مقالات

ما هكذا يا نهمُ يُصنَع الخبزُ!

وليد حسين الخطيب/ لبنان

خاص “المدارنت”/ زحمة السير أمرٌ طبيعي وعادي في معظم الدول تقريبًا، وقد باتت هذه الظاهرة تُعرَف بـ”Rush hour” (ساعة الذروة). هذا في الدول المتقدّمة، حيث تتزايد أعداد السيارات بشكلٍ مطّرد، وهذا ما يسبّب اختناقات مرورية في الشوارع، خصوصًا في أوقات ذهاب الموظفين إلى أعمالهم ورجوعهم منها، الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالملل والتبرّم من هدر الوقت في الطرقات، والتأخر في الوصول إلى العمل في الوقت المناسب صباحًا، وفي الوصول إلى البيوت بعد انتهائه عصرًا. مع العلم أنّ الدول المتقدّمة منَظّمة، وإشارات السير فيها موجودة – ليست معطّلة أو مكسّرة أو مسروقة أو مقطوعة عنها الكهرباء كما في دول العالم الثالث، خصوصًا في بلدنا، وتعمل ليلًا نهارًا، وشرطة المرور على أهبة الاستعداد لتنظيم السير باستمرار…
من المؤكد أن ما سبق لا ينطبق على المكان الذي نعيش فيه إلا في جزئه الأول، وهو زحمة السير الخانقة لأتفه الأسباب، حيث باتت كل ساعة من ساعات النهار “Rush hour”.
أما ما نحن في صدده هنا، فهو مشكلة مستمرة وتتفاقم، إذ يطالعنا يوميًّا تكدُّس السيارات على “أتوستراد” خلدة/ صيدا، بسبب وجود فرع من سلسلة أفران في المحلّة، حيث إن أصحاب أو مؤسّسي هذه السلسلة شيّدوا مبنًى كبيرًا لصنع الخبز والحلويات وبيعها… ولم يفكّروا في مواقف السيارات التي كثيرًا ما يؤمّ أصحابها الفرن، فيركنونها على الأتوستراد، الأمر الذي يزيد الطين بلّة، خصوصًا في شهر رمضان الكريم. هم لم يفكروا – إذا أحسنّا الظنّ – أو أنّهم لا يريدون استحداث مواقف لأن هذا قد يكلّفهم أموالًا؛ وكأنّ الأرباح الطائلة التي يكدّسونها لا تكفيهم أو قد تنقص إن فعلوا ذلك، والأنكى من هذا كله أنّ أفرادًا من القوى الأمنية يقفون أمام الفرن لتنظيم دخول السيارات وخروجها من الموقف الذي يغصّ بالمركبات، الأمر الذي يجعلنا نطرح سؤالًا يكاد يكون إجابة في الوقت نفسه، هل يشارك أصحابَ هذه السلسة زعيمٌ أو مسؤول أو متنفّذ في الدولة ويستبيح المكان والطريق كما استحلّ وشركاءه في مواقعهم كل شيء في لبنان؟!

ليس كلامي هذا من باب الحسد ولا من باب كره الخير للغير… على العكس فأنا أحترم مَن يؤسِّس مشروعًا استثماريًّا يكون مورد رزق لكثير من الناس والعائلات، وأرفع له القبعة، وأكثر من هذا أنحني أمامه وأحيّيه… ولكن كلامي من باب التنبيه إلى مشكلة بات حلّها ملحًّا نتيجة تكدّس السيارات على “الأتوستراد”، وتأخير الناس عن وجهاتهم التي يقصدون. وهنا نقول في حقّ هؤلاء:
هنا سعت الأفران في أكل ربحها      فوائدُ قوم عند قوم خسائرُ..
وأنا هنا إذ أدين للمتنبي باعتذار لأنني استوحيت من بيته القائل:
بذا قضت الأيام مَاْ بَيْنَ أَهْلِهَاْ      مصائب قوم عند قوم فوائد..
وعدّلت فيه كي يستقيم المعنى بتقديم الفوائد على الخسائر، أسلّط الضوء على المشكلة المطروحة، حيث إن أرباح أصحاب المؤسسة المذكورة تعود بالضرر على المارّين من أمامها، فيخسرون الأعصاب والوقت والصحة…
ذكرت سابقًا أنّ كلامي من باب التنبيه إلى مشكلة بات حلّها ملحًّا، والحلّ يكون باستثمار أصحاب هذه المؤسسة قطعة أرض أو شرائها لجعلها مواقف للسيارات، بالتالي، تنتهي المشكلة. هذا الحل أو أي حلّ آخر، كان يجب أن يكون عند بدء بناء المشروع وحتى قبل ذلك عند رسم خرائطه. فالمنطق يقول أنني إذا أقدمت على أي عمل أو أي مشروع يجب أن أقدّم دراسة كافية ووافية له من جميع الجوانب. ولكن إذا كان هذا الأمر لم يعد في أيدينا، فتداركه فيها. هذا إذا أردنا إيجاد حلٍّ ناجع للحد من زحمة السير الخانقة في المكان الذي ذكرنا، لما تُسببه هذه الزحمة من مشكلات كثيرة سواء على الأتوستراد أم على السيارات، أو حتى على السائقين وعلى الذين معهم، لأنها تُسبب لهم التوتر الكبير والشعور بالانزعاج من البقاء وقتًا طويلًا في وضع الوقوف من دون أن تستطيع المركبات التحرّك نتيجة الزحمة الخانقة، حيث تضيق المسافة الآمنة بينها، الأمر الذي يؤدّي إلى حوادث سير باستمرار. وإضافة إلى كل ما ذكرنا، تؤدّي زحمة السير إلى تلوث السمع نتيجة الضوضاء الكبيرة الحاصلة والتلوث البيئي الناتج من عوادم السيارات. الحلول ليست مستحيلة إذا وُجِدَت النيّة والتصميم والإرادة، كي لا تكون الفائدة لشخص واحد أو لمجموعة أشخاص ويقع الضرر على شريحة كبيرة من الناس.
من هنا، نتوجّه إلى أصحاب هذه السلسلة من الأفران، بالسؤال الآتي: أنتم جعلتمونا نشارك في زحمة لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فهل ستشاركوننا أرباحكم؟!

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى