مقالات

“دولة غولان الراشدة” تقتل الجَنين الفلسطيني أيضاً!

“المدارنت”
جديرة بأن تتحول إلى «كشكول» يحتوي على أقذع ما يتبادله ساسة دولة الاحتلال الإسرائيلي من شتائم ضدّ بعضهم البعض عموماً، والأحطّ انحداراً نحو معاجم العداء للسامية إذا كان الأمر يتناول هذا أو ذاك من ملفات مسكوت عنها خصوصاً. هذه هي الحال اليوم مع يائير غولان، الذي يتزعم حزب «الديمقراطيين»، «ميرتس» سابقاً، ويحدث أيضاً أنه جنرال في الاحتياط، ونائب قائد جيش الاحتلال سابقاً.

صحيح بالطبع أن تصريحاته الأخيرة كانت أشبه باقتحام عشّ للدبابير يستوطنه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وأطراف ائتلاف حاكم هو الأشد يمينية وتطرفاً قومياً وعنصرية وفاشية على امتداد تاريخ الكيان، وسبق أن استوطنه ساسة إسرائيليون يزعمون اليوم تصدّر «المعارضة». ما لا يقل صحة في المقابل أن قسطاً غير ضئيل من فحوى تصريحات غولان يتردد اليوم على نحو أو آخر في تصريحات ساسة غربيين، ابتداء من فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وليس انتهاء عند كندا والنرويج وإيسلندا.
«الدولة الراشدة» لا يصحّ في نظر غولان أن تدير حرباً ضد مدنيين، ولا تقتل رضّعاً على سبيل الهواية، ولا تتعمد تهجير السكان. إلى هذا وذاك، حكومة نتنياهو «تعجّ بأشخاص لا يجمعهم باليهودية إلا القليل، حافلة بأشخاص ذوي نزعات انتقامية، لا أخلاق عندهم، ولا قدرة على إدارة دولة في زمن الطوارئ، وهذا خطر على وجودنا».
لكنه يتغافل عن حقيقة كبرى ساطعة تشير إلى أن تلك الدولة الإرهابية قاتلة الطفل والرضيع والجنين الفلسطيني، هي أولاً وآخراً دولة غولان نفسه، لأنه ببساطة إليها ينتمي، وفي صفوف جيشها خدم وبلغ أعلى المراتب، وضمن مشهدها السياسي يتزعم اليوم «واجهة» أحزابها ذات الصبغة اليسارية. وإذا كان قد انتقد رئيس حكومة هذه الدولة، كما سبق له أن عقد مقارنات بين جيشها والنازية، فإنه يصعب أن يتجاسر على الزعم بطهارة يديه من دماء فلسطينيين مدنيين لا عدّ لهم ولا حصر.
ولعل التوبيخ الأقسى لغة والأغبى دلالة أتى من نتنياهو نفسه حين اتهم الجنرال الاحتياط، اليهودي كابراً عن كابر، بأنه يمارس فرية الدم الشهيرة تجاه «أبطال» جيش الاحتلال، موحياً بان اتهامهم بقتل الأطفال عن سابق هواية شبيه بما اتُهم به اليهود من خطف للأطفال المسيحيين لاستخدام دمائهم في عجن خبز خاصّ بالطقوس الدينية. وليست تلك المخيّلة المريضة غريبة عن نتنياهو، وأقرب أمثلتها كانت استعادة العماليق في حثّ الجيش الإسرائيلي على القتال وارتكاب جرائم الحرب.
ردود «المعارضة» حضرت بدورها، فاعتبر يائير لبيد أن تصريحات غولان «غلطة» وتشكل «هدية لأعدائنا»، وطالب بيني غانتس باعتذار غولان عن «كلام متطرف وكاذب» وأقوال « تعرّض حرية أبطالنا للخطر أمام العدالة الدولية». ولم يكن عجيباً أن يلتحق صاحب العلاقة نفسه بالجوقة، فيسارع إلى حصر أقواله بالحكومة وحدها، وبالوزيرين بن غفير وسموترش، داعياً إلى وقفة دفاع عن «قيمنا كدولة صهيونية، يهودية، ديمقراطية».
وكان غولان سيُسمع لو نادى على غير مجرمي الحرب وساسة الإبادة الجماعية.

رأي “القدس العربي” اليوم
المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى