مقالات

ماذا بعد الرد الايراني؟!

صلاح تقي الدين/ لبنان

“المدارنت”/ بعد انتظار دام أكثر من أسبوعين، ردّت الجمهورية الاسلامية في إيران على القصف الذي استهدف مبنى قنصليتها في العاصمة السورية دمشق، من خلال إطلاق مئات المسيرات والصواريخ الباليستية على الكيان الصهيوني من دون الاستعانة “علناً” على الأقل، بأذرعها في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وإن كان الواقع يشي بأنها لجأت إلى ذلك.
لقد أعلن “الحرس الثوري” مساء السبت، إطلاق 185 مسيرة و110 صواريخ باليستية و36 صاروخاً من طراز “كروز” باتجاه “إسرائيل” التي اعترفت بهذه الأرقام، غير أن جيشها أوضح أنه تمكّن من تدمير جميع المسيرات، وجميع صواريخ كروز و103 صواريخ باليستية، ما يعني أن مجموع ما تمكنت به الصواريخ الايرانية من إصابة أهدافها في “اسرائيل” كان 7 صواريخ باليستية.
بغض النظر عن مدى الضرر الذي ألحقته إيران بالكيان الصهيوني بصواريخها السبعة، إلا أنها استعادت ما كانت على وشك خسارته وهو مصداقيتها في الرد على استهداف مباشر لأراضيها بعدما كانت هي وأذرعها في المنطقة قد صمّت آذان العالم بالقول انها “سترد في الوقت والزمان المناسبين”، فنفّذت “وعده الصادق”.
لكن الأسئلة التي رافقت عملية الانتقام الايراني كانت كثيرة بدءاً من التوقيت الذي كان معروفاً قبل الضربة بيومين، وجدوى استخدام المسيرات التي كان عليها قطع آلاف الكيلومترات قبل الوصول إلى “إسرائيل”، ثم اعلان طهران فجأة أن “العملية انتهت” متوعدة بالرد بصورة أقسى على “إسرائيل” إذا حاولت الرد على ما حصل.
يحاول بعض المشككين أن يلقي الاتهامات يميناً ويساراً من خلال القول إن مفاوضات إيرانية – أميركية دارت قبل تنفيذ الهجوم توصلت إلى تحديد “بضعة” أهداف “إسرائيلية” بموافقة أميركية – “إسرائيلية” وهو ما نفته إيران لكن من دون الكشف عما يمكن لها أن تكون قد حققته من ذلك، في حين يحاول البعض الآخر القول إن هذا هو فعلياً حجم إيران التي يمكن وصفها من خلال هذا الرد بأنها “نمر من ورق” لا أكثر ولا أقل.
لكن الواقعية السياسية تفرض الأخذ في الاعتبار الموقف “الاسرائيلي” وما إذا كانت هذه الضربة “النفسية” التي تلقاها الكيان الصهيوني ستزيد من جنون بنيامين نتنياهو وجنرالاته الذين قد يتجهون إلى الرد على “الهزيمة” النفسية التي لحقت بهم على الرغم من طلب الرئيس الأميركي جو بايدن من رئيس الحكومة “الاسرائيلية” عدم الرد، وما قد يترتب على الرد الاسرائيلي “إن حصل” من تداعيات ستصيب المنطقة بكاملها وتجعلها نقطة انطلاق حرب “كونية” لمّح إليها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
والاهتمام بالتداعيات يتركّز تحديداً على ما إذا كان المخطط “الاسرائيلي” لاقتحام رفح لا يزال قائماً، وما إذا كان الجنوب اللبناني سيشهد توسيعاً للعمليات “الاسرائيلية” وما هو الموقف الذي سيتخذه “حزب الله” تجاه هذا الأمر.
بالتأكيد فإن “حزب الله” قد اتخذ كل الاجراءات اللازمة لمواجهة الاعتداء “الاسرائيلي” إن توسع وأعدّ العدة لذلك، لكن الثمن سيكون باهظاً على لبنان بأكمله، فهل عليه في كل مرة أن يدفع ثمن الدخول في مغامرات عسكرية “محسوبة” ومن دون توافق داخلي على ذلك؟
وإذا كان الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، قد ربط التهدئة على جبهة الجنوب بوقف الحرب على غزة، فهل إذا اقتحم نتنياهو رفح وأنهى الوجود العسكري لحركة “حماس” كما يريد ليصل بعدها إلى وقف الحرب، ستقف الحرب على حدودنا الجنوبية؟
الأمور كلها لا توحي بالطمأنينة بالنسبة الى لبنان، فما بعد الهجوم الايراني على “إسرائيل” ليس كما قبله، وعلى الجميع حبس أنفاسه بانتظار معرفة ما سيكون الرد “الاسرائيلي” وما إذا كان الرئيس بايدن قادراً على كبح جنون نتنياهو.
المصدر: موقع “لبنان الكبير”

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى