… انه محمد خليفة، توأم الفكر والروح والسياسة والصحافة، الذي انتزعه الموت بالكورونا من حياتنا المشتركة منذ اربعين سنة، ليترك في كل ما يمثل الفراغ الذي نترك لله بالقدر ان يعوض غيابه انه الوهاب الرحمان الرحيم.
ابو خالد الحبيب… بعد الآن لن اتمكن من مناداة احد بما اناديك به الآن ايها الحبيب بكل ما تحمله هذه الكلمة من عمق
انها الصدق ايها الصديق ويشهد الله، اني ما سمعت منك يوماً الا الصدق وانت الطفل البرىء وانت المفكر العميق، وانت الانسان المهذب الخلوق الخجول الشجاع الملتزم، صاحب الاخلاق العالية النادرة
ابو خالد ما هذا الذي فعلته؟ كيف تركت كورونا يهاجمك ويهزمك، وانت ما تراجعت لحظة امام جراثيم آل الاسد؟ واذا كنت سأخبرك بأن ميشال كيلو هزم امامها قبل يومين، فلأقول لك ان عصابات الاسد، فشلت في تغيير خلية واحدة من دماغ كل منكما، لكن هذه الجراثيم المسماة كورونا نهشت جسديكما حتى الرحيل والعزاء، ان عقل كل منكما ما زال ينبض حتى تجد حلاً جذرياً للخلاص الشعبي والوطني والاخلاقي من الاسد وعصاباته
آه يا ابا خالد، لو كنت وحدك مقاتلاً آل الاسد لحق على العروبة وسورية والضمائر الحية ان تشهد انك على حق، يا حاملاً بالقلم والصوت واللهجة الحلبية المحببة، اوجاع عشرين مليون سوري، دمر آل الاسد بلادهم، وشرد منهم نصفهم واختطف منهم نصف مليون وقتل مثلهم.
ابو خالد الحبيب… لن اسمع صوتك بعد الآن عبر الهاتف اثناء تمشايتي اليومية نتناقش نتناقض نتكامل نملأ الفضاء ضحكاً واحلاماً ونجول في قضايا العالم… نبدأ في سوريا ثم نعود اليها
لن اراك بعد الآن، لا في بيروت او شحتول او القاهرة او اسطنبول.. لم يعد مهماً انتظار انتهاء كابوس كورونا، فما عاد المانع هو مرض او مسافات او حجر… لقد اصبحت الموانع هي المسافات البعيدة بين الحياة والموت… بين الكلام والصمت… بين السماء والارض.
اهكذا تقرر يا ابا خالد، ان تستسلم امام كورونا وما عهدتك مستسلماً، امام اي غدار خبيث لئيم من صنف البشر؟
محمد خليفة، يا من كنت نصف “الشراع”، وانت رئيس تحرير القسم الثقافي و”مجلة مصر”، داخل “الشراع”، الغزير في كتابة المواضيع السياسية والتحقيقات واجراء الحوارات، ما زلت اتخيل وقوفك رمحاً، ويدك المصافحة كفّ عصب حب ومودة تشد به من يلاقيك.
ما زلت اتخيلك يا ابا خالد، راكعا ساجداً لله، وانت تبتغي في صلاتك الوسط، بين الجهر بها والخفوت.
ما زلت اتخيلك، تقرأ الشعر، كما تسر بمعلومة كما تظهر الود، وما سمعت على لسانك يوماً اي عيب.
عندما كان يسألني الناس عن شرف الصداقة اقول محمد خليفة.
وعندما كان يسألني الناس عن شرف المهنة اقول محمد خليفة.
ومحمد خليفة، هو حبيبي واخي وصديقي، وهيهات ان افيك حقك ايها الإنسان النبيل.
اعذرني يا ابو خالد، انني ما عدت قادراً على المتابعة في الكتابة عنك، وقد تجمدت عروقي كما تعبت يدي، وشلّ عقلي، وبت احتاج الى صمت المكان، علّه يشاركني الحزن على صمتك عنا.
محمد خليفة… شهيدًا بإذن الله
كتب د. مخلص الصيادي…
محمد خليفة/ أبو خالد، المناضل والكاتب والصحفي، أحدث اخوتنا الذين تغوّل عليهم فيروس كورونا، فأخرجهم من الحياة الدنيا إلى دار البقاء. واستطاع بهذا التغول أن ينجز ما لم تستطع انجازه أنظمة الظلم والطغيان في سوريا وفي غير سوريا
والذي ينظر في مسار حياة وعطاء أبي خالد، سيكتشف بسرعة أن طعنة كورونا، لم تكن إلا الطعنة الأخيرة التي وجهت إلى هذا الرجل المفعم بالحيوية والعطاء، بعد أن أثخنت تلك الأنظمة وأجهزتها في طعنه وملاحقته، فأنهكته حتى كأنها لم تبق له مكانا آمنا يأوي مطمئنا إليه
هذا الصحافي والمثقف المجد، كان واحدا من أبناء التيار الناصري، الذين عاشوا هذا الانتماء بكل جوارحهم، وسخروا في خدمته كل امكاناتهم. وقد حرص بالقلم الذي امتلك ناصيته أن يجلي انتماءه الناصري بالحركة وبالقلم، منذ أن كان يافعا في حلب، فكان إلى جانب فلسطين بكل تجلياتها المقدسة من دون تحفظ، ومن دون هوادة، كان مدافعا عن المقاومة في لبنان حين كانت هناك، وكان مع الانتفاضات الفلسطينية، ومع كل اشكال النضال الفلسطيني، كما كان ضد كل الاتفاقات التي فرطت وتفرط بالحق الفلسطيني، وبقي دائما يتنسم روح الوحدة والانتماء القومي العربي أينما وجدها، نضاليا أو سياسيا أو مهنيا
وحينما التقى أحمد بن بيلا في فرنسا أولا، ثم في سويسرا في ثمانينيات القرن الماضي ومطلع التسعينيات، كان يشعر بأنه التقى بالأيقونة القومية التي عزّ نظيرها بعد رحيل رجلها الأول جمال عبد الناصر، لذلك حرص على صوغ علاقة مميزة مع “سي أحمد”، ووضع خلاصة حواراته مع علم الثورة الجزائرية وزعيمها في كتاب، وحين رشحه بن بيلا لرئاسة تحرير مطبوعته “البديل”، من باريس، – وكانت هذه المطبوعة، جزءا من تصور لعمل سياسي على ساحة الجزائرية – اعتبر ذلك تكليفا سياسيا جهاديا قبل أن يكون عملا مهنيا، وهو حينها كان صحافيا مراسلا لمجلة “الشراع” اللبنانية التي بدأ حياته الصحفية فيها، وفيها استمر
ومن موقعه في أوروبا، تابع بقلمه مجازر الصرب في البوسنة والهرسك، ووضع المسلمين في البلقان، وفي ما كان يُعرف سابقا بـ”يوغسلافيا”، وجمع نتاج قلمه المرهف في كتابه الخاص عن المسلمين في البلقان وواقعهم ومأساتهم
ومحمد، شأنه شأن الناصريين السوريين جميعا، كان يقف من النظام السوري ومنذ البداية موقف من يعرف خطورة النظام الطائفي المستبد والفاسد، لذلك آل على نفسه أن يوظف قلمه لنصرة النضال ضدّ هذا النظام، حتى إذا بدأ الحراك الثوري في سوريا، كان في مكانه الطبيعي نصرة لثورة شعبه في مواجهة هذا النظام
مبكرا، اضطر الراحل الى الانتقال إلى لبنان، وعمل في مجلة “الشراع” مسؤولا عن القسم الثقافي، وعن “مجلة مصر”، وهي جزء من “الشراع”، كانت في حينها تجليا من تجليات الموقف القومي المناهض لاتفاقات كامب ديفيد
وفي لبنان، اكتشف “أبو خالد”، وعايش على مدى سنوات أوجها جديدة ومقيتة من ممارسات النظام السوري، وحين انتقل الى اليونان عقب الاجتياح الإسرائيلي، ومن ثم باريس، قبل ان يستقر ويتحصل على الجنسية السويدية، كان قد امتلك شعورا راسخا وعميقا بحجم الطغيان والاستبداد الذي يتحكم بحياة المواطن العربي ويلاحقه في كل مكان، في وطنه ابتداء وفي بلاد الهجرة حتى لو نال جنسية هذه البلاد. وكان يلمس حقيقة أن النظم العربية على اختلاف شعاراتها ومواقفها، تملك فيما بينها فهما أمنيا واحدا، وتنسيقا أمنيا يتجاوز كل الخلافات، وتعاونا لا تهاون فيه، يطال كل الشرفاء داخل الوطن وخارجه
وفي كل مكان حلّ به، كان إحساسه بالقهر وعدم الأمان حقيقي ومؤلم. وكان حنينه إلى سوريا وإلى حلب طاغ، فحلب عنده ليست فقط مسقط الرأس ومرتع الطفولة والصبا، وإنما هي فوق ذلك وبعد ذلك، أيقونة النضال القومي، والانتماء الوحدوي، في سوريا اجتماعيا وسياسيا ونضاليا
رحم الله أبا خالد، عاش مهاجرا على اضطرار، وأنهكه المرض مبكرا، واختطفه فيروس كورونا كما اختطف العديد من أحبائنا في أحرج الأوقات
اللهم اقبله في زمرة الشهداء، واجعل مقامه في عليين، واجمعنا معه ومع من سبقه من إخوتنا في الصالحين، إنك أنت العليم الكريم
هاجر إلى العديد من عواصم العالم
حاملًا قضية وطنه عاضًا عليها بالنواجذ
كتب د. علي ابراهيم…
تلقينا بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، رحيل الأخ الصديق والمناضل الجسور الأستاذ محمد خليفة، في وقت نحن والأمة العربية ووطنه الصغير – سوريا – في أشد الحاجة إلى قلمه وفكره ورؤيته الثاقبة، الدالة الى طريق الجمع العربي والتوحد والتشابك النضالي من المحيط إلى الخليج
لقد تعرفت عليه في بداية ثمانينات القرن الماضي في أثينا، حيث جاءها لاجئا، بعد أن قام بدوره النضالي المشهود في بيروت، مناصرا للقضية الفلسطينية، ومضحيا بروحه قبل مستقبله. وجدت فيه تجردا وصدقا وشفافية، لا تجدها إلا عند أصحاب الرسالات والهمم العالية، كان عقله متعلقا دائما بمسيرة الشعوب العربية، نحو التقدم والانعتاق من الأنظمة البالية التى كانت تحكم قبضتها على نواصي الأمور في معظم الدول العربية، وكان همه يتجاوزها إلى حركات التحرر في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وكانت له صداقات وعلاقات جمة مع كثير من قادة تلك الحركات. كانت داره بمثابة منتدى للفكر والسياسة والأدب والثقافة
كان رفيقا أمينا للمناضل الخالد الرئيس الجزائري أحمد بن بلة، وسطر له عبر حوار معرفي – صدر في كتاب – رؤيته الفكرية عن الإسلام والعروبة، بعد تجربته العميقة مع السجن والإعتقال، وأصبح يده اليمنى، وتولي رئاسة صحيفته باللغة العربية والفرنسية ردحًا من الزمن
تنقل وهاجر إلى العديد من عواصم العالم، يحمل معه قضية وطنه الأم في حناياه، عاضًا عليها بالنواجذ، عانى الأمرين فى سبيلها، بمعناة وعذاب في الروح والجسد، وحمل قدره في صبر ويقين وسمو وهذا هو ديدن المناضلين الشرفاء فلم ينكسر أو يلين أمام كل الضغوطات والإغراءات
كانت فترة غربته الأخيرة في السويد، أشدها قسوة وإيلاما، لما وجده من تعسّف وظلم من وطنه الثاني، ولما لحق بوطنه الأم من حروب ومآسي، إشتركت فيها معظم القوي الإقليمية والدولية، وكانت ضحيتها الوطن بكل قيمه وموروثاته، بعد أن هتك النسيج الاجتماعي بحروب أهلية، أفقدت البلاد أمنها وإستقلالها، وفرقت بين أعضاء الجسم الواحد، فحمل الفقيد لواء التذكير والتوضيح لحال بلاده في كل المحافل الإعلامية والسياسية. وكان حتى آخر لحظة في حياته، يقود تلك المعارك بجسارة ومسؤولية. رحل وترك فراغا على المستوى الوطني والقومي يصعب سده
رحمه الله رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين، وإنا لله وإنا إليه راجعون. والتعازي والمواساة لأسرته وأصدقائه ورفاقه
عرفته كاتبًا موسوعيًا عربيًا
ذا خبرة كبيرة وعلاقات قومية متنوعة
كتب عبد الناصر طه…
تتساقط حبات العقد، واحدة تلو أخرى، في المنافي على وجه الخصوص، ويكبر حجم المسؤولية على باقي المناضلين، لما للغائبين من فاعلية وتأثير على مدى عقود من الزمن خلت، والوطن الجريح يستصرخ أبناءه، علاجا ووقفا للنزيف الجاري منذ عام 2011 م
خسارتنا اليوم أكبر من أن تعوّض، فالفقيد هامة نضالية معرفية وثقافية تجاوزت الإقليم، كاتب وصحافي وشاعر وأديب، ملتزم قضايا أمتنا العربية، مكافح من أجل فكرة الوحدة العربية
كتبنا في “الشراع” منذ انطلاقتها، وكانت معرفتي الأولى به في بلدة المرج (اللبنانية البقاعية)، بعد خروجه مباشرة من بيروت، بعدما احتلتها قوات العدو الصهيوني عام 1982، وعرفته مثالا ناصريًا مجتهدا ناهلا للمعرفة؛ إلى أن اجتمعنا ثانية في رحاب موقع “المدارنت”، بحثا عن فضاء أرحب للخطاب العربي الحر، بعيدا عن ارتهان القلم، واعتمادا على إمكانات ذاتية، لمجموعة من المؤمنين بالعروبة، فكان في طليعة الكتّاب المساهمين، في نشر الوعي القومي العربي، وفي القاء الضوء على قضايا الأمة الكبرى
الحزن يغمرنا، ونحن نرى الراحلين يودعون واحدًا تلو الآخر، ولا حيلة لنا أمام وباء كورونا اللعين، إلا الدعاء بالرحمة والمغفرة لموتانا، وبالسلامة والشفاء العاجل للمصابين والمرضى
رحمه الله، كان كاتبًا موسوعيًا عربيًا، ذا خبرة كبيرة وعلاقات قومية متنوعة، وتميز بخلق كريم وتواضع شديد وسعة دائرة صداقاته
كتب عثمان ادريس…
أحقًا انتقل الي رحمة مولاه الأستاذ محمد خليفه؟! لا حول ولا قوة إلا بالله، وانا لله وانا إليه راجعون، هذه دار الفناء، وانت ذهبت الي دار البقاء، الي يوم النشور، يوم ينفخ في الصور، ويقوم الناس الى رب العالمين، كل يحمل كتابه، يوم لا ينفع مال، ولا بنين، يصطفون علي الصراط المستقيم، لا ملوك ولا رؤساء ولا زعماء ولا وزراء، يأتون عبيدًا لرب العالمين، الذي لايظلم عنده احد
لقد كنت صادقا مع نفسك ومبدأك، مخلصا لشعبك وامتك والانسانية جمعاء، تحملت الكثير من اجل شعبك وامتك، نم قرير العين في مرقدك، حملت الرسالة واديت الامانه، ويحملها من بعدك اخوتك ورفاق دربك وتلاميذك، وكل من يعرف فضلك من شعبك وامتك، وهم كثر، ربطهم رباط الامة في محنتها وهوانها، التي تكالبت عليها الامم، واستباحت ارضها وتاريخها يوم تسلط عليها اقزامها، ونحروا شرفها وارثها، وباعوها بثمن بخس، لاباطرة القرن، ويتناسون قبر خالد بن الوليد، المُسجّى في أرض الشام، وجسده لم يبقَ فيه مكان إلا مطعون أو مجروح
نسأل الله، ان يصبّر اهل بيتك واسرتك، وكل رفاقك، على انتظار الوطن، وأرض الله الواسعة، ولاحول ولا قوة إلا بالله، ولا نقول إلّا ما يرضي الله
كتب د. فضيل حمود…
كنا نسمع عن الأستاذ محمد خليفة، ونقرأ له منذ عقود، إلى أن تعرفنا عليه عن قرب منذ اندلاع الإنتفاضات الشعبية العربية بداية عام 2011، حيث جمعتنا نشاطات ومبادرات متنوعة في خضم هذه الإنتفاضات، مواكبة وداعمة لها بطرق ومجالات متعددة
زخر محمد خليفة الكبير والمتنوع في الصحافة والكتابة والبحوث والشعر لم يكن من ناحية، إلا خدمة لايمانه ونضاله في القضايا العربية المحقة والعادلة، ومن ناحية أخرى، مكمل وإمتداد لنشاطه العملي الفعلي السياسي والتغييري التقدمي، ليس فقط في وطنه سوريا، إنما في كل بلدان عالمنا العربي. بالإضافة الى الصدق والتفاني، كل ذلك، اجتمع في شخصية المناضل المخضرم من حلب الشهباء محمد خليفة، ما يستحق لقب مثقف عضوي، كما عرّفه المفكر الإيطالي اليساري غرامشي، يضاف إليه بالتأكيد صفة العروبي
من الصعب جدآ الحديث الآن عن مسيرة المرحوم محمد خليفة، وحجم المعاناة والظلم الذي تعرّض له طوال حياته، وعن ثقافته الشمولية العميقة والملتزمة، وعن تجربته النضالية؛ سأكتفي بالقول: أني شخصيًا، تلميذ تعلم منه الكثير في كل هذه المجالات
كان رجلاً في زمن عزّ فيه الرجال
كتب أحمد مضر صقال…
رحمك الله يا ابا خالد
لقد كنت رجلا في زمن عز فيه الرجال
و فكرا نيرا في زمن ارتهن فيه الفكر
وروحا حرة في وقت ندر فيه الاحرار
من دون تبجح ولا تكبر ولا تصنع
تذكرت اياما طيبة من الماضي البعيد ايام كنا نجتمع لنتبادل الافكار ونستمع الاشعار وندلي بارائنا حول الاشعار والافكار دونما كلفة او تحفظ
لا احد وصي على احد ولا احد يرفض الاخر و لو اختلفنا في الاراء فكل يحترم راي الاخر ويوده ويحبه في الله
جمعنا الادب والشعر ولكن جمعنا قبل ذلك الاحترام المتبادل والوفاء للخلق والعمل لمصلحة الوطن والبشرية كل بطريقته وكل حسب رايه وتوجهه
ثم غادرت انت البلاد مضطرا وافترقنا عقودا من الزمان لاسمع منك من عدة سنوات نداء الاخاء والوفاء وجمعنا معا كرهنا للظلم والاستبداد والاستعباد
و كما فهمت منك
فقد اخترت انت الطريق الاصعب منذ ذلك الوقت وحتى الان و لم يكن عندك الا ايمانك بالله ثم ايمانك بمبادئك يسير بك في حياتك لتواجه الصعاب وتمشي في عباب هذه الحياة غير عابئ بالثمن الذي تدفعه في سبيل ذلك
كلمة واحدة سمعتها منك موخرا رسخت في ذهني بل جعلتني اعيد النظر في حياتي كلها وحري بكل من سمعها ان يفعل ذلك ويرى ان كان يستطيع ان يقول مثل ما قلته انت ”ان اجمل قصيدة كتبتها في حياتي على الاطلاق هي قصة حياتي”
ما كنت اظنني سابكي كالاطفال بعد وصولي الى مرحلة الكهولة ولكنني لم املك الا ذلك اليوم وانا اسمع نبأ رحيلك ولكنها ان شاء الله رحلة الى مكان افضل “في مقعد صدق عند مليك مقتدر ” فما عرفت عنك الا كل خير ولا خبرت منك الا كل حسن
تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضي الرب انا لفراقك يا ابا خالد لمحزونون وانا لله وانا اليه راجعون
و جمعنا الله بك في جنات الخلد ان شاء الله
وداعا أبا خالد..
كتب جمال حرب…
بحزن عميق، تلقيت نبأ وفاة المناضل العربي الصديق محمد خليفة، حيث كان ابا خالد رمزا وطنيا وداعما لثورات الربيع العربى، وخاصة الثورة السورية منذ انطلاقها، وحلمه كبير أن تحقق هذه الثورة الحرية والتحرر من كل قيود الظلم والاستبداد وتحقق الديموقراطية إلى سوريا الحرة الأبية
اما معرفتي بمحمد خليفة، تعود إلى بداية الثمانينات في إحدى مخيمات الإعداد الفكري في طرابلس الغرب, وانا حينها لا زلت شابا يافعا كله حماسا واندفعا للتضحية من أجل حياة أفضل لهذه الأمة المناضلة، وكان تأثير أبا خالد وآخرين من الاخوة العرب الناصريين، كبيرا على تكوين شخصيتي الوطنية والعربية، من خلال المناقشات والحوارات التي كانت تدار في الجلسات، التي تستمر لساعات طويلة، والتي يتم فيها طرح أفكار معرفية، وكان يجري من خلالها مسح شامل وكامل لكل قضايا وإشكاليات الحياة العربية المعاصرة، وكان أبا خالد يطرح علينا دائما الثورة، وأهمية التغيير لمواجهة قوى الهيمنة الشاملة، حيث تم تناول مسائل كثيرة عن عصر النهضة والإسلام والنظام العالمي والقومية العربية، وكانت الجلسات تتناول الحوار والمناقشة للصيغ العربية في التنمية، بالإضافة إلى سرد الأحداث الآنية عن القضايا العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين التي كانت القضية المركزية لكل الشباب العربي
بعد أن انتهت أعمال المخيم، انقطعت العلاقة الشخصية مع أبا خالد، وعادت العلاقة الى ارتباط معنوي جديد معه، عبر متابعتي لمقالاتة عبر مجلة “الشراع”، وبخاصة مقابلاته مع الثائر الكبير احمد بن بلا (رحمه الله)، وحديثة الشامل عن مجمل القضايا العربية، ومجددا مقالاته عبر موقع “المدارنت”، إلى أن زار الأخ محمد خليفة لبنان، منذ سنة تقريبا، والتقيت وبعض الاخوة به، في منزل الأخ محمد حمود، مدير تحرير موقع “المدارنت”، في بيروت، واستمرت الجلسة حوالي خمس ساعات، ومرّ الوقت من دون أن ندري، لسلاسة وصدق الرأي والرؤية عند ابا خالد، حيث تم خلال الجلسة، استعراض غالبية الاحداث في سائر البلدان العربية، وحالة الانهيار الشامل لكل المفاهيم، وتأثير ثورات الربيع العربي، وكانت هموم البلدان العربية طاغية على حديثنا
ترجل عاشق الحرية والعزاء في مسيرته المشرفة
كتب بديع أبو حلاوة… في موقع “ملتقى العروبيين”…
رحم الله، المناضل الوطني العربي محمد خليفة، الذي سنفتقده كثيرًا، وايماننا كبير أن الراية باقية مع المناضلين الاوفياء أمثاله، والله يرحمه ويغفر له ويجعل مأواه الجنة
الأخ الكبير محمد خليفه (أبا خالد) الصحفي والكاتب والشاعر في ذمة بارئه بعد ان كرس حياته لحركة التحرر العربية محذرا مما يحاك لامته ووطنه الكبير ترجل الفارس عاشق الحرية الأصيل الصادق بعد مسيرة نضال طويلة، امتدت لخمسة عقود متنقلا في عواصم العالم بعد شاردته عواصم العرب.
اكتحلت عيناه بانطلاقة ثورة الكرامة والحرية وأدرك منذ البداية بحسه الأصيل أن هذه الثورة هي دورة الالف عام في تاريخ العالم بعد غزو المغول.
أدرك الراحل الكبير أن ثورتنا يتيمة ، وأن حس الثوار كان أصدق من المنظرين عندما هتفوا (مالنا غيرك يا الله ). وان توافق عالميا على تدمير البلاد العربية وتهجير المكون الأكبر فيها وإعادة تشكيلها لصالح القوى الباغية، لم ييأس ولم يهن في مشواره الطويل بل ازدادت قناعته بانتصار الحرية للشعوب مهما طالت يد البغي والاستبداد.
وداعا يا ابا خالد الانسان وكل العزاء في مسيرتك المشرفة، وفكرك النيّر وفي جيل الشباب السوري الثائر الذي ادخل الفرحة في قلبك، أتذكر؟ كيف طال كبريائك لتحاور ماسح الأحذية ذلك الفتى الحوراني في شوارع بيروت عندما تقدم ليمسح حذائك تساله من اين انت؟ واجابك انا من درعا من الموجة الأولى في المعتقل لم اهرب لكن ابي ارسلني للعمل واساعد ابي ، تذكر عندما قلت له انا الذي سأمسح حذائك، هذه روحك الفياضة الملتحمة بضمير شعبك يا ابا خالد
كل العزاء لأسرتك الكريمة العريقة في النضال ولأبنائك وشقيقك عبد الرحيم وكل اخوانك ورفاق دربك في طريق الحرية غادرتنا يا ابا خالد في أسبوع افول نجوم عرفتهم وعرفوك ميشيل كيلو ،حبيب عيسى، تيسير حاج حسين وقبلهم الكثير، وعهد الثوار لكم جميعا ان طريقا سلكتموه سيبقى عامرا حتى تبلغ السكينة ارواحكم الزكية.
سلام عليك يوم ولدت ويوم حملت الرسالة، ويوم تبعث حيا، ولن نقول الا ما يرضي ربنا: انا لله وانا اليه راجعون.
إعداد محمّد حمّود * بعض المقالات نشرت بالتنسيق مع موقع “ملتقى العروبيين”