هدنة مؤقتة أم نهاية للحرب في غزّة؟!
“المدارنت”..
أعلنت الولايات المتحدة الأميركية، وقطر، ومصر، أول أمس، الأربعاء، توصل “إسرائيل” وحركة «حماس» إلى اتفاق لوقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ يوم الأحد المقبل، وقد توافقت الآراء على الدور المهم للدوحة وخصوصا في وساطتها مع الحركة، مما دفع الرئيس الأمريكي جو بايدن للإشادة بها والاتصال بأمير قطر لشكره.
من جهة أخرى، عزت وسائل إعلام إسرائيلية دورا كبيرا للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، فيما يخصّ تذليل العقبة الإسرائيلية الكؤود، بنجاحه وقبل أن يتسلّم منصب الرئاسة بأيام، في الضغط على بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، مما دفعه إلى الموافقة على وقف إطلاق النار، وكان تهديده «بفتح أبواب جهنم» كما أشارت التحليلات، هي «المفتاح السحري لإجبار نتنياهو على الموافقة» وأن ذلك يدفع الإدارة الأمريكية للاستنتاج أن «إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة».
أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، من جهته، على أن الصفقة التي أعلن أن نتنياهو وافق عليها هي الصفقة نفسها التي رفضها قبل أكثر من نصف سنة، وتابعت المصادر الإعلامية التأكيد على أن نتنياهو وشركاءه في الحكومة تعمّدوا إفشال الصفقات، وقد تباهى، إيتمار بن غفير، الوزير في حكومته، بإعلان ذلك بقوله: «في السنة الأخيرة، نجحنا بفضل قوتنا السياسية في منع تنفيذ هذه الصفقة، المرة تلو الأخرى» فاعتبرت صحيفة إسرائيلية ذلك حالة نادرة «يلوح فيها سياسي بحقارته».
لم يتوقف نتنياهو، حتى بعد إعلان التوصل إلى اتفاق، عن محاولاته، وعن إيجاد طريقة للتلكؤ في الموافقة عليه، مدعيا أن حركة المقاومة الإسلامية تراجعت عن بعض تفاصيل الاتفاق، ومهددا بأن حكومته لن تجتمع حتى يُخطره الوسطاء بأن حماس «قبلت جميع بنود الاتفاق» وهو اتهام نفته الحركة.
يحاول شريكه الثاني، وزير المالية وزعيم حزب «الصهيونية الدينية» بتسلئيل سموتريتش، المناورة بطريقة أخرى، وذلك بإعلان اشتراطه للبقاء في الحكومة حصوله على تعهد من نتنياهو بالعودة إلى الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار. يريد سموتريتش، حسب قوله، «النصر الكامل، والتدمير العسكري والمدني الكامل لحماس… وإعادة الرهائن إلى ديارهم» جامعا الأوهام مع الأكاذيب.
أما مناورة نتنياهو مع شريكيه الآنفين، فتتمثل في مطالبتهما بالبقاء في الحكومة مقابل تعزيز المستوطنات في الضفة الغربية وتعزيز القوات الأمنية على طول خط التماس بين الضفة وإسرائيل، وتمكين بن غفير وسموتريتش من ادعاء الفضل في هذه التطورات.
سيواصل شركاء الائتلاف الإسرائيلي الحاكم، كل من طرفه، في احتساب الخسائر والفوائد، فيحسب نتنياهو الفرص الممكنة الناجمة عن إدارة ترامب القادمة، والتي من المتوقع أن تكون أكثر دعما لإسرائيل من إدارة بايدن، كما سيتحسّب من ظاهرة «الرجل المجنون» حسب صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية في وصف ترامب.
كما سيواصل بن غفير محاولاته لجرّ سموتريتش إلى صفّه للاستقالة ولإحداث خرق في حكومة نتنياهو، يمكن استثماره ضمن مستقبلهما السياسي الذي يقوم على تحشيد أقصى اليمين المتطرّف وغلاة المستوطنين والمتديّنين، أو في تحقيق مكاسب أعلى ضمن الحكومة نفسها.
ستدور احتمالات عودة الحرب أو الوصول إلى انتهائها، ضمن الدائرة الصغرى لنتنياهو وشركاه، ودائرة ترامب الكبرى، الراغب في الخلاص من الإزعاج المستمر الذي تشكّله قضية غزة للإدارة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي، كما على إنهاء الحرب في أوكرانيا، للتركيز على الملفّات الأمريكية الداخلية الكثيرة، من جهة، وعلى النزاع الكبير مع الصين، من جهة أخرى.