بعد لائحة اتهام غولان.. أولمرت: ما تقوم به “إسرائيل” في غزّة قريب جدًا من جريمة حرب!

“المدارنت”
غداة تأكيدات رئيس “حزب الديمقراطيين” في “إسرائيل”، الجنرال في الاحتياط، والنائب السابق لقائد الجيش، (الإرهابي الصهيوني) يائير غولان، أن “دولة عاقلة لا تقتل أطفالًا من أجل الهواية”، انضم إلى الانتقادات الحادة رئيس حكومتها الأسبق (الإرهابي الصهيوني) إيهود أولمرت، بقوله إن ما تفعله إسرائيل في غزة، قريب جدًا من جريمة حرب”!”.
في حديث لشبكة “بي بي سي”، أمس، أكّد أولمرت، وهو خصم بارز لنتنياهو شخصيًا، أن الحرب في غزة تُدار دون هدف، وفيها يُقتل آلاف الفلسطينيين الأبرياء، إلى جانب عدد كبير من الجنود.
تزامنًا مع الخطوات البريطانية والأوروبية المناهضة لإسرائيل، وتصاعد الضغوط الدولية عليها من أجل وقف الحرب، قال أولمرت إن الحرب المستمرة منذ 19 شهرًا، من دون احتمال تحقيق أي شيء يمكن أن يحافظ على حياة المخطوفين، وتابع: “الصورة الواضحة للحرب هي أن آلاف الفلسطينيين الأبرياء يُقتلون، علاوة على عدد كبير من الجنود، وهذا يثير الخواطر، ويستفز من كل زاوية نظر. نحن نقاتل قتلة من “حماس”، وليس ضد مدنيين أبرياء. وهذا ينبغي أن يكون واضحًا”.
وما تزال تصريحات غولان تثير عاصفة من ردود الفعل في إسرائيل، لكن هجمات أقطاب الائتلاف الحاكم والمعارضة على حد سواء، وحملاتهم الشديدة المتصاعدة عليه والدعوات لمحاكمته وتجريده من الدرجات العسكرية، لم تدفع غولان للتراجع عن موقفه، مكتفيًا بالتوضيح أنه يوجه انتقاداته المذكورة للمستوى السياسي، لا للجيش.
ردود الفعل العاصفة
لكن في الأوساط غير الرسمية وشبه الرسمية، الوضع مختلف، مقارنة مع ردود الفعل في الحلبة السياسية التي أجمعت ضد غولان، ففي افتتاحيتها؛ قالت صحيفة “هآرتس” العبرية، اليوم الأربعاء، إن غولان قال الحقيقة، وإن الطريق الوحيدة لحماية الحقيقة هي الانضمام لمن يجرؤ على قولها، والانضمام للاحتجاج على استمرار الحرب، والدعوة لوقفها ووقف المقتلة في غزة، وتحرير المخطوفين.
ويسخر كاريكاتير “هآرتس” من الهجمات على غولان، حيث يبدو نتنياهو في الرسم على كومة جثث نساء وأطفال في غزة، وهو يشير إلى غولان بإصبعه قائلًا: “أنت تشهّر بجنودنا”.
ويحمّل مراقبون إسرائيليون كُثر الحكومة مسؤولية العزلة التي تتورط فيها إسرائيل، حتى باتت تبدو كجنوب إفريقيا التاريخية، دولة مصابة بالجذام.
في هذا الإطار، يقول عوفر برونشطاين، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في مقال تنشره صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إن العالم يتقدّم، وإسرائيل عالقة وتراوح في المكان.
وترى المعلّقة السياسية البارزة في الصحيفة، ميراف بطيطو، تحت عنوان “ملزمون بفتح موضوع غزة”، أن مقولة غولان، مهما كانت مرعبة وعديمة الخجل، لكنها لا تغيّر الواقع المرّ الذي نخسر فيه من موت الأطفال الغزيين.
وترى أيضًا أن من يرفض المقولة، ويجادل حول العدد الحقيقي للأطفال القتلى، ويعاند على القول إن عدد الضحايا الأطفال هو بالمئات لا بالآلاف، “هو ليس يمينيًا بل مدمن على الموت كحل لنزاع إقليمي”.
في المقابل، تحمل زميلتها في ذات الصحيفة، أرئيلا رينغل هوفمان، على غولان وتدعوه للخجل من نفسه لأنه صبّ الماء على طاحونة “حماس” في العالم، وتساءلت بسخرية: “هل لديك مرآة يا غولان؟”، وتتابع: “لم يخرج غولان ضد جمهوره، ولم يطرح الحقيقة في وجهنا ونحن نهرب منها… بل هو يقوم بتلويث لغة الخطاب بيننا”.
إلى جانب ذلك، تستذكر بعض الأوساط غير الرسمية مقولة النائب الصهيوني المتطرف سوكوت، الذي فضح، يوم السبت، ما تقوم به إسرائيل، معترفًا بصوته وصورته حينما قال للقناة 12 العبرية: “إنه بالإمكان قتل 100 طفل فلسطيني في غزة والعالم لا يكترث”، داعيًا للاستمرار.
لماذا الصحوة الأوروبية الآن؟
ويبدو أن مثل هذه التصريحات الفاضحة المتتالية قد أحرجت دول الغرب التي صمتت على حرب الإبادة، أو اكتفت بانتقادات ملطفة، فاضطرت الآن، ومتأخرًا، أمام مشاهد المجاعة والمقتلة التي وصلت الى كل العالم.
وهناك أسباب إسرائيلية أخرى دفعت الدول الغربية للتحرك ضد الحرب، ترتبط بانتقادات المسؤولين الإسرائيليين السابقين أو الحاليين، أمثال غولان وأولمرت وموشيه يعلون وعامي أيالون، وغيرهم ممن قالوا إن إسرائيل، بشكل أو بآخر، تقترف جرائم حرب في غزة.
يُضاف لذلك الضغوط في الرأي العام الأوروبي، وبالتالي الاعتبارات السياسية المحلية التي تدفع الحكومات لاتخاذ موقف، خاصة أن منتديات التواصل الاجتماعي تضخ بحرية مشاهد المقتلة في غزة، دون حجب للحقائق أو تزويرها، بخلاف وسائل إعلام تقليدية كثيرة.
ماذا مع ترامب؟
ويبقى السؤال: هل تنتهي الضغوط الغربية على إسرائيل مع إدخال مساعدات إنسانية لتستمر الحرب، مع العلم أن هذه المساعدات تدخل بالقطارة ولا تصل للغزيين، كما يؤكد تقرير للأمم المتحدة أمس؟
أم أن هذه بداية الانتقادات وليست ذروتها، وأن صمت الولايات المتحدة عليها حتى الآن يشي بأن الإدارة الأمريكية موافقة على هذه الضغوط ضد إسرائيل، وربما تُقدِم على اتخاذ موقف إستراتيجي لإجبار نتنياهو على وقف الحرب في غضون أيام؟
ويبدو أن موقف ترامب في هذا الصدد ما زال متأثرًا جدًا بما سمعه ويسمعه الآن من الدول العربية المعنية داخل الغرف الموصدة، وفي هذا المضمار تكشف صحيفة “هآرتس” اليوم أن دولًا خليجية تمارس ضغوطًا على ترامب لطرح تصوّر لوقف الحرب.|
وتتابع “هآرتس”، التي تورد ذلك ضمن عنوانها الرئيس اليوم: “في اليومين القريبين سيضطر الرئيس الأمريكي ويده اليمنى، ستيف ويتكوف، لاتخاذ قرار إستراتيجي: هل يواجه نتنياهو علانية ويفرض عليه إنهاء الحرب، أم يُمكّن سموتريتش من تطبيق خطته بالتدمير والتهجير؟”.
وذلك في ظل مفاوضات عالقة في الدوحة، ومواقف الطرفين لم تتغير؛ فـ “حماس” تريد صفقة واحدة تنهي الحرب وانسحاب الاحتلال من القطاع، بينما تريد إسرائيل صفقة جزئية ومواصلة الحرب.
بين هذا وذاك، تُعرب أوساط متزايدة في إسرائيل عن قلقها من “أثر الدومينو”، ومن تفاقم الضغط الخارجي المتزايد، ويذهب بعض المراقبين الإسرائيليين أيضًا للقول بسخرية إننا على بعد خطوة من “تسونامي سياسي”، فيما تراكم الحكومة إخفاقاتها، مقابل نجاح الفلسطينيين في العالم.
وهذا ما يرمز له كاريكاتير “يديعوت أحرونوت” المعنون بـ “تسونامي سياسي”، وتبدو فيه موجات عملاقة في اندفاعة نحو الساحل، والوزراء يتلهّون على الرمال بألعاب حرب.
وتأتي انتقادات أولمرت لشبكة “بي بي سي” البريطانية، فيما أعلنت بريطانيا عن وقف المفاوضات مع إسرائيل حول اتفاق تجارة حرّة جديد معها، واستدعت السفيرة الإسرائيلية، في لندن، تسيبي حوطوفيلي، لمحادثة توبيخ، وفرضت عقوبات على مستوطنين.
في التزامن، قالت بريطانيا ودول أوروبية كفرنسا إنها تتجه للاعتراف بدولة فلسطينية.