قتيلان في الجبل عقب احتجاجات على زيارة باسيل الى المنطقة
* الصورة لأحد مرافقي الغريب
لم تمرّ عطلة آخر يوم أحد في شهر حزيران الماضي على خير، فقد أمضى اللبنانيون يومهم من بعد ظهر هذا اليوم ولغاية منتصف الليل، وهم في حالة ترقب وحذر وخوف، تنذر بما لا تُحمد عقباه، بعد الإشكال الأمني الخطير الذي رافق الاحتجاجات على زيارة رئيس “التيار الوطني الحرّ” وزير الخارجية جبران باسيل الى منطقة الجبل، وتطورت الأمور بسرعة، عقب احتكاك حصل في أثناء مرور وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب بين بلدتي قبر شمون والبساتين، تبعه تبادل إطلاق نار، أدى إلى إصابة ثلاثة من مرافقي الغريب هم سامر أبي فراج ورامي سلمان وكريم الغريب. كما أصيب سامر غصن. وأعلن لاحقا عن وفاة أبي فراج وسلمان جراء الجروح التي تعرضا لها خلال الحادثة المشؤومة.
من جهته، دعا الرئيس ميشال عون “المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع، يعقد في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم الاثنين في قصر بعبدا”.
وأجرى سلسلة اتصالات لمعالجة الوضع الامني الذي اضطرب في منطقة عاليه، طالبا من “الجيش والاجهزة الامنية اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبط الوضع”.
وفي التفاصيل، تبيّن أنه خلال محاولة موكب الغريب المرور من قرب صيدلية الحسام، بين بلدتي قبر شمون والبساتين، خلال الاحتجاجات على زيارة الوزير باسيل، حصل احتكاك تبعه إطلاق نار، أدى إلى إصابة مرافقي الغريب هم سامر أبي فراج ورامي سلمان وكريم الغريب. كما أصيب سامر غصن.
ونقل الصليب الأحمر أبي فراج وسلمان إلى مستشفى الشحار الحكومي في قبر شمون، فيما نقل كريم الغريب إلى مستشفى الرسول الأعظم، وسامر غصن إلى مستشفى قلب يسوع. ولاحقا توفي كل من أبي فراج وسلمان جراء إصابتهما بجروح بليغة.
الصورة: بداية الإشكال في كفرمتى
الشيخ حسن
ولفت شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، في بيان، الى أنه “أمام ما يجري من محاولات زرع الفتنة وتفريق الصفوف، نؤكد الدعوة والنداء إلى أبناء طائفة الموحدين الدروز المعروفيين الأحرار الى الهدوء، وعدم السماح بتحقيق أهداف المغرضين والمتربصين”، مضيفا “يا أبناء الشحار الغربي الشجعان، انتم الأمناء على الدم والتضحيات والكرامة، حذارِ من فتنة الدم، حذار من الذهاب نحو المجهول. لكم التاريخ وانتم تصنعون المستقبل، فليكن صوت العقل والحكمة والوعي هو المقياس، ولنعمل معاً على وأد الفتنة. لعن الله من يوقظها”.
كما أعلن مكتب الإعلام في مشيخة العقل أن “الشيخ حسن تابع عن كثب، الأوضاع الناجمة عما جرى في منطقة الشحار الغربي في قضاء عاليه. وأجرى سلسلة اتصالات بالرؤساء الثلاثة (ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري) والقيادات العسكرية والأمنية، طالبا إجراء تحقيق شفاف في ما حصل، وتبيان الأمور على حقيقتها، حقنا للدماء. وشدد على ضرورة نبذ خطابات التفرقة والفتنة، والعمل بنهج العقل والحكمة، والحرص على الاستقرار في الجبل، الذي دفع أثمانا باهظة، للخروج من مآسي الحرب والاقتتال”.
الوزيرة الحسن
بدورها، قالت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن في مداخلة مع تلفزيون “أل بي سي”: “رحم الله الذين سقطوا في الجبل، وكان بامكاننا تجنب الدم، لقد بدأت الأجهزة الأمنية تحقيقاتها وتجميع المعلومات حول الموضوع لتبيان الأمر، وغدا هناك اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع لبحث التطورات، وان شاء الله تكون التحقيقات قد انتهت ولكل حادث حديث، المهم تهدئة النفوس من قبل الجهات المعنية والايعاز لمناصريها بضرورة التهدئة”.
وعن دور الأجهزة الأمنية قالت الحسن: “إن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان يقوم بالاتصالات اللازمة مع المعنيين، لفتح الطرقات التي يجب ان تفتح، وان شاء الله تكون الأوضاع أحسن”.
سئلت: هل هناك استنفار أمني؟.
أجابت: “سيكون هناك تواجد أمني أكثر لأن الحالة مشحونة، ومن الضروري ان يكون هناك تفاعل أمني أكثر”.
وعمّا إذا الاشكال سيؤدي إلى مزيد من التشنج على المستويات كافة؟.
أوضحت أن “مثل هذه الاحداث لا تحسن من صورة لبنان، خصوصا وأننا عل مشارف صيف واعد، يجب تجنب أحداث من هذا النوع لاستقطاب السياح، المهم تخطي هذه المرحلة لاستقبال صيف أحسن”.
الغريب
من جهته، ترحم الوزير الغريب في حديث الى تلفزيون “الجديد”، على “مرافقيه أبي فرج وسلمان”، مؤكدا أنهما “سقطا في المكان الخطأ وعلى يد الناس الخطأ، لكن يبدو ان هناك قرارا بتفجير الوضع في الجبل بغية بعض الحسابات السياسية الضيقة”، مضيفا “ارحموا هذا الجبل مما عاناه، وبدلا من الاستفزازات الداخلية وقطع الطرقات وكل هذه المناكفات السياسية، المطلوب هو انماء هذا الجبل. للاسف الشديد يبدو ان للبعض أجندة مختلفة، ونحن نعتبر ان كل شهيد يسقط في هذا الجبل هو شهيدنا مهما كان انتماؤه، لان هذا الدم غال وعزيز علينا، نحن جربناه ودفعنا ثمن وحدة الجبل من عشرات السنين، فكفى متاجرة بهذه المنطقة”.
“التقدمي الاشتراكي”
وأوضحت وكالة داخلية الغرب في “الحزب التقدمي الإشتراكي” في بيان، أنه “أثناء الاحتجاج الشعبي في منطقة الشحار الغربي على زيارة رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، مع ما حملت من استفزاز لمشاعر الناس، خرج موكب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب من منزله في كفرمتى، ولدى وصوله إلى مدخل بلدة عبيه، حيث كان المحتجون قد قطعوا الطريق بالإطارات المشتعلة، أقدم مرافقو الوزير الغريب على اطلاق النار على المحتجين، على الرغم من محاولات هؤلاء لفتح الطريق وإزالة العوائق عنها. وبعد وصوله إلى بلدة شملان حيث تبلغ الوزير الغريب الغاء زيارة باسيل الى بلدة كفرمتى، سلك طريقا فرعية وصولا الى بلدة البساتين، حيث عاود مرافقوه إلى اطلاق النار باتجاه المحتجين عشوائيا، وتابع موكبه الطريق صعودا باتجاه ساحة قبرشمون، وهناك ترجل مرافقان للوزير الغريب وعمدا إلى اطلاق النار باتجاه المحتجين بشكل عشوائي، مما أدى إلى إصابة شاب من بين المحتجين، فرد بعض من كان يحمل سلاحا باتجاه مصدر النار دفاعا عن النفس، فسقط مرافقان للوزير الغريب، وهذا امر موثق بفيديوهات بات بحوزة المراجع الأمنية”.
وتابعت الوكالة: “إننا نضع كل المعطيات الموجودة بحوزتنا بتصرف القضاء والقوى الأمنية”، مؤكدة أن “ما جرى يتحمل مسؤوليته من وتّر الأجواء واستفز الناس ونبش قبور الحرب، ومن كان ينتظر زيارة، فكانت ردة فعله بالاعتداء على الناس، الذين عبروا سلميا عن رفضهم لزيارة الوزير باسيل إلى منطقتهم”.
أرسلان
وأشار رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان في حديث تلفزيوني، الى أنه “لا يريد الآن أن يرد على أحد، هناك شهيدان سقطا، ولا نعلم ما هو وضع الجريح الثالث، ونحن نجمع المعطيات، وأدعو إلى وقف المزايدات، ووقف أكل الهوا من فلان وفليتان، والمرجلة من وليد جنبلاط وأكرم شهيب وغيرهم، فالجبل لم يعد يحتمل على الإطلاق، وغدا سنعقد مؤتمرا صحافيا، سنذكر فيه كل التفاصيل من حادثة الشويفات إلى حادثة اليوم، كلها مبرمجة والجميع يتحمل مسؤوليته”.
وتابع: “لن نسكت، والجبل ليس ساحة مفتوحة وسائبة لكل من يريد تنفيذ مخططه، فسلم الجبل هو الأساس، وهو أكبر منا جميعا، ومن يتحدث عن البوابات، فمع احترامي لكل البوابات، لا أرى أكبر من بوابة خلدة، لا عند الدروز ولا عند غيرهم”.
“الوطني الحرّ”
من جهته، أشار المكتب الاعلامي لـ”التيار الوطني الحرّ” في بيان، الى أنه “بعد ما كان رئيس التيار الوزير باسيل قد ألغى الزيارة الى بلدة كفرمتى، وذلك تفاديا لأي اشكال أمني بدت بوادر حدوثه بين القوى الأمنية وعناصر الحزب التقدمي الاشتراكي، الذين عمدوا الى قطع الطرقات وحرق الدواليب والقيام بأعمال امنية مشبوهة منذ يومين على التوالي، تؤشر الى نية امنية مريبة، وقع المحظور فعلا وحصل اطلاق نار على موكب الوزير الغريب، ما أدى الى سقوط قتلى”.
وحمّل رئيس “حزب التوحيد العربي” وئام وهاب، “رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط مسؤولية ما حصل، ومسؤولية الدم الذي وقع”، متمنيا “لو كان أعقل في الملف السياسي”، معتبرا أن “ما حصل كان محاولة لاغتيال الوزير الغريب، ومحاولة اغتيال وزير بالدولة اللبنانية لا تتم من دون أوامر عليا، حيث كان هناك كمين مسبق الإعداد”، مضيفا “المهم أن يتحرك القضاء ويذهب باتجاه القاتل الحقيقي”، معتبرا أن “المسؤول هو من حرض منذ أسابيع، ومن أعطى أوامر بقطع الطرقات، وأن هناك مسؤولية لا بد من أن تحدد، والتحريض الذي مورس هو ما أدى الى ما حصل”، لافتا الى أن “الجميع يعمل من أجل التهدئة، وارسلان يعالج الموضوع في كل المناطق، لأن المسألة باتت خارجة عن السيطرة الآن”، مشيرا الى أن “لا تواصل بين ارسلان وجنبلاط، وأن المير (أرسلان) هو في موقع المعتدى عليه”.