عربي ودولي

“قصيرو القامة” في سباق الدخول لـ“نادي التفوّق الأبيض”: قتلنا العرب وهجّرناهم!

الإرهابي الصهيوني بتسلئيل سموتريتش

“المدارنت”..
لحظة من السلام في الأسبوع الماضي: أعلن آلموغ بوكر بابتسام أن الآلاف يغادرون القطاع، وأن آخرين في الطريق للخروج. أنباء مفرحة، أنباء صهيونية. تجسيد حلم. العرب يختفون بدون أن تمس بهم يد بشر. نغمض العيون ونفتحها، ها هم اختفوا. حتى هذا ليس ترانسفير، بل “هجرة طوعية”؛ أي أن الشخص يمسك بشعره ويقوم بسحب نفسه إلى الخارج. طوعية، هذا واضح. ليس مجرد طوعية، بل برغبة شديدة. رغبة يخرجها الإنسان من نفسه بعد قتل عائلته وتدمير بيته.

هذا “تغيير تاريخي”، قال سموتريتش بعد مصادقة الكابنيت على إقامة مكتب لهجرة العرب. لو عرف أن آيخمان أدار مثل هذا المكتب لليهود (لا يوجد تحديث لهذا الفرع) لطلب على فوره محو هذا المعطى من الكتب التعليمية.
ولكن سموتريتش لم يعرف. كيف سيعرف؟ فما شأنه بتعليم المواضيع الأساسية. كم يريحه عدم المعرفة! تعلمنا كيفية تقديرها من نتنياهو، أكبر الذين لا يعرفون في العالم: “لم يبلغونا ولم يوقظونا ولم يقدموا لنا تقريراً، ولم يمسكونا من ياقتنا”. هذا جهل طوعي. نعرف أنهم يهربون من غزة، لكننا نطلب منهم بشدة أن لا يقولوا لنا السبب. كل ما نحن بحاجة إلى معرفته هو أن جنودنا الأبطال وأولادنا الأعزاء هم الذين يذبحون العائلات هناك. معرفة ذلك قد تجعلنا مشاركين في الجريمة.

ماذا يكشفون لنا؟ المظاهرات في غزة، من قريب، من أعلى ومن الجانب. عندما يريدون منا المشاهدة يعرفون كيفية فعل ذلك. صحيح أنه كان يمكننا رؤية أكثر، لكن من يريد رؤية الأطفال الموتى (والمباني المدمرة بالذات تفرحنا). عندما يريدون منا عدم المعرفة، فلا نعرف. لا نعرف أي شيء عن الحرب التي تحدث الآن في غزة، ولا نعرف أي شيء عن مذابح اليهود في الضفة. المحللون مع الخرائط والسهام يصمتون مثل الأسماك.
لدينا ما يكفي من المشكلات. حدثونا إذا عن هجرة الفلسطينيين وليس عن هجرة الإسرائيليين. لا تقولوا لنا بأن 83 ألف إسرائيلي هاجروا في السنة الماضية (معطيات المكتب المركزي للإحصاء). لا تنشروا عن مئات الأطباء الذين غادروا. لا تفعلوا قصة من ذلك. الهجرة من إسرائيل لا تثير النشوة المكبوتة في آلموغ بوكر مثل الهجرة من غزة. هم لا يتحدثون عنها.
عم يجب التحدث؟ عن أن معظم المهاجرين من عائلات شابة من مركز البلاد؟ وأن نصفهم في جيل 20 – 45؟ وأن سبب هجرتهم الرئيسي سياسي؟ ربما آلموغ بوكر لقناة “الجزيرة” سينفعل من هذه الأرقام. ربما أنه، مثل سموتريتش، يعتبر الأرقام “تغييراً تاريخياً” يشير إلى بداية التفكك. ربما يعتقد أن هجرتنا تشير إلى نهاية الدولة. هرب الأدمغة من إسرائيل إشارة مشجعة، وبالنسبة لنا هو الساعة الكبيرة للوسطية. هجرة الجيدين انتصار للمتوسطين.
الوسطية تخبرنا عن التفكك، المتوسطون الذين سيبقون ستتم ترقيتهم على حساب الجيدين الذين سيغادرون. طلبات القبول ستكون أقل تشدداً، والتعليم سيكون أقل تطلباً، وسيكون التميز أقل تقديراً. سيملأ الوسطيون صفوف الجيدين: الأطباء المتوسطون والمعلمون المتوسطون. سلك الأكاديميا سيحدث له ما حدث لجهاز التعليم والهايتيك والإعلام. سنكون متوسطين، وفي الوقت نفسه يمينيين متفاخرين. سنكون مثل اليمينيين الأوروبيين، وديمقراطيين مثل أوربان، ومستقيمين مثل لوبين.
كراهية العرب رسوم جدية لمشاركتنا في التفوق الأبيض الذي كرهنا دائماً. أردنا دائماً أن نكون يميناً عالياً، أشقر مع عيون زرقاء، نرويجيين. ولكننا قصيرو القامة، وأجسادنا صغيرة ذات بشرة داكنة، كان اليمينيون في أوروبا يكرهونهم.

ما الذي لم نفعله من أجل قبولنا في النادي الذي يرفضنا. اجتزنا امتحان القبول بنجاح. قتلنا العرب، وطردنا ودمرنا. بحثنا عن ثقب لندخل من خلاله بين كراهيتنا للمسلمين وكراهيتهم لليهود. هم يمقتون اليهود، ونحن نحسدهم على جوازات السفر.
كراهية “الإسرائيليين” نفسرها على أنها كراهية لليهود. وإذا كنا لا نخجل الآن من أن نكون فاشيّين، فالقليل من اللاسامية لن يؤثر فينا. اللاساميون الكبار، الذين شاركوا في مؤتمر ضد اللاسامية في القدس، شجعونا عندما قالوا بأننا لم نكن قريبين منهم إلى هذه الدرجة ذات يوم.

المصدر: يوسي كلاين/ “هآرتس” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى