل دولة تتعاون مع الأنشطة المعادية لإسرائيل وتعترف بالسلطة الفلسطينية كدولة، أنها تدعم المشروع الصهيوني وتعزيز الاستيطان اليهودي.
وهكذا، لئن كانت المستوطنات قد شكّلت حتى الآن “جوابًا صهيونيًا مناسبًا”، ردًا على كل عملية قتل لمستوطن في المناطق (نعم، مستوطن، بصريح العبارة، لأنّ اليهودي العادي الذي يُقتَل داخل حدود الخط الأخضر بأيدي منفّذي عمليات، لا يستحق إقامة مستوطنة على اسمه، لتخليده). اعتبارًا منذ الآن، يعلن سوتريتش، ستكون المستوطنات بمثابة سلاح سياسي هجوميّ. وحين تكون هذه هي الاستراتيجية، لا يعود من الممكن الاكتفاء بـ “مزارع” و”بؤر استيطانية” فقط. لأنه يتبيّن أن “الدول المعادية” لا تزال غير مدركة للعقبة الاستيطانية أمام إقامة دولة فلسطينية، ولا مناص من تعزيز المناطق بعشرات آلاف الشقق السكنية الإضافية الجديدة، ولا بدّ من نقل مئات آلاف اليهود إليها ومن ضم الضفة الغربية، وربما قطاع غزة أيضًا، وإلّا فإنّ “العالم” سيواصل الإصرار على عدم الفهم.
مع ذلك، من شأن سابقة العقوبات أن تكون دليلًا، أيضًا، على أن “العالم” لا ينوي رفع الأيدي والاستسلام. لأن المرء قد يتساءل، مستغرِبًا، ما الذي دفع الدول الغربية إلى التدخل الآن بالذات في النشاط غير القانوني المستمر منذ العام 1967؟ وبشكل أساسي، لماذا تستهدف هؤلاء الأفراد من “الأعشاب الضارة”، وليس الحكومة التي تواصل منحهم الرعاية القانونية، الحماية العسكرية وغطاءً اقتصاديًا هائلًا؟ ذلك أنها، في مسلكها هذا، إنما تؤكد قانونية نشاطهم وشرعيته وتعترف بهم كطرف يخدم مصلحة إسرائيل الوجودية.
حين يكون في الحكومة وزراء يشجعون الإرهاب الاستيطاني، وعلى رأسها تقف فزّاعة تمنح الرعاية والموافقة لكل نزوة من جانب وزراء الجريمة، فقد تخلص حكومة الولايات المتحدة وحكومات الدول الغربية عامة إلى الاستنتاج أن المسار الصحيح والمناسب لمكافحة الانتهاكات الإسرائيلية المزمنة للقانون الدولي لا يمكن أن يتجاوز المسؤولين على أعلى المستويات وأرفعها. ذلك أنه إذا كانت أعمال المستوطنين الأفراد وممارساتهم ضد الفلسطينيين تُعرَّف بأنها إرهاب، فمن غير الممكن تجنّب تعريف المنظمات التي تدعمهم كمنظمات إرهابية ومن غير الممكن، أيضًا، تجنّب تعريف الحكومة التي تمنحهم كامل الرعاية بأنها حكومة داعمة للإرهاب، وهذا لا يبقى بمثابة تهديد يقتصر على المستوطنين وتنظيماتهم، بل يكون مُوَجَّهًا إلى كل مواطن “إسرائيلي”، بصورة مباشرة.