ترامب والقضية الفلسطينية.. تصريحات تعيد أزمات النكبة إلى الواجهة!
“المدارنت”..
لم يمض على تسلم الرئيس (الأميركي) دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية سوى أيام معدودة، لكنها حفلت بقرارات ومواقف خطيرة وعدائية ضد الشعب الفلسطيني، وكان الأخطر بينها اقتراح نقل مليون ونصف المليون فلسطيني من قطاع غزة إلى الأردن ومصر.
فعلى متن طائرة «إير فورس» قال الرئيس الأميركي لصحافيين إن القطاع بات «مكانا هدم بالكامل» كاشفا عن أنه ناقش الوضع مع العاهل الأردني عبدالله الثاني وسيثير المسألة مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي.
وكرر «أود أن تستقبل مصر أشخاصا. أود أن يستقبل الأردن أشخاصا».
وتابع «نتحدث على الأرجح عن مليون ونصف مليون شخص. ونحن بكل بساطة ننظف المنطقة بالكامل. كما تعلمون، على مر القرون، شهدت هذه المنطقة نزاعات عديدة. لا أعرف ولكن يجب أن يحصل أمر ما».
وصرح ترامب «أفضّل التواصل مع عدد من الدول العربية وبناء مساكن في مكان مختلف حيث قد يكون بإمكانهم العيش بسلام» مشيرا إلى أن الإجراء قد يكون طويل الأمد أو مؤقتا، لحين يتم إعادة بناء المنطقة التي تم تدميرها.
تصريح ترامب حول تهجير الفلسطينيين لاقى ترحيبا كبيرا من اليمين الإسرائيلي المتطرف، حيث تعهد وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، بالعمل مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أجل تنفيذ خطة ترامب.
وكتب سموتريتش في منشور له على منصة «إكس» قائلا «إن السياسيين ظلوا لأعوام يطرحون مقترحات غير عملية، مثل إقامة دولة فلسطينية، وهو ما من شأنه أن يعرض وجود إسرائيل وأمنها للخطر. إن التفكير غير التقليدي» فقط في النهج الجديد يمكن أن يجلب السلام والأمن».
تزامن تصريح ترامب السبت، عن التطهير في غزة مع تعليمات وجهها للبنتاغون بالإفراج عن شحنة قنابل بزنة ألفي رطل لإسرائيل سبق أن جمّد تسليمها الرئيس الديمقراطي جو بايدن العام الماضي على اعتبار أنها قد تخلّف «مأساة بشرية كبيرة».
من غير المستبعد أن يعتقد ترامب أن هذه الأسلحة قد تكون الوسيلة التي سيعتمدها مع نتنياهو لإجبار الفلسطينيين على الفرار، خاصة أنها ترافقت أيضا مع قرار خطير آخر هو تعليق المساعدات الخارجية لمدة 90 يوما واستثنيت منها إسرائيل ومصر ولم يستثن منها الأردن، ومن غير المستبعد أن تكون هذه وسيلة ضغط على الدول العربية.
طبعا، لا أحد يصدق كلام ترامب عن إمكانية أن يكون هذا «التطهير» كما وصفه مؤقتا، فاللاجئون الفلسطينيون تعلموا من هجرتهم الأولى، حين أُجبروا على الفرار عام 1948، حاملين مفاتيح بيوتهم، معتقدين أنها لن تستغرق سوى أيام قليلة يعودون بعدها لأرضهم وبيوتهم، وهذه الأيام طالت وامتدت لأكثر من 76 عاما أو ما يعادل الـ30 ألفا و650 يوما، لكنها لم تنجح بإجبار الفلسطينيين على التخلي عن أرضهم وهويتهم. وقد آن الأوان لأن يتعلم العالم أن هذا الشعب لا يقبل بديلا عن وطنه، وسيتصدى لمحاولات تصفية قضيته مهما كلفه الأمر.
ورغم أنه لا إمكانية في الواقع لتطبيق هذا الاقتراح، لكن لا بد للفلسطينيين من أن ينحّوا خلافاتهم ليتمكنوا من مواجهة التحديات الخطيرة بأقل الخسائر.
هذه التحديات الخطيرة لا تستهدف الشعب الفلسطيني فحسب، لكنها تشكل خطرا على المنطقة بأسرها، وعلى الدول العربية خاصة مصر والأردن إلى جانب السلطة الفلسطينية تبني موقف ثابت وقوي والدعوة لاجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث هذا التهديد الأمريكي، وإعلان رفض قاطع لمثل هذه الاقتراحات التي تستخف بحقوق الشعوب الثابتة بالحرية وتقرير المصير.