حسن في رسالة رمضان: الإصلاح فوق كواليس السياسة
وقال في رسالة وجهها لمناسبة حلول شهر رمضان المبارك: “ليس من قبيل الأمر العارض أن تلي آية النزول من سورة البقرة، أي الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، الآية الكريمة وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون. فالصيام تهذيب للجسم أي للجوارح وأعمالها التي لا بد أنها في الوقت عينه تهذيب للقلب ليكون حاضرا في الحق على مقدار همة الصائم وعزمه واشتياقه إلى الاستئناس بالوجود الملآن بألطافه ونعمه ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم، حينئذ يستحضر دعاء الطائع القرب، وتستدعي الاستجابة الإجابة، ويحقق الإيمان الصادق بالأعمال والعبادات الرشد، أي الإدراك والاستقامة وسداد العقل في تدبير حياة السالك برمتها”.
أضاف: “إن إيماننا راسخ وثابت في أن الدنيا بكل شؤونها وشجونها وبهارجها وزينتها لا يمكن أن تقف حائلا دون تحقيق مقاصد الدعوة إلى القيام والصيام وبذل الخير والإحسان والمبادرة في ما توجبه المروءة والشهامة والأخلاق الحميدة والآداب السامية من الدين الحنيف، فإذا باتت الدنيا، لا قدر الله، حائلا دون هذا، فإن الخطأ حتما هو في النفوس وفي الضمائر وفي مكنونات الصدور. ولا بد من تدارك الأخطاء، وهو من سمات العقل والفلاح للمرء الصادق المتزن، لا سيما إن كان في موقع المسؤولية التي يـزيد من خطورتها إن كانت في مندرجات العلاقة بمصالح الناس وشؤون عيشهم وأرزاقهم. إن السوق الإعلامية فائضة بالأحاديث عن مكامن الفساد في البلد، وعن الإهمال الغاشم الذي أصاب محاولات النهوض بالدولة وإداراتها وحركة تشغيل مؤسساتها في شتى المجالات. إنها فضائح بكل ما في الكلمة من معان. ولقد تنامى إلى الأسماع أقوال بعض العقول الاقتصادية في مؤتمر سيدر تحميل اللبنانيين أنفسهم مسؤولية تراكم الدين فوق أكتاف الأجيال القادمة. إن معظم الفرقاء في البلد متواجدون في كراسي الحكم، ونتفهم وعي معظمهم للحالة الدقيقة الخطيرة التي ينكمش فيها الاقتصاد القومي، ولكن ما لا نفهمه هو عدم مقاربة المواقف الى حلول جذرية بعيدة عن عوامل الخلاف والتنافر”.
وتابع: “إننا نذكر في مستهل الأيام المباركة بالتقوى، داعين إلى المضي قدما بروح حمل عبء اجتراح الحلول بأكبر قدر من تحقق روح المسؤولية الجماعية. ونحذر من أن المشكلة الكبرى مع الكثير من الفئات الشعبية هي الثقة. المطلوب من ممثلي الشعب بذل أقصى الجهود، والعمل بإصرار على الخروج برؤى قويمة علمية واضحة سديدة لإعادة إعمار الثقة. والثقة يلزمها التصديق بأن برنامج الإصلاح هو بمستوى التصدي لكل المخاوف والعثرات. العنوان اليوم هو الموازنة المعبرة عن مسار الدولة تجاه شعبها وتجاه الدول الداعمة والمجتمع الدولي. لكن طريق الإصلاح هو متشعب وطويل ويلزمه أولا الشعور بالمسؤولية الذي يرقى فوق كواليس السياسة وشبهات الارتباطات البعيدة عن المصالح الوطنية الحقيقية. ولا شك بأن استعادة الثقة، والولوج العملي إلى خطوات إصلاحية حقيقية، وتقديم البرهان بالعمل الجدي الذي يرقى إلى مستوى مجابهة الأخطار، من شأنه أن يجدد عافية بلدنا العزيز”.
وختم حسن: “نسأل الله تعالى بحق ما أنزل في هذا الشهر الفضيل أن يمن علينا بعونه وتوفيقه، وأن يشد من أزر شعوب أمتنا لاستعادة سلامها واستقرارها وعزتها، وأن ينصر المناضلين في القدس وفي فلسطين العزيزة على الطغاة الظالمين، بل الله مولاكم وهو خير الناصرين.