عربي ودولي

“يديعوت أحرونوت” لدولة لم تستطع حماية أم وطفليها: عيشوا أوهامكم و”اعبدوا عجلكم الذهبي”!

الإرهابي الصهيوني بتسلئيل سموتريتش

“المدارنت”..
رغم أننا محاطون بقصص الفظائع منذ 7 أكتوبر، فإن التقرير عن أن شيلي بيباس وطفليهما لن يعودوا مع المخطوفين، يمزق القلب. في قصة بيباس الرهيبة كل عناصر المأساة: ابتداء من حقيقة أن عائلة شابة اختطفت دون ذنب اقترفته، عبر صورة الأم وهي تحمي طفليها في أثناء الاختطاف، وحتى الشائعات حول ما حصل لهم. حقيقة تحرير يردين من الأنفاق إلى الواقع لا تقل قسوة تحطم القلب.
في أثناء الفترة التي انقضت منذ 7 أكتوبر تمكنا من العودة إلى النزاع حول لجنة تحقيق، والموقف من قطر، والمسؤولية عن الحرب. لكن قصة عائلة بيباس تذكرنا بأننا بعد كل شيء نعيش في كابوس دائم لم نستوعب آثاره بعد.

القليل الذي يمكن عمله هو الإصرار على تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة وتحرير كل من يمكن تحريره. أولئك الذين يدعون، مثل سموتريتش، أن الحرص على عدم تكرار 7 أكتوبر أهم من المخطوفين، إنما يعرضون منطقاً مشوهاً: فنحن نريد منع 7 أكتوبر آخر كي لا تكون حالات اختطاف وقتل أخرى، فلماذا لا ننقذ المخطوفين الذين سبق أن اختطفوا؟
قصة علاقة مستشاري نتنياهو مع قطر تحتل اتجاهات مختلفة. في المستوى المتطرف، يمكن الإشارة إلى علاقات محظورة مع دولة وإن كان القانون لا تعرفها كعدو، لكن بمفاهيم عديدة، بما في ذلك استضافة حماس ودعمها، هي كذلك. في المستوى الأكثر اعتدالاً في القضية، تثور تساؤلات حول الأمن الميداني في مكتب نتنياهو.
أما في المستوى الأعلى، مثلما ادعى يعقوب بردوغو في القناة 14، فإن رئيس “الشاباك” ورئيس الموساد أيضاً اللذين شاهدا في إحدى زياراتهما هناك مباراة كرة قدم في المونديال، فهما مشبوهان بالاتصال مع دولة عدو. هذا على أي حال ادعاء سخيف، إذ إن هذا بالضبط هو دور “الشاباك” والموساد بأن يكونا على اتصال، ويشرفا أيضاً على دول ومنظمات هي بشكل رسمي معادية لإسرائيل.

لكن هناك مستوى إضافياً للقصة مع قطر، يرتبط بالتطورات التي طرأت على المجتمع الإسرائيلي في العقود الأخيرة والتي تؤدي إلى الطمع بمركز المنصة. فثمة افتراض بأن مستشاري نتنياهو الذين عملوا من أجل قطر، لم يروا أمام ناظريهم عدواً، بل عجل من ذهب.
إسرائيل، التي بنيت على قيم اشتراكية تبنت في العقود الأخيرة المنطق الليبرالي الجديد، الذي يرى في كل شيء “بضاعة”، يمكن تعريفها بتعابير الربح والخسارة، وشملت حتى القيم والمؤسسات. التعبير الأوضح عن هذا المنطق وقع في ذروة الاحتجاج ضد “الإصلاح القضائي”، حيث غضب نتنياهو على سياسة الجيش تجاه وقف التطوع لقسم من رجال الاحتياط. في غضبه قال عن الجيش إن “جيشاً يكلف الدولة 70 مليار شيكل في السنة لا يمكن ضربه”. هكذا جعل الجيش أيضاً الذي يعتبر مؤسسة مقدسة، منظمة اقتصادية بالإجمال.

إن حب المال وحلم الثراء جزء من تفسير لحقيقة أن نتنياهو يبعث على الإعجاب من جهة، وعلى النفور من جهة أخرى. لا يمكن الفصل بين محبة رئيس الوزراء وعائلته للفنادق الفاخرة والحياة الطيبة، وبين كلمات شعبية للخطاب الإسرائيلي من قبيل “رفع المستوى”، “التدبر”، “الخلطات” وما شابه. ولأن زعيم الدولة هو رئيس “الخالطين” فذلك يبعث على الفجوة بين محبيه وكارهيه. كلنا نحب النظر إلى المرآة ونغضب مما ينعكس منها على حد سواء؟
من الصواب أن نطلب من حماس ألا تحكم غزة، وكان ينبغي للأمر أن يطرح منذ بداية الحرب كي نجند العالم للهدف الشرعي، لكن من يصر على منع السلطة الفلسطينية من المشاركة في الحكم الجديد، لا يعرض حلاً بل شعارات خيالية، مثل تهديد ترامب “لفتح بوابات الجحيم”، ونقل مليوني غزي إلى مكان آخر.
الحقيقة المرة أنه لا يمكن لحل مستقر لغزة أن يتجاوز الشعب الذي نتنازع معه. لقد جرب نتنياهو دحر المسألة الفلسطينية إلى الزاوية حتى تفجرت في وجوهنا. الحكمة هي تقريب المعتدلين والمس بالمتطرفين. أما تجاهل الواقع فهو وصفة لكارثة مستقبلية أخرى.

المصدر: آفي شيلون/ “يديعوت أحرونوت” العبرية
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى