بدايات مقاومة شعبية سوريّة لـ”إسرائيل”؟
“المدارنت”..
بدأت “إسرائيل”، غزوا للأراضي السورية، أطلقت عليه اسم عملية “سهم باشان”، وذلك بعد ساعات فحسب من سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون أول الجاري، وجرى التمهيد له بزعم اجتياز “عناصر مسلّحة” المنطقة العازلة، وتبع ذلك إعلان تل أبيب إنهاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974، والتوغل داخل المنطقة العازلة والقنيطرة وجبل الشيخ، وكانت تلك المرة الأولى منذ 50 عاما التي تعبر فيها القوات الإسرائيلية السياج الحدودي السوري.|
ترافق التوغل البرّي مع شنّ مئات الغارات الإسرائيلية على مواقع عسكرية واستراتيجية سورية تضمنت مطارات ومستودعات أسلحة ومراكز أبحاث علمية ومنشآت دفاع جوي ومواقع استراتيجية أخرى في مجمل المحافظات السورية، وأنجزت إسرائيل، حسب تصريحات مسؤوليها، تدمير أكثر من 80% من أسلحة سوريا.
استغلّ بنيامين نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل، الظرف الذي تمرّ به سوريا، وعاجل إلى قطف الثمار السياسية للتوغّل والهجوم الإسرائيليين على سوريا، فظهر على قمة جبل الشيخ ليعلن بأن إسرائيل ستبقى في هذا الموقع الاستراتيجي الذي احتلته “لحين التوصل لترتيب مختلف”!
واجه أهالي المناطق التي توغّلت فيها إسرائيل، الغزو باحتجاجات شعبية عفوية، وكان آخر وقائع ذلك ما شهده ريف محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، أمس الأربعاء، حيث قام السوريون بالتظاهر ضد التوغلات والإجراءات الإسرائيلية فجوبهوا، مجددا، بإطلاق النيران عليهم، مما أسفر عن إصابات عديدة بينهم وأدى لارتفاع حالة التوتر بين الأهالي وقوات الاحتلال الإسرائيلي.
أدى إطلاق النار الأخير لإصابة سبعة متظاهرين بجروح في قرية السويسة، كما أصيب مدنيان آخران بالرصاص في بلدة الداوية الكبيرة، واستدعت قوة من جيش الاحتلال وجهاء بلدة جباتا الخشب لـ”عقد اجتماع” تحت التهديد طالبتهم فيه بتسليم الأسلحة الثقيلة التي يمتلكها السكان، وأوضحت لهم أن مسؤولية منع وصول عناصر السلطات السورية الجديدة إلى المنطقة تقع على عاتقهم.
يكرّر ما حصل في جباتا الخشب وقائع مشابهة في عدة قرى ومناطق في ريف القنيطرة ودرعا والجولان، منها مزرعة بيت جن، ومغر المير، والمقرز، وصيدا الجولان، ومنشية السويسة، وقصيبة، ونعيمية، وكودنة، وبريقة، وأم العظام، والعدنانية، ومرتفع شارة الحرمون.
يواجه النظام الجديد، الذي يتلمّس طريقه في سوريا، تحديات هائلة، وواضح أن الأولوية لديه، وللمنظومتين العربية والدولية، أن ينجح في تأمين استقرار وسلم أهليّ بشكل يوجّه رسائل طمأنة للسوريين أنفسهم، وكذلك لمحيطه العربي والإقليمي وللعالم، مما يسمح ببدء ورشة الإصلاح الاقتصادية والسياسية، وإخراج سوريا عن العقوبات الاقتصادية والسياسية التي ترزح تحتها.
كان طبيعيا، والحالة هذه، أن يسعى قائد الإدارة الجديدة، احمد الشرع، عبر إعلانه أن سوريا منهكة وليست في وارد الحرب مع الإسرائيليين، ولكن الطبيعي أيضا أن يسعى السوريون المتضررون بشكل مباشر من التوغّل الإسرائيلي إلى مقاومة ما يحصل بالطرق البسيطة المتوفرة لديهم من المقاومة عبر تنظيم احتجاجات وتظاهرات واعتصامات ورفض التعاون مع إسرائيل.
والطبيعي كذلك أن تطوّر هذه المقاومة السلمية أدواتها للتعاطي مع إسرائيل، فحكومتها المنتشية بقوّتها الضاربة، تواجه أشكالا عظيمة من المقاومة المتعددة المظاهر، القانونية، في محاكم الأمم المتحدة، كما الشعبية في فلسطين نفسها، وفي شوارع العالم وجامعاته ومؤسساته.