إقتصاد وتكنولوجيا

وداعاً للمحارق.. حلّ مشكلة النفايات.. صِفر طَمْر وصِفر حَرْق

تحقيق وحوار محمد حمود

//خاص المدارنت//… مع تكاثر الأزمات الاجتماعية في لبنان، واستيلاد بعضها البعض، وبروز الضعف والعجز الرسميّين عن مواكبة العصر، ومعالجة الكثير منها لأسباب معروفة وغير معروفة، تبقى أزمة النفايات من أبرز وأسوأ هذه الأزمات “المستعصية” بالشكل. لذلك ارتأينا أن نضع أمام المعنيين جدّياً في حلّ هذه المعضلة الكأداء، خطّة عمل عملية، قابلة للتحقيق بأسعار توفّر على الخزينة ملايين الدولارات، وربما مليارات الدولارات، وتؤمن فرص عمل جديدة، وتحافظ على بيئتنا الخلابة، وتجعل منها مثالاً لدول المنطقة، وتضع لبنان في مصاف أكبر الدول المتقدمة في هذا المضمار، بل ويكون السبّاق الى اعتماد التقنيات الحديثة في معالجة هذه الأزمة، شرط اتخاذ القرار الإيجابي المناسب في هذا السياق، بعيداً من المصالح الخاصّة أو النفعية، لهذا الطرف أو تلك الطائفة أو المنطقة.

وبناء عليه، التقينا رئيس “مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية” وائل ياسين، والذي كان قد أعلن وأكد سابقاً أن “المركز لديه رؤية ودراسة شاملة لحلّ مشكلة النفايات في لبنان، وتحويلها من مشكلة ترهق الدولة والبلديات وتستنزف مقدراتهم، الى مشروع منتج يعود بأرباح جيدة للدولة والمستثمرين على السواء، كما يؤمن آلاف فرص العمل للبنانيين”.

وأوضح أن “النفايات تنقسم الى عدة أنواع:

النفايات الصلبة المنزلية، النفايات الصناعية، النفايات الطبية، وغيرها. وبخصوص رؤيتنا فهي تعالج تقريبا كافة أنواع النفايات، وهي قائمة على عدة مراحل:

المرحلة الأولى: إدارة جمع وفرز النفايات بطريقتين، فرز مباشر في الأحياء والبلدات ويكون بطريقة الكترونية، عبر محطات تركب في هذه المناطق. (الصورة مرفقة). وبعد الفرز يتم نقل كل نوع من النفايات مباشرة الى محطات التصنيع المركزية.

والطريقة الثانية، تعتمد على انشاء مستوعبات حديثة تحت الارض، في الاحياء والبلدات (صورة مرفقة)، وهذه المستوعبات مقفلة بشكل مُحكم، يمنع التلاعب بالنفايات وانتشار التلوث. وبعد جمع النفايات في هذه المستوعبات، يتم نقلها بآليات مخصصة الى محطات الفرز ومعالجتها.

المرحلة الثانية: فرز النفايات ومعالجتها

إن النفايات التي لا يتم فرزها مباشرة في محطات الفرز الالكترونية، أو الفرز المباشر في المصدر، يتم نقلها الى محطات فرز ومعالجة، حيث تفرز لينتج عنها:

نفايات عضوية، يتم معالجتها عبر التسبيخ، ومن ثم تعريضها لحرارة مرتفعة وضغطها، قبل تحويلها الى أسمدة تتمتع بمستوى ومواصفات عالمية (صورة مرفقة).

عصارة النفايات، يتم تعريض النفايات لحرارة مرتفعة تؤدي الى عملية تبخير، يمكن استخدامها في إنتاج الطاقة الكهربائية لمحطات الفرز الكبرى، كما يمكن تحويل البخار المنتج الى مياه مُقطّرة، يتم نقلها الى خطوط انتاج لعبوات مضغوطة (صورة مرفقة)، يتم طرحها في الاسواق بأسعار ممتازة، كما يمكن إنتاج الأمصال الطبّية منها. وبهذه الطريقة نكون حوّلنا العصارة التي تسبّب التلوّث البيئي الى سلع تساعد في إنقاذ أرواح البشر.

نفايات غير قابلة للتدوير، يتم فرمها وخلطها بمواد اسمنتية بعد معالجتها حرارياً، وينتج عنها صناعة بلوك البناء وبلاط الارصفة، وبهذه الطريقة نكون قد توصلنا الى مرحلة صفر طمر.

النفايات غير عضوية، البلاستيك، الخشب، الزجاج، المعادن والبطاريات، النفايات الالكترونية، الكرتون والورق، إطارات السيارات..

المرحلة الثالثة: تصنيع المواد الناتجة عن النفايات غير العضوية

يتم انشاء مجموعة من المصانع، لانتاج سلع من المواد الناتجة عن عملية التدوير، وهذه المرحلة تحوِّل المواد المعاد تدويرها من مواد أولية يصعب تسويقها وطرحها في الأسواق للبيع، الى سلع مطلوبة في الأسواق العالمية، ولها مردود مادّي جيد، يمكن أن يغطي نفقات الجمع والفرز والمعالجة.

البلاستيك والخشب: يتم إنشاء مصنع لصناعة الأنابيب والعديد من المنتجات البلاستيكية، كما يتم إنشاء خط إنتاج مخصّص للأسقف المستعارة، والارضيات الخارجية والداخلية من مزيج البلاستيك والخشب (صور مرفقة).

المعادن والبطاريات: يتم إنشاء مصنع مركزي لفرز المعادن الناتجة عن محطات فرز النفايات، وتصنيفها، (نحاس، حديد، المنيوم، رصاص..)، ومن ثم يتم صهرها وتحويلها الى سبائك يتم استعمالها في الصناعات من جديد. وهذا يرفع من قيمة المنتج النهائي.

النفايات الالكترونية: يتم إنشاء خط انتاج مركزي، يستقبل كافة نفايات المواد الالكترونية من محطات الفرز الموزعة في المناطق، ويتم فرم وتصنيف المواد الناتجة ليتم إعادة استعمالها في الصناعات الالكترونية من جديد، أو بيعها كمواد أولية بأسعار مرتفعة.

الكرتون والورق: سبب وجود مصانع في لبنان للورق والكرتون، يسهل علينا تصريف ما ينتج من مصانع الفرز عبر بيعها للمصانع الموجودة حاليا في لبنان، وفي حال وجود فائض في الانتاج، يتم انشاء خط انتاج لذلك.

إطارات السيارات: يتم إنشاء مصنع لفرم الإطارت بكافة الأحجام، بطاقة انتاجية مناسبة، ينتج عنها مواد معدنية يتم إرسالها الى خطّ إنتاج المعادن، وألياف يتم تصريفها عبر بيعها، والمواد المطاطية التي سيُصنع منها الاسفلت المخصّص للملاعب الرياضية، والبلاط المطاطي المخصّص للمدارس، وعوازل الأسقف، والأرضيات المخصّصة لمزارع البقر، ومنتجات أخرى، وهذه المنتجات لها رواج كبير في الأسواق المحلية والعالمية، وبأسعار مهمة (صورة مرفقة).

كما يمكن انتاج وقود النفط (نوع من الديزل)، من المطاط، في حال حاجة خطوط الإنتاج لذلك.

أما بخصوص النفايات الصناعية، فيجب إنشاء محطات لفرزها ومعالجتها في كل منطقة صناعية حدة، ويتم تحديد انواع النفايات حسب كل صناعة، وعلى المصانع المساهمة في تسديد بدلات كلفة معالجة هذه النفايات، وفق برنامج محدد بعد احتساب الكلفة.

وبخصوص النفايات الطبية، يتم توزيع مستوعبات خاصة للنفايات الطبية على العيادات والمستشفيات والمستوصفات، ومن ثم يتم جمعها ونقلها عبر آليات مخصّصة حديثة الى محطات

للمعالجة عبر التعقيم والحرق، في أفران مخصّصة لذلك، وعلى المؤسسات الطبية المساهمة في تغطية تكاليف معالجة هذه النفايات، وفق برنامج محدد، وذلك بعد احتساب الكلفة”.

وأكد ياسين، أن “اعتماد هذه الخطّة النموذجية العصرية تفي بالغرض، وتؤمن عدداً كبيرا من فرص العمل، وتدخل لبنان في قطاع الصناعة العصرية، والانتاج النظيف، من خلال التعامل مع النفايات كمواد أولية صالحة للاستخدام، باعتماد طرق علمية متطورة، تحوّل هذه المشكلة القائمة بشكلها الحالي، من عقدة غير قابلة للحلّ، الى مدخل طبيعي سهل ومرن الى قطاع الصناعات الخفيفة، التي تنافس الدول الكبرى في هذا المجال”.

وأشار الى أنه “يقترح تأمين الارض المطلوبة في كل المحافظات، لإنشاء محطات الفرز والمصانع، وبحسب معلوماتنا أن لبنان لديه بعض المصانع التي يمكن أن تدخل في خطة المعالجة، بعد إجراء بعض التعديلات التقنية عليها، ولبنان بحاجة الى إضافة خطوط فرز ومصانع لحوالي 7500 طن من النفايات يومياً في كل لبنان، بكلفة لا تزيد على 600 مليون دولار لكل لبنان. وتتضمن هذه الكلفة، محطات الفرز الالكترونية للأحياء والمستوعبات الحديثة، وآليات الجمع والنقل، والآلات الضرورية للمصانع، والبنية التحتية الصالحة لهكذا مصانع،

وفي الختام، لفت الى أن “الخطة تشمل بناء معهد أو جامعة متخصّصة في تدريب الكوادر والعمال الذين سيعملون في كافة اقسام ومراحل المشروع، وإذا تم اعتماد هذه الاقتراحات، نعتقد أننا نستحق ذلك، وأن يكون لبنان في مصاف الدول الكبرى المتقدمة، ونحن على ثقة بأن الأمر ليس تسلية أو مستحيلاً، وفي لبنان الكثير من المسؤولين الذي أخذوا على عاتقهم خدمة الناس من دون منّة، أو “تربيح جميلة”، ونحن نعوّل على هؤلاء المسؤولين. ونأمل في القريب العاجل أن يكون هناك أذان صاغية لدى المعنيين في اتخاذ القرار، ونحن على استعداد للتعاون التقني، وتأمين الشركات التي يمكن أن تنفذ هذا المشروع، بالإضافة الى المستثمرين الجادين، اللبنانيين والصينيين، وبذلك نكون أسهمنا في حلّ مشكلة كلنا يعلم انها سهلة، ولكن ينقصها القرار الجدّي، والإرادة الحقيقية الحرّة المتحرّرة من قيود التبعية والمصالح الفئوية الطائفية والمناطقية والشخصية”.

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى