ياسين: يمكن حلّ مشكلة النفايات في كل لبنان بأقل من 600 مليون دولار
خاص “المدارنت” *... لبنان الأخضر، أرضاً وشعباً وحكومة، غارق في الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والنفطية والاجتماعية والتربوية والقضائية والعمالية وبقبلها الأزمة الإنسانية… الخ. على خلفية إعداد وخلفية وتداعيات إقرار موازنة العام 2019، الذي بات نصفه من الماضي. ويبقى تأمين التيار الكهربائي 24/24 ومعالجة موضوع النفايات، من أبرز وأخطر المشكلات والعقد الكأداء، والتي يتم التعاطي معها وكأنها عصية على الحلّ أو المعالجة.
اللبنانيون وبلدياتهم المتفرقة، والمغلوب على أمر ولاتها، ضاعوا بين مطامر نفايات تلوث البيئة وتعمم الأمراض السرطانية في محيطها الجغرافي، وبين معامل إعادة التدوير التقليدية والمتخلفة عن مواكبة العصر، والمحارق العشوائية المنتشرة في غالبية القرى والمدن اللبنانية، والتي تهدد بدورها حيوات اللبنانيين والقاطنين في جوارها. في حين تتوفر إمكانية حلّ هذه المعضلة “المستعصية” و”العصية” على التجاوب مع العلاج، إذا توفرت الرغبة الحقيقية لدى القيمين رسمياً على هذا الملف، وخصوصاً وزارات الداخلية والبلديات والبيئة والصحة والأشغال والطاقة، وقبلها وزارة المالية، مصحوبة بقرار جدّي يدعو ويشدّد على ضرورة حلّ هذه المشكلة بشكل نهائي، ومن دون تردد أو تسويفات على الطريقة اللبنانية المعهودة.
المعمل من الخارج
حول هذا الموضوع بالتحديد، وإمكانية معالجته بطرق علمية متطورة نظيفة، والاستفادة منه في توليد الطاقة الكهربائية، وتأمين فرص العمل للآلاف من الشابات والشبان، وإيجاد بيئات نظيفة للبنانيين والقاطنين على السواء، التقى موقع “المدارنت” المدير العام لـ”مجموعة غرين سيدار للأعمال الدولية ومدير “مركز الشرق الأوسط للدراسات والتنمية” وائل خليل ياسين، خلال وجوده في بيروت في زيارة عمل سريعة، قبيل عودته الى مركز عمله في الصين، فقال ياسين:
“تتمتع الشركات الصينية بكل المزايا الضرورية والرئيسية لعملية معالجة النفايات، من دون حرق أو طمر، وذلك باستخدام التقنيات الحديثة الصديقة للبيئة. وتتميّز مصانع هذه الشركات المخصّصة للتعامل مع ملف النفايات بكل أنواعها، بالقدرة الفائقة على سرعة الانتاج، وهي قادرة على معالجة النفايات وتحويلها الى مواد غير ضارة خلال أربع ساعات فقط، وفي نفس اليوم الذي تبدأ فيه عملها،
المعمل من الداخل
وأكد أن “عملية المعالجة ليست ضارة، ولا تلوث الجوّ أو الطبيعة، لان المصانع محكمة الإغلاق، ولا يصدر عنها أيّ روائح كريهة، وهي تعالج كل المواد، ومنها المواد البلاستيكية من دون حرق، كما تعالج كافة المواد العضوية عبر تعريضها لحرارة مرتفة وعملية ضغط هائلة، الأمر الذي يساعد على التقليل من انتاج العصارة الناجمة عن هذه العملية، وتجعل وسط العمل عقيماً، وهي لا تخلّف وراءها ايّ نوع من البقايا، ولدى هذه المصانع القدرة على التكيّف والتعامل مع كل أنواع النفايات، الطبية والزراعية والحيوانية والصناعية، وما ألى ذلك”.
ولفت الى أن “هذه المصانع ليست بحاجة الى مساحات جغرافية كبيرة، وبالتالي، هي لا تحتاج الى مكبّ للنفايات، وبواسطة التقنيات الحديثة الفريدة، يمكن اعادة تدوير النفايات سابقة الفرز، من دون اللجوء الى الحرق أو الطمر، الأمر الذي يقلّل كمية الغازات الناتجة عن معاملة النفايات، وهذه التقنيات، تتيح الفرصة لفتح آفاق جديدة ومميزة وكبيرة، لاسواق السماد العضوي الايكولوجي الهام في الصناعة الخضراء”.
وتابع: “إن بعض ما يمكن انتاجه من النفايات، عدا الطاقة الكهربائية، المكعبات المربعة او المستطيلة المخصّصة للبناء، وهي متينة جداً وخفيفة الوزن، والمسطحات الخشبية أو البلاستيكة، وعبوان مختلفة الأحجام، والتي يمكن استخدامها في عدة معامل منتجة، مثل مواد التنظيف أو المياه الغازية أو المواد المخصصة للتجميل، وغير ذلك، كما يمكن الاستفادة من مواد أخرى في مجالات الزراعة أو الصناعة.
ولفت الى أن “استخدام هذه التقينات الحديثة المتطورة، أتاح للشركات المصنّعة والمنتجة للآلات المتطورة والحديثة، والتي تعالج مشكلة النفايات فرصة الحصول على براءة اختراع المعدات الأساسية بسرعة قياسية، وهذه أتت نتيجة طبيعية لعدد كبير من التجارب والخبرات، والتي دامت بدورها لسنوات متعددة، لذلك نؤكد لكم أن نسبة الفشل الذي “قد” ينجم عن عمل هذه المصانع تكون منخفضة جداً بالتأكيد، وهذه المصانع تشكل فرصة فريدة ومربحة لأيّ راغب في الاستثمار في هذا المضمار”.
بعض منتجات المصنع
وحول كلفة المصنع. أوضح ياسين أن “لبنان يفتقر الى طرق مواصلات سهلة، لذلك لا بدّ من وجود عدة مصانع متفرقة، وقد يخصّص لكل محافظة مصنعها الخاص، أو أكثر. بكلفة لا تتجاوز 6 ملايين دولار، والمصنع قادر على معالجة 25 طن من النفايات في الساعة، اي انه يعالج 240 طناً خلال 8 ساعات عمل. وهذا رقم قياسي”، موضحاً أن “كل قضاء بحاجة الى مصنع، أو أكثر، ما يعني أن الحاجة ملحة لعدة مصانع في كل منطقة، والكلفة التقديرية لكل المصانع في كل لبنان لا تتجاوز الـ600 مليون دولار، وهذه الكلفة لا تشمل مساحة الارض التي يحتاجها المصنع، وهي تشمل فقط كلفة بناء المصنع وتركيب المعدات والآلات الخاصة به”.
وفي الختام، وجهنا الشكر الجزيل الى الاستاذ ياسين؛ واكدنا له أن “الأمور تبقى مرتبطة في خواتيمها، وفي الإجابة على سؤال كبير وبسيط في وقت واحد، وهو: هل هناك قراراً جدّياً وحقيقياً ورغبةً وتوجّهاً وسعياً صادقاً، الى حلّ مشكلة النفايات؟ وتأمين التيار الكهربائي في لبنان؟ سؤال برسم المعنيين، الإمكانية متوفرة، والحلّ في عهدة الصادقين من هؤلاء المعنيين رسمياً في حلّ معضلة النفابات”.
* تحقيق وحوار محمد حمود.