هل تتخلّى طهران عن تدخلاتها في المنطقة؟!
خاص “المدارنت”..
لئن سعى النظام الايراني دائما الى إظهار نفسه بمظهر الحرص على العلاقات الحسنة مع البلدان المجاورة والاهتمام بها، لکنه لم يرکز عليها بصورة ملفتة للنظر ويهتم بها إهتماما غير مسبوقا، کما حدث منذ بداية عهد ابراهيم رئيسي، ويبدو إنه مواظب على حرصه هذا خلال عهد مسعود بزشکيان، کما يتبين من التصريحات والمواقف الصادرة عنه.
في اجتماع مع قادة “حزب الله” اللبناني و”الجهاد الإسلامي” و”ميليشيا) “الحوثيين” في اليمن، أعلن الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، دعمه الكامل لهم.
وكتبت “وكالة فيلق القدس للأنباء”، في لقاء مع (الشيخ) نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني، قال بزشكيان: “دعم جبهة المقاومة واجب ديني وأحد السياسات الأساسية للجمهورية الإسلامية”.
وفي اجتماع مع زياد نخالة، الأمين العام لـ”الجهاد الإسلامي”، قال بزشكيان، “موقف إيران الداعم للقدس لن يتغير مع تغيير الحكومات”.
وفي لقاء مع المتحدث باسم “الحوثيين” في اليمن، قال رئيس النظام: “إن إجراءات اليمن الداعمة لفلسطين، مهمة وفعالة للغاية، وقد ضغطت بشكل واضح على النظام الصهيوني وداعميه. العلاقات والتعاون بيننا وبين اليمن سيستمر أقوى من ذي قبل.
وقد يتساءل البعض؛ ما هو سرّ هذا الترکيز على العلاقات مع البلدان المجاورة، وإيلائها أهمية إستثنائية منذ عهد رئيسي ولحد الان؟ هل إن ذلك يعني أن النظام الايراني قد تخلى عن تدخلاته، ولم يعد يسعى الى تصدير التطرف والارهاب الى هذه البلدان؟
مخطئ من يتصور بأن ترکيز النظام الايراني على تحسين العلاقات مع البلدان المجاورة يأتي من باب تخليه عن تدخلاته فيها أو على الاقل تخفيف ذلك ومراعاته، ولا سيما وإن ليس هناك من أية مٶشرات تدل بطريقة وأخرى على إنه قد بدأ يتخلّى عن ذلك أو حتى يخفف من تدخلاته في البلدان التي يهيمن عليها بنفوذه، بل إن تزايد هذا الاهتمام والترکيز عليه يأتي متزامنا مع سعي النظام من أجل ترسيخ هذه التدخلات، وتوسيع دائرتها وجعلها تخدم مشروع النظام ومخططاته في المنطقة.
هذا الترکيز قد جاء والنظام يعد العدة من أجل تحريك أذرعه في البلدان والمناطق الخاضعة لنفوذه، خصوصا، إذا ما أخذنا بنظر الاعتبارات إن أهم وأخطر الحروب والمواجهات التي أثارها النظام الايراني، قد حدثت خلال عهد إبراهيم رئيسي، وبقدر ماکان هذا النظام يمدّ يدَ حسن النيّة والحرص على علاقات الجيرة وإستتباب الامن والاستقرار فإن يده الاخرى کانت تعمل على العکس والنقيض من ذلك.
ولعل الحرب التي إندلعت في غزة وما تبعها وتتداعى عنه من أحداث وتطورات، من الواضح جدا بأن الجميع لديهم رأي واضح بشأن الدور المشبوه للنظام الايراني وسعيه من أجل أن يدفع بالسياق والاتجاه العام للاحداث والتطورات في المنطقة، لتکون متفقة أو متناسبة مع دوره وتأثيره في المنطقة کي يتمکن في النتيجة أن يقوم بإستغلال وتوظيف ذلك لصالح مستقبله الذي صار يميل الى الضبابية والغموض، خصوصا بعد أن صار للعالم أجمع واضحا بأن الرفض الشعبي ضده يتعاظم يوما بعد يوم، وأن المعارضة الرئيسية والفعالة في البلاد والمتمثلة في “المجلس الوطني للمقاومة الايرانية”، بات يفرض نفسه على الساحة الايرانية کلاعب مهم لايمکن تجاهله.
ترکيز النظام الايراني على موضوع العلاقات مع البلدان المجاورة وإظهار حرصه الکامل عليها، أتى بعد تلك الضربة الموجعة جدا التي تلقاها النظام، بعد إنتفاضة 16 سبتمبر 2022، وبعد أن علم بعزم وتصميم الشعب الإيراني على مواجهته حتى إسقاطه، وأن النظام المعروف دائما بتعويله على العامل الخارجي في وقت إشتداد الرفض والمواجهة الشعبية ضده، فإنه خطط وخلال عهد رئيسي، ولغاية اليوم، ولا يزال من أجل أن يعمل کل ما بوسعه على إثارة أخطر الحروب، وأکثرها تأثيرا سلبيا على أمن وإستقرار المنطقة.