مقالات

نواب “الثورة” والدور المفقود!

حبيب غندور/ لبنان

خاص “المدارنت”..
كما كلّ شيء في الحياة، لا بدّ لنا من وقفة، واعادة النظر والتقييم، عبر استحضار مرحلة الانتخابات النيابية، وقراءة نتائجها برويّة.
بعد أن مضت فترة على إعلان نتائج الإنتخابات، لا بدّ للكلام بصراحة، نعم، كان هناك فريق في الشارع اللبناني ضدّ خوض الانتخابات، وفريق آخر رأى أن لا بدّ من خوض هذه المعركة، وعدم السماح للمنظومة الحاكمة بالفوز بالتزكية. حصلت الانتخابات، ونجح من نجح، وفشل من فشل، ولكن فوز البعض، أدّى الى انقسام حاد في الشارع، المشرذم أصلًا، لأن من وصل بإسمه او معظمهم، حتى لا نظلم أحدًا، تبيّن بعد هذه الفترة، انهم يعملون من أجل مصالحهم الشخصية، وتأكد للجميع أن سعيهم كان من أجل تكريس أنفسهم كزعامات جديدة، تحلّ مكان مّن سبقوهم في المجلس النيابي، وتجلّى هذا الأمر، عبر الأداء العام، والأعمال التي يقوم البعض بها، والتي لا تختلف كثيرًا عمّن سبقهم، من ممارسات زبائنية، ومواقف سياسية اشبه بفقاعات الصابون الإعلامية، ليظهروا أمام الرأي العام وكأنهم يُنجزون الكثير.
وهنا، لا بدّ من الإشارة، والتأكيد أن الفكرة الاساس من وصول هؤلاء بنظر كثر منهم، ان “ثورة 17 تشرين 2019″،  وخلال عامين ونصف العام، لم تستطع فرز قيادة او مجلس قيادة موحد لهذه “الثورة”، وأن الذين انتخبوا بأصوات مئات الآلاف من “الثوار”، سيكونوا خير ممثلين لـ”الثورة”، ونقل أفكارها وتطلعاتها إلى داخل المجلس النيابي، ومنه يوحّدون الشارع حولها، لكن الظاهر ان بعض هؤلاء الذين وصولا على أكتاف “الثوّار”، ولكنهم تنكروا لكل الخطوات التي أسهمت في إيصالهم، علمّا أن الأصوات الانتقامية التي تدفقت الى اللوائح الإنتخابية ظاهريًا، عمل “ثوار” على حبكها، ولكن للأسف، خيطت هذه اللوائح بدفع من منصّات يدعمها “بنكرجية” جدد، ورجال أعمال، غالبيتهم في فيافي الإغتراب، وأن بعض ممثلي هذه المنصّات، وجوه عُرفت منذ فترة قصيرة في مراكز قيادية لبعض الاحزاب، التي لم تكلّ ولم تملّ من محاولة خطف “الثورة”، مثل “الكتائب اللبنانية” و”حزب القوات اللبنانية”، وغيرهما من أحزاب وتيارات سياسية أخرى.
كما أن جلوس بعض هؤلاء النواب الجدد المستحدثين على الكرسي، واستطيابه الشهرة عبر وسائل الإعلام، التي أصبحت شغلهم الشاغل، أسهما في توسيع الهوّة بين “الثوار” في الشارع، وأن غالبيتهم باتت ناطقة رسمية باسماء أحزابها الناشئة التي لا يتعدّى عديد منتسبيها الخمسين شخصًا، أو المئة في أحسن الحالات، ويتكلمون عن مجموعات لم يعد لها وجود منذ زمن طويل، واللافت المحزن، أنهم، وبدل تفرّغهم وانكباهبهم على فتح ملفات الهدر، وعرضها أمام الرأي العام، وفضح مّن يقفون خلفها، سكتوا، وتجاهلوها، على الرغم من تقديمها لهم على أطباق من فضة، من قبل اشخاص تعبوا وسعوا الى تسليط الضوء عليها، وبعض هذه الملفات، تمّ تقديم بلاغات وإخبارات بشأنها، وعلى هؤلاء فقط، متابعتها، وملاحقتها، بشراسة، وبكلّ جدّية، وتأجيج الشارع على خلفيتها، ولكنهم لم يفعلوا، بل ذهبوا الى الإعلان عن تقديمات وخدمات، وعن التسوّل على ظهر هذا الشعب، من دول الاغتراب والمغتربين، ولا نستبعد تدخل بعض الجهات “الماسونية”، التي كان لها إسهامات حاضرة وفاعلة في الانتخابات النيابية، وكانت سببًا رئيسيًا في فوزهم، والوصول الى المراكز يشغلونها اليوم.
قد يختلف بعض هؤلاء عن الموجودين سابقًا، وأنه ليس من المنظومة، ولم يسرق المال العام، ولكن تبقى هناك علامات إستفهام تلاحق هؤلاء في هذا الشأن، والأكيد بعد هذه الفترة القصيرة من الدور المَنوط بهم، ومن خلال متابعتنا لهم، ومراقبة أخبارهم وأداءهم وأعمالهم، ظهر أن غالبيتهم ماضية في إنضمامها الى المنظومة الجديدة في البلد، علمًا أنه لدينا وجوه سياسية لبنانية، حان وقت احالتها الى التقاعد، ولا بدّ من استبدالها بوجوه جديدة، قادرة على تمثيل الشارع “الثوري” بطريقة افضل.
وفي المحصلة النهائية، هذه كلمة حقّ تجاه الأصدقاء والمتابعين، علّها تحمل الرسالة اليهم، مع التأكيد، على أننا لسنا، ولن نكون كمؤيّدي ومريدي الاحزاب البالية، ولن نصفق لأحد، لأننا لسنا اغنامًا في قطعان، تلهث خلف زعامات جديدة، وليس على أعيننا غشاوة، فنحن نستطيع التمييز بين الغثّ والثمين، وعلى الرغم من صبرنا، وأحيانا تكذيب أنفسنا على أمل أن يتغيّر الأداء مع الوقت، تبقى الحقيقة المؤلمة واضحة، فـ”الثورة” خُطفت، ولكن الأهم، أننا لم ولن نيأس، ولن نصمت، وسنحاسب في كل يوم، وفي كلّ لحظة من الآن وصاعدًا.

 

المزيد

المدارنت / almadarnet.com

موقع إعلامي إلكتروني مستقل / مدير التحرير محمد حمّود

تعليق واحد

  1. الثورة لا تُركب ولا تُخطف . فالثائر على هذا الواقع المزري الذي يبدو لعنة على هذا الشعب اكثر منه قدراً، لن توقف ثورته الوطنية الصادقة النقية محاولات وأكاذيب مكشوفة لم تعد تنطلي على احد .هو مخاض لا بد منه ولن يصح الا تاصحيح

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى